الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلَّقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان.
قال أبو داود: هذا الحديث صحيحٌ (1).
قلنا: قد قال أحمد: حديث ركانة ليس بشيءٍ.
ز: قال أبو داود: سُئل أحمد عن حديث ركانة لا تثبته- أنه طلق امرأته البتَّة-؟ قال: لا، لأنَّ ابن إسحاق يرويه عن داود بن الحُصين عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ ركانة طلَّق امرأته ثلاثًا. وأهل المدينة يسمُّون الثلاث: البتَّة (2).
وقال أحمد بن أصرم: سئل أبو عبد الله عن حديث ركانة في البتَّة، قال: ليس بشيءٍ (3). ذكره أبو بكر في " الشافي " O.
*****
مسألة (660): لا يصحُّ طلاق المكره، ولا يمينه، ولا نكاحه
.
وقال أبو حنيفة: يصحُّ.
لنا حديثان وأثرٌ:
2822 -
الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سعد بن إبراهيم ثنا أبي عن محمَّد بن إسحاق قال: حدَّثني ثور بن يزيد الكلاعيُّ عن محمَّد بن
(1)"سنن الدارقطني": (4/ 33).
(2)
"مسائل أبي داود": (ص: 236 - رقم: 1129).
(3)
انظر: " الفتاوى " لابن تيمية: (33/ 86) و" بدائع الفوائد " لابن القيم: (4/ 120)
عبيد المكِّيِّ عن صفيَّة بنت عثمان بن شيبة عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق "(1).
[قال](2) ابن قتيبة: الإغلاق: الإكراه على الطلاق والعتاق، وهو من: غلقت الباب، كأنَّ المكره أغلق عليه حتَى يفعل.
ز: كذا فيه: (عن صفيَّة بنت عثمان بن شيبة)، والصواب: بنت شيبة بن عثمان.
وقد روى هذا الحديث: أبو داود عن عبيد الله بن سعد الزهريِّ عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه (3).
ومحمَّد بن عبيد هو: ابن أبي صالح، المكِّيُّ، سكن بيت المقدس، ضعَّفه أبو حاتم (4)، ووثَّقه ابن حِبَّان (5).
ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نُمَير عن محمَّد ابن إسحاق عن ثورٍ عن عبيد بن أبي صالح عن صفيَّة به (6).
كذا عنده، وهو وهمٌ، والصواب:(عن محمَّد بن عبيد).
ورواه الحاكم، وقال: على شرطهما (7).
(1)"المسند": (6/ 276).
(2)
زيادة استدركت من (ب).
(3)
"سنن أبي داود": (3/ 69 - 70 - رقم: 2187).
(4)
"الجرح والتعديل" لابنه: (8/ 10 - رقم: 37).
(5)
"الثقات": (7/ 371).
(6)
"سنن ابن ماجة": (1/ 660 - رقم: 2046).
(7)
كذا بالأصل، وفي (ب):(على شرط مسلم).
"المستدرك": (1/ 198) وفي مطبوعته: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه).
وهو خطأٌ من وجوه، منها: أنَّ محمَّدًا لم يرو له إلا أبو داود هذا الحديث، وعنده:(عن محمَّد بن عبيد بن صالح)، والصواب: ابن أبي صالح (1).
وقد رواه أيضًا من رواية نعيم بن حمَّاد عن أبي صفوان الأمويِّ عن ثور ابن يزيد عن صفيَّة من غير ذكر محمَّد (2)، ونعيم: له مناكير.
وقد فُسِّر الإغلاق بـ: الإكراه، كما تقدَّم.
وفُسِّر أيضًا بـ: الغضب، قال أبو داود: أظنه الغضب (3). وقد نص الإمام أحمد على هذا التفسير في رواية حنبل (4).
قال شيخنا: والصواب أنَّه يعمُّ الإكراه والغضب والجنون، وكلَّ أمر انغلق على صاحبه علمه وقصده، مأخوذٌ من: غلق الباب؛ بخلاف من علم ما يتكلَّم به وقصده وأراده، فإنَّه انفتح له بابه، ولم يغلق عليه، والله أعلم (5) O.
2823 -
الحديث الثاني: قال سعيد بن منصور: ثنا خالد بن عبد الله
عن هشام عن الحسن عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل عفا لكم عن ثلاث: عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهتم عليه "(6).
(1) في مطبوعة "المستدرك" على الصواب.
(2)
"المستدرك": (1/ 198).
(3)
"سنن أبي داود": (3/ 70 - رقم: 2187).
(4)
انظر: " زاد المعاد " لابن القيم: (3/ 566؛ 5/ 214)، و" الفروع " لابن مفلح:(5/ 365).
(5)
انظر: " زاد المعاد " لابن القيم: (5/ 215).
(6)
" سنن سعيد بن منصور ": (3/ 1/278 - رقم: 1145).
ز: هذا مرسلٌ، وقد رواه ابن عَدِيٍّ متصلاً، فقال:
2824 -
ثنا حذيفة بن الحسن التنيسيُّ ثنا أبو أميَّة محمَّد بن إبراهيم ثنا جعفر بن جسر بن فَرْقد حدَّثني أبي عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رفع الله عن هذه الأمة ثلاثًا: الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهوا (1) عليه ". قال الحسن: قولٌ باللسان، فأمَّا اليد فلا (2).
وجعفر وجسر: ضعيفان، وقال ابن عَدِيٍّ: البلاء من جعفر لا من جسر (3).
وقد روي نحو هذا من حديث أبي ذرٍّ وعقبة بن عامر وابن عبَّاس وابن عمر، وقد ذكرت أسانيدها والكلام عليها في موضع آخر، والله أعلم O.
وأمَّا الأثر:
2825 -
فرواه سعيد بن منصور، قال: ثنا إبراهيم بن قدامة بن إبراهيم الجُمَحِيُّ قال: سمعت أبي- قدامة بن إبراهيم-: أنَّ رجلاً على عهد عمر بن الخطَّاب تدلَّى يشتار عسلا، فأقبلت امرأته، فجلست على الحبل،
فقالت: لتطلقنَّها ثلاثًا، وإلا قطعت الحبل! فذكَّرها الله والإسلام، فأبت، فطلَّقها ثلاثًا، ثُمَّ خرج إلى عمر بن الخطَّاب، فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك، فليس هذا بطلاقٍ (4).
ز: هذا منقطعٌ، فإنَّ قدامة بن إبراهيم الجُمَحِيَّ لم يدرك عمرَ رضي
(1) في (ب): و"الكامل": (يكرهون).
(2)
"الكامل": (2/ 150 - رقم: 344) تحت ترجمة جعفر بن جسر.
(3)
"الكامل": (2/ 170 - رقم: 356) تحت ترجمة جسر بن فرقد.
(4)
" سنن سعيد بن منصور ": (1/ 3/274 - 275 - رقم: 1128).
الله عنه، إنَّما يروى عن: ابنه عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وغيرهما من المتأخرين O.
احتجُّوا بثلاثة أحاديث:
2826 -
الحديث الأوَّل: قال الترمذيُّ: حدَّثنا قتيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء عن ابن ماهك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ جدُّهنَّ جدٌ، وهزلهُنَّ جدٌّ: النكاج، والطلاق، والرجعة "(1).
قال المصنِّف: عطاء هو: ابن عجلان، متروك الحديث.
ز: هذا الذي قاله المؤلِّف خطأٌ، بل عطاء: ابن أبي رباح، أحد الأئمة.
وقد روى أبو داود (2) وابن ماجة (3) هذا الحديث من رواية عبد الرحمن ابن حبيب، وهو: ابن أردك، وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وأخرجه الحاكم، وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، وعبد الرحمن من ثقات المدنيين، ولم يخرجاه (4).
وقال النسائيُّ: عبد الرحمن منكر الحديث (5). وذكره ابن حِبَّان في "الثقات"(6).
(1)"الجامع": (2/ 476 - رقم: 1184).
(2)
"سنن أبي داود": (3/ 70 - رقم: 2188).
(3)
"سنن ابن ماجة": (1/ 658 - رقم: 2039).
(4)
"المستدرك": (2/ 198).
(5)
"تهذيب الكمال" للمزي: (17/ 53 - رقم: 3792).
(6)
" الثقات ": (7/ 77).
وقد رواه الحارثيُّ في " مسند أبي حنيفة " عن صالح عن الفضل بن العبَّاس عن محرز بن محمَّد عن الوليد بن مسلم عنه عن عطاء، ولا يثبت إلى الوليد.
ورواه البغويُّ عن جدِّه عن أبي معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عبادة بن الصامت بنحوه، مرفوعًا.
وإسماعيل: ضعيفٌ.
والحسن: لم يسمع من عبادة، والله أعلم O.
2827 -
الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: وأنا محمَّد بن عبد الأعلى ثنا مروان بن معاوية الفَزَارِيُّ عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزوميِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلُّ الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله ".
قال الترمذيُّ: لا نعرفه من حديث عكرمة بن خالد إلا من رواية عطاء، وهو ضعيف، ذاهب الحديث (1).
2828 -
الحديث الثالث: قال العُقيليُّ: حدَّثنا يحيى بن عثمان ثنا نُعيم ابن حمَّاد ثنا بقيَّة عن الغاز بن جبلة عن صفوان الأصم عن رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً كان نائمًا مع امرأته، ققامت فأخذت سكينًا، وجلست على صدره، ووضعت السكن على حلقه، وقالت له: طلِقني، أو لأذبحنَّك! فناشدها الله، فأبت، فطلَّقها ثلاثًا، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:" لا قيلولة في الطلاق "(2).
(1)"الجامع": (2/ 481 - رقم: 1191) وفيه: (لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وعطاء بن عجلان ضعبف، ذاهب الحديث).
(2)
"الضعفاء الكبير": (2/ 211 - رقم: 745).