الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجاهلية
(1)
. (ز)
59115 -
عن وهب بن مُنَبِّه، عن أخيه [همام بن مُنَبِّه]-من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار- في قوله:{وربك يخلق ما يشاء ويختار} ، قال: اختار مِن الغنم الضأن، ومِن الطير الحمام
(2)
. (ز)
59116 -
قال مقاتل بن سليمان: {ويختار} ، أي: للرسالة والنبوة مَن يشاء، فشاء جل جلاله أن يجعلها في النبي صلى الله عليه وسلم، وليست النبوة والرسالة بأيديهم، ولكنها بيد الله عز وجل
(3)
. (ز)
59117 -
قال يحيى بن سلّام: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} مِن خَلْقه للنبوة
(4)
[4985]. (ز)
{مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}
59118 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم قال سبحانه: {ما كان لهم الخيرة} مِن
[4985] أفادت الآثار الاختلاف في قوله تعالى: {ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشَآءُ ويَخْتارُ} على وجهين: أحدهما: أنّ المراد: {ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ} مِن خلقه، {ويَخْتارُ} مَن يشاء لطاعته. وهو معنى قول ابن عباس. والثاني: أنّ المراد: {ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ} من الخلق، {ويَخْتارُ} من يشاء لنبوته. وهو قول مقاتل، ويحيى بن سلام.
ورجَّحَ ابنُ جرير (18/ 299) الأولَ مستندًا إلى دلالة التاريخ، فقال:«كانوا -فيما ذُكِر عنهم- يختارون أموالهم، فيجعلونها لآلهتهم، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وربك -يا محمد- يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار للهداية والإيمان والعمل الصالح مِن خلقه ما هو في سابق علمه أنه خيرتهم، نظير ما كان من هؤلاء المشركين لآلهتهم خيار أموالهم، فكذلك اختياري لنفسي، واجتبائي لولايتي، واصطفائي لخدمتي وطاعتي، خيار مملكتي وخلقي» .
وزاد ابنُ عطية (6/ 605) وجهًا ثالثًا، فقال:«يحتمل أن يريد: ويختار الله تعالى الأديان والشرائع، وليس لهم الخيرة في أن يميلوا إلى الأصنام ونحوها في العبادة. ويؤيد هذا التأويلَ قولُه تعالى: {سبحان الله وتعالى عما يشركون}» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 18/ 299، وابن أبي حاتم 9/ 3001.
(2)
أخرجه الثعلبي 7/ 258.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 353.
(4)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 606.
أمرهم
(1)
. (ز)
59119 -
قال يحيى بن سلّام: {ما كان لهم الخيرة} أن يختاروا هم الأنبياءَ، فيبعثونهم، بل الله الذي اختار، وهو أعلم حيث يجعل رسالاته
(2)
[4986]. (ز)
[4986] اخْتُلِفَ في معنى {ما} في قوله تعالى: {ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ} على قولين: أحدهما: أنّها نافية. وهو قول الجمهور. والمعنى: ما كان للخلق على الله الخيرة. ويكون الوقف التام على هذا القول على قوله تعالى: {ويَخْتارُ} . والثاني: أنّها اسم موصول بمعنى: الذي، فيكون ذلك إثباتًا، والمعنى: ويختار للمؤمنين ما كان لهم فيه الخيرة. وعلى هذا القول لا يُوقَف على قوله تعالى: {ويَخْتارُ} .
ورجَّحَ ابنُ جرير (18/ 300 - 301 بتصرّف) الثاني مستندًا إلى لغة العرب، وقال: «فإن قال قائل: فإن كان الأمر كما وصفتَ مِن أن {ما} اسم منصوب بوقوع قوله: {يختار} عليها، فأين خبر كان؟
…
قيل: إنّ العرب تجعل لحروف الصفات إذا جاءت الأخبار بعدها أحيانًا أخبارًا، كفعلها بالأسماء إذا جاءت بعدها أخبارها
…
كقول القائل: كان عمرٌو أبوه قائمٌ. لاشكَّ أن» قائمًا «لو كان مكان الأب وكان الأب هو المتأخر بعده كان منصوبًا، فكذلك وجه رفع {الخيرة}، وهو خبر لـ {ما}» .
ورجَّحَ ابنُ كثير (10/ 479 بتصرّف) الأولَ مستندًا إلى النظائر، والسياق، وأقوال السلف، فقال:«قوله: {ماكان لهم الخيرة} نفيٌ على أصح القولين، كقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذ اقضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36]. [و] كما نقله ابن أبي حاتم عن ابن عباس وغيره أيضًا، فإن المقام في بيان انفراده تعالى بالخلق والتقدير والاختيار، وأنه لا نظير له في ذلك؛ ولهذا قال: {سبحان الله وتعالى عما يشركون} أي: من الأصنام والأنداد، التي لا تخلق ولا تختار شيئًا» .
وبنحوه قال ابنُ القيم (2/ 291).
وذَهَبَ ابنُ عطية (6/ 606) إلى وجه ثالث، فقال:«ويتَّجه عندي أن يكون {ما} مفعولة، إذا قدَّرنا {كان} تامة، أي: أنّ الله تعالى يختار كل كائن، ولا يكون شيء إلا بإذنه، وقوله تعالى: {لهم الخيرة} جملة مستأنفة، معناها: تعديد النعمة عليهم في اختيار الله تعالى لهم لو قبلوا وفهموا» . ولم يذكر مستندًا.
وانتَقَدَ ابنُ جرير (18/ 301) القولَ الأولَ؛ لدلالة أقوال السلف، ولغة العرب، والعقل، فقال:«هذا قول لا يخفى فسادُه على ذي حِجًا مِن وجوهٍ، لو لم يكن بخلافه لأهل التأويل قولٌ، فكيف والتأويل عمن ذكرنا بخلافه؟!» . ثم ذكر في أوجه فساد ذلك القول، ما ملخصه: 1 - أنّ مقتضى هذا القول نفي أن تكون لهم الخيرة فيما مضى قبل نزول هذه الآية، دون المستقبل. لقوله:«ما لهم الخيرة» ، ولم يقل:«ليس لهم الخيرة» ؛ ليكون نفيًا عن أن يكون ذلك لهم فيما قبل وفيما بعد. 2 - أنه غير جائز في الكلام أن يقال ابتداء: «ما كان لفلان الخيرة» ، ولَمّا يتقدم قبل ذلك كلام يقتضي ذلك. 3 - أن معنى {الخيرة} في هذا الموضع: إنما هو «الخِيرَة» ، وهو الشيء الذي يختار من البهائم، والأنعام، والرجال، والنساء، وليس بالاختيار.
وانتَقَدَ ابنُ عطية (6/ 605) اختيار ابن جرير للقول الثاني، فقال:«اعتذر الطبري عن الرفع الذي أجمع القراء عليه في قوله تعالى: {ما كان لهم الخيرةُ} بأقوالٍ لا تتحصل، وقد ردَّ الناس عليه في ذلك» .
وقال ابنُ كثير (10/ 479): «قد احتجَّ بهذا المسلك طائفةُ المعتزلة على وجوب مراعاة الأصلح» .
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 353.
(2)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 606.