الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61759 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق داود- قال: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها} قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب: انطلقي ننصرْ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت الشمال: إن الحُرَّة لا تسري بالليل. قال: فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصبا
(1)
. (ز)
61760 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها} ، قال: هم الملائكة
(2)
. (ز)
61761 -
عن يزيد بن رومان -من طريق ابن إسحاق- في قول الله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها} : والجنود: قريش، وغطفان، وبنو قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة
(3)
. (ز)
61762 -
قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} في الدفع عنكم؛ {إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ} من المشركين يعني: أبا سفيان بن حرب ومَن اتَّبعه، {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا} شديدة، {وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها} من الملائكة؛ ألف ملك، فيهم جبريل عليه السلام
(4)
. (ز)
61763 -
قال يحيى بن سلّام: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ} يعني: أبا سفيان وأصحابه، وهم الأحزاب
(5)
. (ز)
قصة الأحزاب
61764 -
عن عروة بن الزبير =
61765 -
وعبيد الله بن كعب بن مالك =
61766 -
ومحمد ابن شهاب الزهري =
61767 -
ومحمد بن كعب القرظي =
61768 -
وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعن غيرهم -من طريق محمد ابن إسحاق- {إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ}: أنه كان من حديث الخندق أنّ نفرًا من
(1)
أخرجه ابن جرير 19/ 25.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 113. وعلَّقه يحيى بن سلام 2/ 704.
(3)
أخرجه ابن جرير 19/ 29.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 476.
(5)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 703.
اليهود منهم: سلام بن أبي الحقيق النضري، وحيي بن أخطب النضري، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري، وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير، ونفر من بني وائل، وهم الذين حزَّبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ خرجوا حتى قدموا مكة على قريش، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنّا سنكون معكم عليه حتى نستأصله. فقال لهم قريش: يا معشر يهود، إنّكم أهل الكتاب الأول، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه. قال: فهم الذين أنزل الله فيهم: {ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ والطّاغُوتِ ويَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} إلى قوله: {وكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} [النساء: 51 - 55]. فلما قالوا ذلك لقريش سرَّهم ما قالوا، ونشطوا لما دعوهم له مِن حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا لذلك، واتَّعدوا له، ثم خرج أولئك النفر من اليهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأنّ قريشًا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا فيه، فأجابوهم، فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المُري في بني مُرة، ومشعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه مِن قومه من أشجع، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما اجتمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذَنَبِ نَقَمى
(1)
إلى جانب أُحد، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هنالك عسكره، والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء فرُفعوا في الآطام
(2)
، وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري حتى أتى كعب بن أسد القُرظي صاحب عَقْد بني قريظة وعهدهم، وكان قد وادَع
(1)
نَقَمى -بالتحريك والقصْر-: موضع من أعراض المدينة. معجم البلدان 5/ 300.
(2)
الآطام: الأبنية المرتفعة كالحصون. النهاية (أطم).
رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، وعاهَدَه على ذلك وعاقده، فلما سمع كعب بحيي بن أخطب أغلق دونه حصنه، فاستأذن عليه، فأبى أن يفتح له، فناداه حيي: يا كعب، افتح لي. قال: ويحك، يا حيي، إنك امرؤ مشئوم، إني قد عاهدت محمدًا، فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقًا. قال: ويحك، افتح لي أكلمك. قال: ما أنا بفاعل. قال: واللهِ، إن أغلقت دوني إلا تخوفت على جشيشتك
(1)
أن آكل معك منها. فأحفظ الرجل، ففتح له، فقال: يا كعب، جئتك بعِزِّ الدهر، وببحر طِمٍّ
(2)
؛ جئتك بقريش على قاداتها وساداتها، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قاداتها وساداتها حتى أنزلتهم بذنب نَقَمى إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني أن لا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدًا ومن معه. فقال له كعب بن أسد: جئتني -واللهِ- بذُلِّ الدهر، وبجهام
(3)
قد هراق ماؤه يرعد ويبرق ليس فيه شيء، فدعني ومحمدًا وما أنا عليه، فلم أرَ من محمد إلا صدقًا ووفاءً. فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب
(4)
حتى سمح له على أن أعطاهم عهدًا من الله وميثاقًا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدًا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان عليه فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وإلى المسلمين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس أحد بني الأشهل، وهو يومئذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة بن دليم أخي بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، وهو يومئذ سيد الخزرج، ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بلحارث بن الخزرج، وخوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف، فقال: «انطلقوا حتى تنظروا أحقٌّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقًّا فالحَنوا لي لَحْنًا
(5)
أعرفه، ولا تفتُّوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس». فخرجوا حتى أتوهم، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لا
(1)
الجشيش: أن تطحن الحنطة طحنًا جليلًا، ثم تنصب به القدر ويلقى عليها لحم أو تمر فيطبخ. اللسان (جشش).
(2)
طِمّ: طَمَّ الشيء إذا عَظُم، وطَمَّ الماء إذا كثُر، وهو طامٌّ. النهاية (طمم).
(3)
الجهام: السّحاب ليسَ فيه ماءٌ. النهاية (جهم).
(4)
الغارب: مقدم السنام، والذروة: أعلاه، أراد: أنه ما زال يخادعه ويتلطفه حتى أجابه. النهاية (غرب).
(5)
أي: أشِيروا إليَّ ولا تُفْصِحوا. النهاية (لحن).
عهد بيننا وبين محمد ولا عقد. فشاتمهم سعد بن عبادة وشاتموه، وكان رجلًا فيه حِدَّة، فقال له سعد بن معاذ: دع عنك مشاتمتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة. ثم أقبل سعد وسعد ومَن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّموا عليه، ثم قالوا: عُضَل والقارة، أي: كغدر عُضَل والقارة بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب الرجيع؛ خبيب بن عدي وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الله أكبر، أبشروا، يا معشر المسلمين» . وعَظُم عند ذلك البلاء، واشتد الخوف، وأتاهم عدوُّهم مِن فوقهم، ومِن أسفل منهم، حتى ظنُّ المسلمون كل ظنٍّ، ونجم النفاق مِن بعض المنافقين، حتى قال مُعَتِّب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف: كان محمد يعِدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدُنا لا يقدر أن يذهب إلى الغائط! وحتى قال أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث: يا رسول الله، إنّ بيوتنا لَعورة من العدو -وذلك عن مِلئٍ مِن رجال قومه-، فأذن لنا فلنرجع إلى دارنا، وإنها خارجة من المدينة. فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وعشرين ليلة قريبًا مِن شهر، ولم يكن بين القوم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار
(1)
. (ز)
61769 -
عن محمد بن شهاب الزهري -من طريق محمد ابن إسحاق- قال: لَمّا كان يوم الأحزاب حُصِر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بضع عشرة ليلة، حتى خلص إلى امرئ منهم الكربُ، وحتى قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم -كما قال ابن المسيب-:«اللهم، أنشدك عهدك ووعدك، اللهم، إنّك إن تشاء لا تُعبَد» . فبينا هم على ذلك أرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن بن بدر: «أرأيت إن جعلت لك ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك مِن غطفان، وتُخَذِّل بين الأحزاب؟» . فأرسل إليه عيينة: إن جعلتَ لي الشطرَ فعلتُ. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ، فقال:«إنِّي أرسلت إلى عيينة، فعرضت عليه أن أجعل له ثلث ثمركم ويرجع بمن معه مِن غطفان، ويُخَذِّل بين الأحزاب، فأبى إلا الشطر» . فقالا: يا رسول الله، إن كنت أُمِرْتَ بشيء فامض لأمر الله. قال:«لو كنت أُمِرت بشيء ما استأمرتُكما، ولكن هذا رأيٌ أعرضه عليكما» . قالا: فإنّا لا نرى أن تعطيهم إلا السيف. قال ابن أبي نجيح: قالا: فواللهِ، يا رسول الله لقد كان يمُرُّ في الجاهلية يجرُّ صَرمه في عام السنة حول المدينة
(1)
أخرجه ابن جرير 19/ 30 - 34، والبغوي في تفسيره 6/ 328 مطولًا. وتنظر الرواية بتمامها في سيرة ابن هشام: 3/ 219 - 227.
ما يُطيق أن يدخلها، أفالآن حين جاء الله بالإسلام نعطيهم ذلك؟! فنعمّا إذًا!. فبينما هم كذلك إذ جاءهم نُعيم بن مسعود الأشجعي، وكان يأمنه الفريقان جميعًا، وكان موادعًا، فقال: إنِّي كنت عند عيينة وأبي سفيان إذ جاءتهم رسلُ بني قريظة: أن اثبتوا، فإنا سنخالف المسلمين إلى بيضتهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«فلعلَّنا أمرناهم بذلك» . وكان نُعيمٌ رجلًا لا يكتم الحديث، فقام بكلمة النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء عمر، فقال: يا رسول الله، إن كان مِن أن يكون لأحد عليك فيه مقال النبي على الرجل، رُدّوه. فرَدّوه، فقال:«انظر الذي ذكرناه لك فلا تذكره لأحد» . فكأنّما أغراه به، فانطلق حتى أتى عيينة وأبا سفيان، فقال: هل سمعتم [محمدًا] يقول قولًا إلا كان حقًّا. قالوا: لا. قال: فإني لما ذكرت له شأن بني قريظة قال: فلعلنا أمرناهم بذلك. فقال أبو سفيان: سنُعلمكم ذلك إن كان مكرًا. فأرسل إلى بني قريظة: إنّكم قد أمرتمونا أن نثبت، وأنكم ستخالفون المسلمين إلى بيضتهم، فأعطونا بذلك رهينة. قالوا: إنها قد دخلت ليلةَ السبت، وإنّا لا نقضي في السبت شيئًا. قال أبو سفيان: أنتم في مكرٍ مِن بني قريظة، فارتحِلوا. فأرسل الله عليهم الريح، وقذف في قلوبهم الرعب، فأُطفأت نيرانهم، وقُطعت أرسان
(1)
خيولهم، وانطلقوا منهزمين من غير قتال، قال: فذلك حين قال الله تعالى: {وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا} . قال: فندب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه في طلبهم، فطلبوهم حتى بلغوا حمراء الأسد، ثم رجعوا، قال: فوضع النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنه لَأْمَتَه، واغتسل، واستجمر، فناداه جبريل: عذيرك مِن محارب؛ ألا أراك قد وضعت اللأمة ولم تضعها الملائكة. فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم فزعًا، فقال لأصحابه:«عزمت عليكم لا تصلوا صلاة العصر حتى تأتوا بني قريظة» . لم يُرد أن تدعوا الصلاة، فصَلَّوْا، وقالت طائفة: واللهِ، إنّا لَفي عزيمةِ النبي صلى الله عليه وسلم وما علينا بأسٌ. فَصَلِّت طائفة إيمانًا واحتسابًا، وتركت طائفة إيمانًا واحتسابًا، فلم يُعنِّف النبيُّ واحدًا من الفريقين، وخرج النبيُّ، فمرَّ بمجالس بينه وبين بني قريظة، فقال:«هل مرَّ بكم من أحد؟» . فقالوا: مرَّ علينا دِحية الكلبي، على بغلة شهباء، تحته قطيفة ديباج. فقال النبي:«ليس ذلك بدحية، ولكنه جبريل، أُرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم، ويقذف في قلوبهم الرعب» . قال: فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وأمر أصحابه أن يستروه
(1)
أرسان: جمع رسن، وهو الحبل. اللسان (رسن).