الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير السورة
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
(1)}
نزول الآية:
61592 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: إنّ أهل مكة -منهم الوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة- دَعَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى أن يرجع عن قوله، على أن يُعطوه شطر أموالهم، وخوَّفه المنافقون واليهود بالمدينة إن لم يرجع قتلوه؛ فأنزل الله:{يا أيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ولا تُطِعِ الكافِرِينَ والمُنافِقِينَ}
(1)
. (11/ 718)
61593 -
عن المسيب، عن شيخ من أهل الشام، قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدٌ مِن ثقيف، فطلبوا إليه أن يُمَتِّعَهم باللات والعزّى سنةً، وقالوا: لتعلم قريشٌ منزلتنا منك. فهمَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فأنزل الله تعالى: {يا أيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} الآيات
(2)
. (ز)
61594 -
قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ولا تُطِعِ الكافِرِينَ} من أهل مكة، {والمُنافِقِينَ} من أهل المدينة؛ ذلك أن عبد الله بن أُبَيّ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطُعْمَةَ بن أُبَيْرِقٍ، وهم المنافقون، كتبوا مع غلام لطُعْمَة إلى مشركي مكة من قريش: إلى أبي سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل، وأبي الأعور رأس الأحزاب، أن اقدُموا علينا، فسنكون لكم أعوانًا فيما تريدون، وإن شئتم مَكَرْنا بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى يتبع دينكم الذي أنتم عليه. فكتبوا إليهم: إنّا لن نأتيكم حتى تأخذوا العهد والميثاق من محمد، فإنا نخشى أن يغدر بنا، ثم نأتيكم فنقول وتقولون؛ لعله يتبع ديننا. فلما جاءهم الكتاب انطلق هؤلاء المنافقون حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أتيناك في أمر أبي سفيان بن حرب، وأبي الأعور، وعكرمة بن أبي جهل أن تعطيهم العهد والميثاق على دمائهم وأموالهم، فيأتون وتكلمهم؛ لعل إلهك يهدي قلوبهم. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وكان حريصًا على أن يؤمنوا؛ أعطاهم الأمان مِن نفسه، فكتب المنافقون إلى الكافرين من قريش: أنا قد اسْتَمْكَنّا
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن جرير، من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس به.
إسناده ضعيف جدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(2)
أخرجه الثعلبي في تفسيره 8/ 6.
من محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد أعطانا وإياكم الذي تريدون، فأقبلوا على اسم اللات والعزى؛ لعلنا نزيله إلى ما نهواه. ففرحوا بذلك، ثم ركب كل رجل منهم راحلة حتى أتوا المدينة، فلما دخلوا على عبد الله بن أُبَيّ أنزلهم، وأكرمهم ورحَّب بهم، وقال: أنا عند الذي يسُرُّكم، محمد أُذُنٌ، ولو قد سمع كلامنا وكلامَكم لعله لا يعصينا فيما نأمره، فأبشروا واستعينوا بآلهتكم عليه، فإنّها نعم العون لنا ولكم. فلما رأوا ذلك منه قالوا: أرسل إلى إخواننا. فأرسل عبد الله بن أُبي إلى طعمة وسعد: أن إخواننا من أهل مكة قدموا علينا، فلما أتاهم الرسول جاءوا، فرحبوا بهم، ولزم بعضهم بعضًا مِن الفرح وهم قيام، ثم جلسوا يرون أن يستنْزِلوا محمدًا صلى الله عليه وسلم عن دينه.
فقال عبد الله بن أُبَيّ: أمّا أنا فأقول له ما تسمعون، لا أعدو ذلك ولا أزيد، أقول: إنا -معشر الأنصار- لم نزل وإلهنا محمود بخير، ونحن اليوم أفضل منذ أرسل إلينا محمد، ونحن كل يوم منه في مزيد، ونحن نرجو بعد اليوم من إله محمد كل خير، ولكن لو شاء محمد قَبِل
(1)
أمرًا كان -يكون ما عاش- لنا وله ذِكْرٌ في الأولين الذين مضوا، ويذهب ذِكْرُه في الآخرين- على أن يقول: إنّ اللات والعزى لهما شفاعة يوم القيامة، ولهما ذكر ومنفعة على طاعتهما. هذا قولي له
…
قال أبو سفيان: نخشى علينا وعليكم الغدر والقتل، فإنّ محمدًا -زعموا- أنّه لن يُبقِي بها أحدًا مِنّا مِن شِدَّة بغضه إيّانا، وإنّا نخشى أن يكون يُضمِر لنا في نفسه ما كان لقي أصحابُه يوم أحد. قال عبد الله بن أُبَيّ: إنه إذا أعطى الأمان فإنه لن يغدر، هو أكرم من ذلك، وأوفى بالعهد مِنّا. فلما أصبحوا أتوه، فسلَّموا عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مرحبًا بأبي سفيان، اللهم، اهدِ قلبه. فقال أبو سفيان: اللهم، يَسِّر الذي هو خير. فجلسوا، فتكلموا وعبد الله بن أُبَيّ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ارفض ذكر اللات والعزة ومناة -حجر يُعبد بأرض هذيل-، وقل: إنّ لهما شفاعة ومنفعة في الآخرة لمن عبدهما. فنظر إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وشَقَّ عليه قولهم، فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي -يا رسول الله- في قتلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني قد أعطيتهم العهد والميثاق» .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو شعرت أنكم تأتون لهذا من الحديث لَما أعطيتهم الأمان» . فقال أبو سفيان: ما بأس بهذا أنّ قومًا استأنسوا إليك، يا محمد، ورجوا منك أمرًا، فأما إذا قطعت رجاءهم فإنه لا ينبغي لك أن تؤذيَهم، وعليك باللِّين والتؤدة لإخوانك
(1)
كذا أثبتها محقق المصدر ليستقيم المعنى، وذكر أنها ساقطة من إحدى النسخ المخطوطة، وفي نسختين أخريين:«ولب» . ومن معاني «ولب» دخل، كما في القاموس وشرحه.