الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ}
تفسير الآية:
61796 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ} ، قال: مُحِّصوا
(1)
. (11/ 749). (11/ 749)
61797 -
قال مقاتل بن سليمان: {هُنالِكَ} يعني: عند ذلك {ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ} بالقتال والحصر. لَمّا رأى الله عز وجل ما فيه المؤمنون مِن الجهد والضعف بعث عليهم ريحًا وجنودًا من الملائكة، فأطفأت الريحُ نيرانهم، وألقت أبنيتهم، وأكفأت قدورهم، ونزعت أوتادهم، ونسفت التراب في وجوههم، وجالت الدوابُّ بعضها في بعض، وسمعوا تكبير الملائكة في نواحي عسكرهم فرُعبوا، فقال طليحة بن خويلد الأسدي: إنّ محمدًا قد بدأكم بالشر؛ فالنجاة النجاة. فنادى رئيسُ كلِّ قوم بالرحيل، فانهزموا ليلًا بما اسْتَخَفُّوا مِن أمتعتهم، ورفضوا بعضها، لا يُبصِرون شيئًا مِن شدة الريح والظُّلْمَة، فانهزموا، فذلك قوله عز وجل:{ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ} بالريح والملائكة، {وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} يعني: منيعًا في مُلكِه حين هزمهم
(2)
. (ز)
{وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا
(11)}
61798 -
عن مجاهد بن جبر: {وزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا} حُرّكوا بالخوف
(3)
. (ز)
61799 -
قال يحيى بن سلّام: {وزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا} وأصابتهم الشِّدَّة
(4)
. (ز)
{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا
(12)}
نزول الآية:
61800 -
عن عمرو بن عوف المزني -من طريق عبد الله بن عمرو بن عوف- قال:
(1)
تفسير مجاهد (548)، وأخرجه ابن جرير 19/ 37. وعلَّقه يحيى بن سلام 2/ 705. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 477.
(3)
علقه يحيى بن سلام 2/ 705.
(4)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 705.
خطَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الخندقَ عام الأحزاب، فخرجت لنا مِن الخندق صخرةٌ بيضاءُ مُدَوَّرة، فكسرت حديدنا، وشقَّت علينا، فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ المِعْوَلَ مِن سلمان، فضرب الصخر ضربةً صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابَتَيِ المدينة، حتى لكأنّ مصباحًا في جوف ليل مظلم، فكبَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكبَّر المسلمون، ثم ضربها الثانية، فصدعها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبَّر صلى الله عليه وسلم، وكبَّر المسلمون، ثم ضربها الثالثة، فكسرها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبَّر، وكبر المسلمون، فسألناه، فقال:«أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أنّ أمتي ظاهِرةٌ عليها، وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشِروا بالنصر» . فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله، موعدٌ صادق بأن وعدنا النصر بعد الحصر. فطلعت الأحزاب، فقال المسلمون:{هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وما زادَهُمْ إلّا إيمانًا وتَسْلِيمًا} . وقال المنافقون: ألا تعجبون! يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل، يخبر أنه يُبْصِر مِن يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا! وأنزل القرآن:{وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا}
(1)
. (11/ 43)
61801 -
عن عروة بن الزبير -من طريق يزيد بن رومان- =
61802 -
ومحمد بن كعب القرظي -من طريق يزيد بن زياد- قالا: قال مُعَتِّب بن قُشَير: كأنّ محمدًا يرى أن يأكل مِن كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط! وقال أوس بن قَيْظيٍّ في مَلَأٍ مِن قومه مِن بني حارثة: إنّ بيوتنا عورة، وهي خارجة من المدينة، ائذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا وذرارينا. فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكرهم نعمته عليهم، وكفايته إيّاهم بعد سوء الظن منهم، ومقالة مَن قال مِن أهل النفاق:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها} فكانت الجنود قريشًا وغطفان
(1)
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4/ 62 - 63، والبيهقي في دلائل النبوة 3/ 418 - 420، وابن جرير 19/ 39 - 42. وأورده الثعلبي 3/ 40 - 41.
قال ابن كثير في البداية والنهاية 6/ 28: «وهذا حديث غريب» .
وبني قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة، {إذْ جاءُوكُمْ مِن فَوْقِكُمْ} بنو قريظة، {ومِن أسْفَلَ مِنكُمْ} قريش وغطفان. إلى قوله:{ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا} يقول: مُعَتِّب بن قُشَير وأصحابه، {وإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنهُمْ يا أهْلَ يَثْرِبَ} يقول: أوس بن قَيْظيّ ومَن كان معه على ذلك مِن قومه
(1)
. (11/ 745)
61803 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: قال المنافقون يوم الأحزاب حين رأوا الأحزاب قد اكتنفوهم مِن كل جانب، فكانوا في شكٍّ وريبة مِن أمر الله، قالوا: إنّ محمدًا كان يَعِدُنا فتحَ فارس والروم، وقد حُصِرنا هاهنا حتى ما يستطيع أحدُنا أن يبرز لحاجته. فأنزل الله:{وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا}
(2)
. (11/ 750)
61804 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ، قال: حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، واجتمعت قريش وكنانة وغطفان، فاستأجرهم أبو سفيان بِلَطِيمَة
(3)
قريش، فأقبلوا حتى نزلوا بفنائه، فنزلت قريش أسفل الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك، وظاهروهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بحضرة المدينة حفرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الخندقَ، فبينما هو يضرب فيه بمِعْوَله إذ وقع المِعْوَل في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب مِن نار في السماء، وضرب الثاني، فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمانُ، فقال له: يا رسول الله، قد رأيتُ خرج مِن كل ضربة كهيئة الشهاب فسطع إلى السماء! فقال:«قد رأيت ذلك؟» . فقال: نعم، يا رسول الله. قال:«يفتح لكم أبواب المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن» . قال: ففشا ذلك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فتحدثوا به، فقال رجل مِن الأنصار يدعى بَشير بن مُعتِّب: أيَعِدُنا محمد أن يفتح لنا مدائن اليمن وبيض المدائن وقصور الروم، وأحدُنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل؟! هذا -واللهِ- الغرور. فأنزل الله في هذا:{وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا}
(4)
. (11/ 750)
61805 -
قال مقاتل بن سليمان: {ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا} ، وذلك أنّ
(1)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 2/ 222، 245 - 246 - ، والبيهقي في الدلائل 3/ 435 - 436. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن جرير 19/ 38 - 39 بنحوه. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(3)
اللّطيمة: الجمال التي تحمل العطر والبَزَّ، غير المِيرة. النهاية (لطم).
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.