الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقذف الله في نفسها أن تتخذ له تابوتًا، ثم تقذف التابوت في اليمِّ، وهو النيل، فانطلقت إلى رجل نجّار مِن قوم فرعون، فاشترت منه تابوتًا صغيرًا، فقال لها النجار: ما تصنعين بهذا التابوت؟ قالت: ابنٌ لي أُخَبِّئه في التابوت. وكرِهَت الكذب، قال: ولم تقل: أخشى عليه كيد فرعون. فلمّا اشترت التابوت وحملته وانطلقت به انطلق النجار إلى الذبّاحين ليخبرهم بأمر أُمِّ موسى، فلما همَّ بالكلام أمسك الله لسانه؛ فلم يُطِق الكلام، وجعل يُشير بيده، فلم يَدْرِ الأُمَناءُ ما يقول، فلمّا أعياهم أمرُه قال كبيرُهم: اضربوه. فضربوه، وأخرجوه، فلما انتهى النجار إلى موضعه ردَّ الله عليه لسانه، فتكلم، فانطلق أيضًا يريد الأمناء، فأتاهم ليخبرهم، فأخذ الله لسانه وبصره؛ فلم يطق الكلام، ولم يُبصر شيئًا، فضربوه، وأخرجوه، فوقع في وادٍ يهوى فيه حيران، فجعل لله عليه إن ردَّ لسانه وبصره أن لا يدُلَّ عليه، وأن يكون معه يحفظه حيث ما كان، فعرف الله منه الصدق؛ فردَّ عليه لسانه وبصره؛ فخرَّ لله ساجدًا، فقال: يا ربِّ، دُلَّني على هذا العبد الصالح. فدلَّه الله عليه، فخرج من الوادي، فآمن به، وصدَّقه، وعلم أنّ ذلك مِن الله عز وجل
(1)
. (ز)
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ}
58154 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير-: فأوحى الله إليها أن: {لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} . فلمّا ولدت فعلت ذلك به، فلمّا تواري عنها ابنُها أتاها الشيطان، فقالت في نفسها: ما فعلتُ بابني؟! لو ذُبِح عندي فواريتُه وكفَّنتُه لَكان أحبَّ إلَيَّ مِن أن ألقيه بيدي إلى دوابِّ البحر وحيتانه. وانتهى الماءُ به حتى أرقأ به عند فُرْضَة
(2)
مستقى جواري امرأة فرعون، فلمّا رأينه أخذنه، فهَرَعْن أن يفتحن التابوت، فقال بعضهم: إنّ في هذا مالًا، وإنّا إن فتحناه لم تُصَدِّقنا امرأةُ الملك بما وجدنا فيه. فحملنه كهيئته لم يُحَرِّكْن منه شيئًا حتى رَفَعْنَه إليها، فلمّا فتحته رأتْ فيه غُلامًا، فأُلْقِي عليه منها محبة لم تلق منها على أحد مِن البشر قط
(3)
. (ز)
(1)
تفسير الثعلبي 7/ 234، وتفسير البغوي 6/ 191 - 192.
(2)
فُرْضَة النهر: ثُلْمَتُه التي منها يُسْتقى. اللسان (فرض).
(3)
أخرجه ابن جرير 16/ 64، وابن أبي حاتم 9/ 2943، وهو جزء من حديث الفتون الطويل المتقدم في سورة طه.
58155 -
عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِّيِّ - من طريق حي بن عبد الله- قال: إنّ الله أوحى إلى أم موسى حين وضعته: {أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} . فلما خافت عليه جعلته في التابوت، وجعلت المفتاح مع التابوت، وطرحته في البحر، وخرجت امرأة فرعون إلى البحر، وابنة لفرعون بَرْصاء، فرأوا سوادًا في البحر، فأُخرج التابوت إليهم، فبدرت ابنةُ فرعون وهي بَرْصاء إلى التابوت، ففتحته، فوجدت موسى في التابوت وهو مولود، فأخذَتْه، فبَرِئَتْ مِن بَرَصِها
(1)
. (11/ 428)
58156 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: فأقبل الموجُ بالتابوت، يرفعه مرة، ويخفضه أخرى، حتى أدخله عند بيت فرعون، فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يَغْتَسِلْن، فوَجَدْن التابوت، فأدخلنه إلى آسية، وظنَنَّ أنّ فيه مالًا، فلمّا تحرك الغلامُ رأته آسية صبيًّا، فلمّا نظرته آسيةُ وقعت عليه رحمتها، وأحَبَّتْه. فلمّا أخبرت به فرعونَ أراد أن يذبحه، فلم تزل آسيةُ تكلمه حتى تركه لها، وقال: إنِّي أخافُ أن يكون هذا مِن بني إسرائيل، وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكُنا
(2)
. (11/ 421)
58157 -
عن محمد بن قيس -من طريق أبي معشر- قال: كانت بنت فرعون بَرْصاء، فجاءت إلى النيل، فإذا التابوت في النيل تخفقه الأمواج، فأخذته بنتُ فرعون، فلمّا فتحت التابوت فإذا هي بصبيٍّ، فلما اطَّلَعَتْ في وجهه برِأَتْ مِن البَرَص، فجاءت به إلى أمها، فقالت: إنّ هذا الصبي مبارك، لما نظرتُ إليه برئتُ. فقال فرعون: هذا مِن صبيان بني إسرائيل، هَلُمَّ حتى أقتله. فقالت:{قرة عين لي ولك لا تقتلوه}
(3)
. (ز)
58158 -
قال مقاتل بن سليمان: {فالتقطه آل فرعون} مِن البحر مِن بين الماء والشجر، وهو في التابوت، فمِن ثَمَّ سُمِّي: موسى، بلغة القبط الماء: مو، والشجر: سى، فسموه: موسى
(4)
. (ز)
58159 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: أصبح فرعونُ في مجلسٍ له كان يجلسه على شفير النِّيل كلَّ غداة، فبينما هو جالس إذ مرَّ النيلُ بالتابوت يقذف به، وآسية بنت مزاحم امرأته جالسة إلى جنبه، فقالت: إنّ هذا لَشيء في
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2941 - 2943.
(2)
أخرجه ابن جرير 1/ 666 مختصرًا، 18/ 159 - 160، وابن أبي حاتم 9/ 2945 مختصرًا.
(3)
أخرجه ابن جرير 18/ 160.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 337.