الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقدر على البعث، {الحَكِيمُ} في أمره حُكْم البعث
(1)
. (ز)
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
(28)}
نزول الآية:
60560 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: كان يُلَبِّي أهلُ الشرك: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكُه وما ملَك. فأنزل الله:{هَلْ لَكُمْ مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ مِن شُرَكاءَ}
(2)
. (11/ 598)
60561 -
قال مقاتل بن سليمان: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ} نزلت في كفار قريش، وذلك أنهم كانوا يقولون في إحرامهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكُه وما ملَك. فقال تعالى:{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أنْفُسَكُمْ} . فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لا. قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أفتَرْضَون لله عز وجل الشركة في ملكه، وتكرهون الشرك في أموالكم؟! فسكتوا، ولم يجيبوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم. «إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك» يعنون: الملائكة. قال: فكما لا تخافون أن يرثكم عبيدكم، فكذلك ليس لله عز وجل شريك
(3)
. (ز)
تفسير الآية:
60562 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- في قوله: {هَلْ لَكُمْ مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ} ، قال: هي في الآلهة، وفيه يقول: تخافونهم أن يرِثوكم كما يَرِث بعضُكم بعضًا
(4)
. (11/ 598)
60563 -
قال أبو مجلز لاحق بن حميد -من طريق عمران-: إنّ مملوكك لا تخافُ
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 411.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير 12/ 20 (12348)، وفي الأوسط 8/ 45 (7910).
قال الطبراني في الأوسط: «لا يروي هذا الحديثَ عن حبيب إلا حمادُ بنُ شعيب» . وقال الهيثمي في المجمع 3/ 223 (5363): «وفيه حماد بن شعيب، وهو ضعيف» .
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 412 - 413.
(4)
أخرجه ابن جرير 18/ 490.
أن يُقاسِمَك مالك، وليس له ذلك، كذلك الله لا شريك له
(1)
[5103]. (ز)
60564 -
عن طلحة بن عمرو: أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أنْفُسَكُمْ} ، قال: هل أنت -يا ابن آدم- مشركٌ شيئًا مما خَوَّلتُك في شيء مما رزقتُك، لا تنفق منه شيئًا إلا بعلمه، تخاف أن تنفق شيئًا منه إلا بعلمه؟! فقلتُ: لا أشرك عبدي في شيء مما رزقتني. قال: فربُّ العالمين تبارك وتعالى يأبى ذلك على ما خَوَّلك وتريده أنت -يا ابن آدم- منه
(2)
. (ز)
60565 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {ضَرَبَ لَكُمْ} ، قال: هذا مَثَلٌ ضربه الله لِمَن عدل به شيئًا مِن خلقه، يقول: أكان أحدٌ مِنكم مُشارِكًا مملوكَه في ماله ونفسه وزوجته، فكذلك لا يرضى اللهُ تعالى أن يعدل به أحدٌ مِن خلقه
(3)
. (11/ 598)
60566 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ} ، قال: هذا مثل ضُرِب للمشركين، يقول: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ هَلْ
[5103] اختلف في معنى: {تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أنْفُسَكُمْ} في هذه الآية على قولين: الأول: تخافون هؤلاء الشركاء مما ملكت أيمانكم أن يرثوكم أموالكم كما يرث بعضكم بعضًا. الثاني: تخافون أن يُقاسِموا أموالكم كما يُقاسِم بعضكم بعضًا.
ورجَّح ابنُ جرير (18/ 491) مستندًا إلى ظاهر الآية ودلالة العقل القولَ الثاني، وهو قول أبي مجلز، وعلَّل ذلك بقوله:«وذلك أن الله -جلَّ ثناؤه- وبَّخ هؤلاء المشركين في الذين جعلوا له مِن خلقه آلهةً يعبدونها، وأشركوهم في عبادتهم إيّاه، وهم مع ذلك يُقِرُّون بأنها خَلْقُه وهم عبيده، وعيَّرهم بفعلهم ذلك، فقال لهم: هل لكم من عبيدكم شركاء فيما خوَّلناكم من نعمنا، فهم سواءٌ وأنتم في ذلك، تخافون أن يقاسموكم ذلك المال الذي هو بينكم وبينهم، كخيفة بعضكم بعضًا أن يقاسمه ما بينه وبينه من المال شركةً؟! فالخيفة التي ذكرها -تعالى ذِكْرُه- بأن تكون خيفة مما يخاف الشريك من مقاسمة شريكه المال الذي بينهما إياه، أشبه من أن تكون خيفة منه بأن يَرِثه؛ لأنّ ذِكْرَ الشركة لا يدل على خيفة الوراثة، وقد يدل على خيفة الفراق والمقاسمة» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 18/ 491.
(2)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن 1/ 89 - 90 (204) -.
(3)
أخرجه ابن جرير 18/ 489 - 490. وعزاه السيوطي إلى عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
لَكُمْ مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أنْفُسَكُمْ}، يقول: ليس مِن أحد يرضى لنفسه أن يشاركه غيرُه في ماله ونفسه وزوجه حتى يكون مثله. يقول: فقد رضي بذلك ناسٌ لله؛ فجعلوا معه إلهًا شريكًا
(1)
. (ز)
60567 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ: {مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ} ، يعني: عبيدكم
(2)
. (ز)
60568 -
قال مقاتل بن سليمان: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ} يقول: وصف لكم -يا معشر الأحرار- من كفار قريش {مَثَلًا} يعني: شَبهًا من عبيدكم؛ {هَلْ لَكُمْ} استفهام {مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ} مِن العبيد {مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقْناكُمْ} مِن الأموال، {فَأَنْتُمْ} وعبيدكم {فِيهِ سَواءٌ} في الرزق، {تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أنْفُسَكُمْ} يقول عز وجل: تخافون عبيدَكم أن يرثوكم بعد الموت، كما تخافون أن يرثكم الأحرارُ من أوليائكم؟! {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ} يعني: هكذا نبين الآيات {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} عن الله عز وجل الأمثال؛ فيُوَحِّدونه
(3)
. (ز)
60569 -
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِن أنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ} ، قال: هل تجد أحدًا يجعل عبدَه هكذا في ماله؟! فكيف تعمد أنت -وأنت تشهد أنهم عبيدي وخلقي- وتجعل لهم نصيبًا في عبادتي، كيف يكون هذا؟! قال: وهذا مَثَلٌ ضربه الله لهم. وقرأ: {كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون}
(4)
. (ز)
60570 -
قال يحيى بن سلّام: {هَلْ لَكُمْ} يعني: ألَكُم {مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ} وهم {فِيهِ سَواءٌ} يعني: شرعًا سواء، أي: هل يُشارك أحدُكم مملوكَه في زوجته وماله فأنتم فيه سواء {تَخافُونَهُمْ} تخافون لائمتهم {كَخِيفَتِكُمْ أنْفُسَكُمْ} كخيفة بعضكم بعضًا، أي: أنه ليس أحد منكم هكذا، فأنا أحقٌّ ألّا يشرك بعبادتي غيري، فكيف تعبدون دوني غيري تشركونه في إلهيتي وربوبيتي؟! وهي مثل قوله:{واللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ في الرِّزْقِ فَما الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ} [النحل: 71]، {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ} نبيّن الآيات {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وهم المؤمنون
(5)
. (ز)
(1)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 102.
(2)
علقه يحيى بن سلام 2/ 654.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 411.
(4)
أخرجه ابن جرير 18/ 490.
(5)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 654 - 655.