الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا
(29)}
نزول الآية:
62066 -
عن عائشة -من طريق الحسن-: أنّها طلبت مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبًا، فأمر الله نبيَّه أن يُخيِّر نساءه: إما عند الله تُرِدْن، أم الدنيا؟
(1)
. (ز)
62067 -
عن جابر بن عبد الله -من طريق أبي الزبير- قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يُؤذَن لأحد منهم، قال: فأُذِن لأبي بكر، فدخل، ثم أقبل عمر، فاستأذن فأُذِن له، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا، قال: فقال: لأقولن شيئًا أُضحِكُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها، فَوَجَأْتُ
(2)
عنقها. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:«هُنَّ حولي كما ترى، يسألنني النفقة» . فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأُ عنقها، كلاهما يقول: تسألْنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده. فقلن: واللهِ، لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدًا ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرًا -أو تسعًا وعشرين- ثم نزلت عليه هذه الآية:{يا أيها النبي قل لأزواجك} حتى بلغ: {للمحسنات منكن أجرا عظيما} . قال: فبدأ بعائشة، فقال:«يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليكِ أمرًا أُحِبُّ أن لا تَعْجَلي فيه حتى تستشيري أبويك» . قالت: وما هو، يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيك -يا
(1)
أخرجه ابن مردويه -كما في فتح الباري 8/ 522 - .
قال الحافظ ابن حجر: «الحسن لم يسمع من عائشة، فهو ضعيف، وحديث جابر في أن النسوة كن يسألنه النفقة أصح طريقًا منه» .
(2)
وجأت: ضربت. اللسان (وجأ).
رسول الله- أستشير أبوي؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأةً من نسائك بالذي قلت. قال:«لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إنّ الله لم يبعثني مُعَنِّتًا، ولا متعنِّتًا، ولكن بعثني معلِّمًا ميسِّرًا»
(1)
. (12/ 19)
62068 -
عن أبي سلمة الحضرمي، قال: جلستُ مع أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وهما يتحدثان، وقد ذهب بصرُ جابر، فجاء رجل فسلَّم، ثم جلس، فقال: يا أبا عبد الله، أرسلني إليك عروة بن الزبير أسألك فِيمَ هجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءه؟ فقال جابر: تركَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا وليلة لم يخرج إلى الصلاة، فأخَذَنا ما تقدَّم وما تأخر، فاجتمعنا ببابه، فنتكلم ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف، فلم يأذن لنا، ولم يخرج إلينا، فقلنا: قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانكم، ولو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرَّقوا لا تؤذوه. فتفرّق الناس غيرَ عمر بن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستأذن، حتى أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عمر: فدخلتُ عليه، وهو واضعٌ يدَه على خدِّه أعرف به الكآبة، فقلت: أيْ نبيَّ الله، بأبي وأمي، ما الذي رابك؟ وما لقي الناس بعدك مِن فقْدِهم لرؤيتك؟! فقال:«يا عمر، سألنني أولاء ما ليس عندي -يعني: نساءه-، فذاك الذي بلغ بي ما ترى» . فقلت: يا نبي الله، قد صككتُ جميلة بنت ثابت صكّة ألصقت خدها منها بالأرض؛ لأنها سألتني ما ليس عندي، وأنت يا رسول الله على موعد من ربك، وهو جاعِلٌ بعد العسر يسرًا. قال: فلم أزل أكلِّمه، حتى رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحلّل عنه بعض ذلك، فخرجتُ فلقيتُ أبا بكر الصديق، فحدَّثته الحديث، فدخل أبو بكر على عائشة، فقال: قد علمتِ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَدَّخِرُ عنكُنَّ شيئًا، فلا تسأليه ما لا يجد، انظري حاجتك فاطلبيها إلَيَّ. وانطلق عمر إلى حفصة فذكر لها مثل ذلك، ثم اتبعا أمهات المؤمنين، فجعلا يذكران لهنَّ مثل ذلك؛ فأنزل الله تعالى في ذلك:{يا أيُّها النبي قُلْ لِأَزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَراحًا جَمِيلًا} يعني: متعة الطلاق، ويعني بتسريحهن: تطليقهن طلاقًا جميلًا، {وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والدّارَ الآخِرَةَ فَإنَّ اللَّهَ أعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنكُنَّ أجْرًا عَظِيمًا} فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ بعائشة، فقال:«إنّ الله قد أمرني أن أخيّركن بين أن تخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وبين أن تخترن الدنيا وزينتها، وقد بدأتُ بك، وأنا أخيّرك» . قالت: وهل
(1)
أخرجه مسلم 2/ 1104 (1478).
بدأتَ بأحدٍ منهن قبلي؟ قال: «لا» . قالت: فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، فاكتم عليَّ، ولا تخبر بذاك نساءك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل أخبرهن به» . فأخبرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، فكان خياره بين الدنيا والآخرة: أتخترن الآخرة أو الدنيا؟ قال: {وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والدّارَ الآخِرَةَ فَإنَّ اللَّهَ أعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنكُنَّ أجْرًا عَظِيمًا} فاخترن أن لا يتزوجن بعده، ثم قال:{يا نِساءَ النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} يعني: الزنا، {يُضاعَفْ لَها العَذابُ ضِعْفَيْنِ} يعني: في الآخرة، {وكانَ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسِيرًا * ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ} يعني: تطع الله ورسوله، {وتَعْمَلْ صالِحًا نُؤْتِها أجْرَها مَرَّتَيْنِ}: مضاعفًا لها في الآخرة، {وأَعْتَدْنا لَها رِزْقًا كَرِيمًا * يا نِساءَ النبي لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} يقول: فجور، {وقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} يقول: لا تخرجن من بيوتكن، {ولا تَبَرَّجْنَ} يعني: إلقاء القناع، فِعْلَ أهل الجاهلية الأولى. ثم قال جابر لأبي سعيد: ألم يكن الحديثُ هكذا؟ قال: بلى
(1)
. (12/ 19)
62069 -
عن أبي الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرج صلوات، فقالوا: ما شأنه؟ فقال عمر: إن شئتم لأعلمنَّ لكم شأنه؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتكلم ويرفع صوته، حتى أذن له. قال: فجعلتُ أقول في نفسي: أي شيء أكلِّم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لعله يضحك، أو كلمة نحوها؟ فقلتُ: يا رسول الله، لو رأيتَ فلانة وسألتني النفقة فصككتُها صكّة. فقال:«ذلك حبسني عنكم» . قال: فأتى حفصة، فقال: لا تسألي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، ما كانت لك مِن حاجة فإلَيَّ. ثم تتبع نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يكلِّمهن، فقال لعائشة: أيغرُّك أنّكِ امرأة حسناء، وأنّ زوجك يُحِبُّك؟ لتنتهِيِنَّ أو لينزِلَنَّ فيكِ القرآن. قال: فقالت أم سلمة: يا ابن الخطاب، أو ما بقي لك إلا أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين نسائه! ولن تسأل المرأة إلا لزوجها. قال: ونزل القرآن: {يا أيُّها النبي قُلْ لِأَزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها} إلى قوله: {أجْرًا عَظِيمًا} . قال: فبدأ بعائشة فخيّرها، وقرأ عليها القرآن، فقالت: هل بدأتَ
(1)
أخرجه ابن سعد 8/ 145 - 146، من طريق محمد بن عمر، حدثنا جارية بن أبي عمران، قال: سمعت أبا سلمة الحضرمي به.
إسناده ضعيف جدًّا؛ محمد بن عمر هو الواقدي، قال عنه ابن حجر في التقريب (6175):«متروك» . وجارية بن أبي عمران هو المديني، قال عنه أبو حاتم الرازي:«مجهول» . كما في الجرح والتعديل 2/ 521.
بأحدٍ مِن نسائك قبلي؟ قال: «لا» . قالت: فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، ولا تخبرهن بذلك. قال: ثم تتبعهن، فجعل يخيّرهن، ويقرأ عليهن القرآن، ويخبرهن بما صنعت عائشة، فتتابعن على ذلك
(1)
. (ز)
62070 -
عن عامر الشعبي -من طريق أبي سلمة الهمذاني- قال: نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة والدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة} ، فخيَّرَهُنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاخترن اللَّه ورسوله والدار الآخرة؛ فشكر الله لهن ذلك، وأنزل الله عليه:{لا يحل لك النساء من بعد ولا تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} [الأحزاب: 52]
(2)
. (ز)
62071 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله: {تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءَ} [الأحزاب: 51] الآية، قال: كان أزواجه قد تَغايَرْنَ على النبي صلى الله عليه وسلم، فهجرهُنَّ شهرًا، نزل التخيير مِن الله له فيهن:{يا أيُّها النبي قُلْ لِأَزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها} فقرأ حتى بلغ: {ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولى} ، فخيَّرهن بين أن يخترن أن يُخلّي سبيلهن ويسرِّحهن، وبين أن يُقِمن إن أردن الله ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين، لا يُنكحن أبدًا، وعلى أنه يؤوي إليه من يشاء منهن لِمَن وهب نفسه له حتى يكون هو يرفع رأسه إليها، ويُرجي من يشاء حتى يكون هو يرفع رأسه إليها، ومن ابتغى ممن هي عنده وعزل فلا جناح عليه، {ذَلِكَ أدْنى أنْ تَقَرَّ أعْيُنُهُنَّ ولا يحزن ويرضين} [الأحزاب: 51] إذا علمن أنه مِن قضائي عليهن، إيثار بعضهن على بعض، أدنى أن يرضين؛ قال:{ومَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} [الأحزاب: 51] من ابتغى أصابه، ومن عزل لم يصبه، فخيّرهن بين أن يرضين بهذا، أو يفارقهن، فاخترن الله ورسوله، إلا امرأة واحدة بدوية ذهبت؛ وكان على ذلك، وقد شرط له هذا الشرط، ما زال يعدل بينهُنَّ حتى لقي الله
(3)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 19/ 85، وأصله عند أحمد 22/ 391 - 392 (14515)، ومسلم (1478)، والنسائي في الكبرى (9208) وغيرهم، من طريق أبي الزبير عن جابر كما تقدم.
(2)
أخرجه ابن إسحاق في سيرته ص 269 (ت: سهيل زكار).
(3)
أخرجه ابن جرير 19/ 87 - 88.