الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والظاهرية (1) واستدلوا على ذلك بأدلة من السنة، والآثار:
• أولًا: السنة: حديث أَبى حُمَيْدٍ السَّاعِدِي رضي الله عنه قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ، عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِي، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: "فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ (2)، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ (3)، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ (4)(5).
• وجه الدلالة: حرمة الإهداء للعمال، فكيف برئيسهم؛ فتعليل النبي -كما ذكر ابن عابدين- دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية (6).
• ثانيًا: الآثار: قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "إن الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية، وهي لنا رشوة"(7).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[46/ 46] تحريم الخروج على الإمام العادل
• المراد بالمسألة: اتفقت الأمة على حرمة الخروج عن طاعة الإمام العادل.
• من نقل الإجماع: القاضي عياض (544 هـ) قال: "لا يجوز الخروج على الإمام العدل باتفاق"(8). ابن تيمية (728 هـ) قال: "وهذا خلاف ما تواترت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن قتل ولاة الأمور وقتالهم كما تقدم بيانه، ثم الأمة متفقة على خلاف هذا، فإنها لم تقتل كل من تولى
(1) المحلى لابن حزم (9/ 157، 159).
(2)
رغاء: صوت ذوات الخف. يُنظر: مختار الصحاح (ص 105)(رغو).
(3)
خوار. صوت البقر، خار الثور يخور خوارًا: صاح. يُنظر: مختار الصحاح (ص 80)(خور).
(4)
تيعر: اليعر واليعار صوت الغنم، وقيل: صوت المعزى، وقيل: هو الشديد من أصوات الشاء. يُنظر: لسان العرب (5/ 301)(يعر).
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الهبة، باب: من لم يقبل الهدية لعلة (3/ 159) رقم (2597)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب تحريم هدايا العمال (3/ 1463) رقم (1832).
(6)
حاشية ابن عابدين (5/ 372).
(7)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 249)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (45/ 220).
(8)
إكمال المعلم (6/ 246).
أمرها، ولا استحلت ذلك" (1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من الكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (7).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "هذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء، ولهذا قال -تعالى-: {أَطِيعُوا اللَّهَ} أي: اتبعوا كتابه، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي: خذوا بسنته، {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} أي: فيما أمروكم به من طاعة اللَّه لا في معصية اللَّه"(8).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} (9).
• وجه الدلالة: قال ابن جرير الطبري: "لأنه بفعله ذلك يخرج ممن وعده اللَّه الجنة بوفائه بالبيعة، فلم يضر بنكثه غير نفسه، ولم ينكث إلا عليها"(10).
(1) منهاج السنة النبوية (4/ 215).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 140)، والبحر الرائق (5/ 241)، وحاشية ابن عابدين (1/ 549)، (4/ 261).
(3)
انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 268)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 299)، والفواكه الدواني (1/ 325).
(4)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 24)، وروضة الطالبين (10/ 47)، ومغني المحتاج (4/ 132).
(5)
انظر: المغني لابن قدامة (10/ 46)، والشرح الكبير (10/ 48)، والإنصاف للمرداوي (10/ 235).
(6)
المحلى لابن حزم (9/ 360).
(7)
سورة النساء، الآية:(59).
(8)
تفسير ابن كثير (1/ 519).
(9)
سورة الفتح، الآية:(10).
(10)
تفسير الطبري (26/ 76).
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ"(1).
2 -
حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ:"إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّه فِيهِ بُرْهَانٌ"(2).
3 -
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بَعَثَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أن تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا! فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ في المَعْرُوفِ"(3).
• وجه الدلالة: قال ابن حجر العسقلاني: "ومقتضاه: أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل"(4).
4 -
حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إن اسْتَطَاعَ، فإنْ جاء آخَرُ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ"(5).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
فتح الباري (13/ 8).
(5)
تقدم تخريجه.