الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[26/ 26] إجماع الصحابة على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
-
• المراد بالمسألة: الاتفاق على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
• من نقل الإجماع: الجصاص (370 هـ) قال: "اختلفوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الإمامة، فقالت الأنصار: (منا أمير ومنكم أمير)، ثم أجمعوا على بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فانحسم ذلك الخلاف، وصح الإجماع"(1) القاضي عياض (544 هـ) قال: "عقد ولاية أبى بكر رضي الله عنه بالاختيار والإجماع"(2) ابن قدامة (620 هـ) قال: "فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة على بيعته"(3) القرطبي (671 هـ) قال: "الإجماع قد انعقد على إمامة أبي بكر"(4)، نقله الشنقيطي (1393 هـ) (5) النووي (676 هـ) قال:"الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على اختيار أبي بكر"(6)، نقله الحافظ العراقي (806 هـ) (7) وملا علي القاري (1014 هـ) (8) والمباركفوري (1353 هـ) (9) ابن كثير (774 هـ) قال:"بايعه في المسجد جماعة من الصحابة، ووقعت شبهة لبعض الأنصار، وقام في أذهان بعضهم جواز استخلاف خليفة من الأنصار، وتوسط بعضهم بين أن يكون أمير من المهاجرين وأمير من الأنصار، حتى بين لهم الصديق أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، فرجعوا إليه وأجمعوا عليه"(10) ابن حجر العسقلاني (852 هـ) قال: "إطباق الصحابة على متابعة أبي بكر رضي الله عنه "(11) ابن حجر
(1) الفصول في الأصول (3/ 342).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 221).
(3)
المغني في فقه الإمام أحمد (10/ 49).
(4)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 271).
(5)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 21).
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 206).
(7)
طرح التثريب في شرح التقريب (8/ 75).
(8)
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 3885).
(9)
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (6/ 479).
(10)
البداية والنهاية (5/ 265).
(11)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (13/ 208)
الهيتمي (973 هـ) قال: "إجماعهم على خلافته قاض بإجماعهم على أنه أهل لها"(1) البهوتي (1051 هـ) قال: "ويثبت نصب الإمام بإجماع المسلمين عليه، كإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "(2).
• من وافق على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من السنة، والآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم:
• أولًا: السنة: الدليل الأول: حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما مَرِضَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَأُذِّنَ، فَقَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:"إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصلَّى، فَوَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنْ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ (8).
• وجه الدلالة: فيه إشارة إلى أنه أحق بالخلافة (9).
(1) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (1/ 39).
(2)
كشاف القناع للبهوتي (6/ 159).
(3)
عمدة القاري (16/ 172)، وتيسير التحرير (3/ 256).
(4)
أحكام القرآن لابن العربي (3/ 409)، ومنح الجليل شرح على مختصر خليل (8/ 263).
(5)
روضة الطالبين (10/ 49)، ومغني المحتاج (4/ 132)، وحاشية الجمل على شرح منهج الطلاب (10/ 10)، ونهاية المحتاج (7/ 409).
(6)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 27)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، الإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع (6/ 159).
(7)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 88).
(8)
تقدم تخريجه (ص 148).
(9)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (11/ 60).
الدليل الثانى: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأسَهُ بخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ"(1).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "وهذا قاله في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، علمًا منه أن أبا بكر رضي الله عنه سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيرًا للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه رضي الله عنه"(2).
الدليل الثالث: حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّه، أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ -كَأَنَّهَا تُرِيدُ المَوْتَ- قَالَ:"إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ"(3).
الدليل الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه: "لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ، فَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّه وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّه وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ"(4) وفي رواية: قالت رضي الله عنها: قَالَ لي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ: "ادْعِي لي أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كتَابًا، فإني أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى. وَيَأْبَى اللَّه وَالمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ"(5).
قال ابن تيمية: "النبي صلى الله عليه وسلم دلَّ المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم
(1) تقدم تخريجه (ص 137).
(2)
تفسير ابن كثير (1/ 502).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
تقدم تخريجه.
إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدًا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه، فترك الكتاب اكتفاء بذلك" (1).
• ثانيًا: الآثار: الدليل الأول: روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ". . . فلما قعد أبو بكر على المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير عليًّا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به، فقال أبو بكر: ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وختنه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعاه"(2).
• وجه الدلالة: إجماع الصحابة على اختيار أبي بكر رضي الله عنه خليفة للمسلمين.
الدليل الثاني: ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ". . . فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بالذي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الذي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارًا للذي فَضَّلَهُ اللَّه بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا في الأَمْرِ نَصيبًا فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَوَجَدْنَا في أَنْفُسِنَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ. فَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ"(3).
• وجه الدلالة: قال النووي: "في هذا الحديث بيان صحة خلافة أبي بكر، وانعقاد الإجماع عليها"(4).
• من خالف الإجماع: زعم ابن الراوندي أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على العباس
(1) منهاج السنة النبوية (1/ 358 وما بعدها).
(2)
تقدم تخريجه (ص 155).
(3)
تقدم تخريجه (ص 157).
(4)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 79).