الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني أهمية الإمامة
يُعد منصب الإمامة العظمي أعلى رتبة دينية في خلافة النبوة، فالإمام خليفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تدبير مصالح الخلائق وضبطها وفق نصوص الشريعة، لكن مع فارق واحد بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى بالوحي الأحكام التي يُلزم بها أمته، أما الإمام فهو يتلقاها من النصوص الثابتة من الكتاب والسنة، أو مما أجمع عليه المسلمون، فإن لم يكن ثم نص أو إجماع اجتهد في شأنها في إطار الأدلة العامة والقواعد الثابتة. وتتبين الأهمية القصوى لمنصب الإمامة من الأسباب التالية:
1 -
يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها. فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لحراسة الدين من رأس (1).
2 -
إن اللَّه -جل وعلا- أمر عباده المسلمين بالاجتماع ونبذ الفرقة، فقال -تعالى-:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (2)، وحذر نبيه صلى الله عليه وسلم من مفارقة الجماعة بقوله:"من فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"(3)، ولا يمكن لأي أمة أن تنجو من بلاء التفرق والتنازع إلا إذا أسلمت قيادتها لكبير فيها، تجتمع الكلمة على رأيه، وتخضع الآراء لحكمه، ويكون من سائر أفراد الأمة كالقطب من الدائرة، يجسد وحدتهم، ويرعى بقيادته قوتهم، وهي حاجة ماسة في استقامة النظام، واتساق الأوضاع، يشعر بها حتى عالم الحيوانات والبهائم (4).
(1) السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 165)
(2)
سورة آل عمران، الآية:(153).
(3)
تقدم تخريجه (ص 32).
(4)
يُنظر: الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، تأليف: مصطفى الخن، مصطفى البغا، على الشربجي، دار القلم، دمشق، الطبعة العاشرة 2000 م (3/ 607).
3 -
الأمة الإسلامية معرضة في كل وقت لظهور طائفة فيها تبغي وتشق عصا المسلمين بسائق من الأهواء أو الأفكار الجانحة باسم الدين والإصلاح.
ولا سبيل إلى إطفاء نار مثل هذه الفتنة إلا بواسطة إمام مسلم عادل، يوضح للأمة المنهج السليم، ويحذرها من الانصياع للسبل الأخرى، فإن الأمة عندئذ لا يمكن أن تقع -بسبب الجهالة- في الحيرة أو اللبس، لأن ما يأمر به الإمام هو الذي يجب العمل به في حكم اللَّه عز وجل.
أما عند غياب هذا الإمام، فإن أصحاب الدعوات المختلفة من شأنهم أن يوقعوا أشتات المسلمين في حيرة مهلكة، لا مناص منها؛ إذ سرعان ما ينقسم المسلمون شيعًا وأحزابًا متطاحنة، وما هو إلا أن يفنيها الشقاق، ويهلكها الخلاف (1).
(1) يُنظر: الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، مصطفى الخن (3/ 607).