الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعاه" (1).
• وجه الدلالة: انعقاد الخلافة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بالبيعة.
• من خالف الإجماع: قال ابن الراوندي: نص على العباس رضي الله عنه، وقالت الشيعة والرافضة: نص على علي رضي الله عنه (2).
ونوقش ذلك: بأن هذه دعاوى باطلة، وجسارة على الافتراء، ووقاحة في مكابرة الحس؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على اختيار أبي بكر رضي الله عنه (3).
النتيجة:
صحة الإجماع أن تعيين الإمام يكون بالبيعة.
[24/ 24] لا يشترط مبايعة كل الناس للإمام
• المراد بالمسألة: أنه لا يُشترط في تعيين الإمام أن يبايعه كل الناس.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "صح إجماعهم على أن الإمامة تنعقد بواحد"(4) النووي (676 هـ) قال: "أما البيعة، فقد اتفق العلماء على أنه لا يُشترط لصحتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد"(5) الإيجي (756 هـ) قال: "الواحد والاثنان من أهل الحل والعقد كاف؛ لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا اجتماع من في المدينة، فضلًا عن إجماع الأمة، هذا ولم ينكر عليهم أحد، وعليه انطوت الأعصار إلى وقتنا
(1) تقدم تخريجه.
(2)
مقالات الإسلاميين (ص 21)، والمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (15/ 154)، ومنهاج السنة النبوية (1/ 500).
(3)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 206).
(4)
الفصل في الملل (4/ 130).
(5)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 77).
هذا" (1). الشوكاني (1250 هـ) قال: "ليس من شرط ثبوت الإمامة أن يبايعه كل من يصلح للمبايعة، ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جملة المبايعين، فإن هذا الاشتراط في الأمرين مردود بإجماع المسلمين، أولهم وآخرهم، سابقهم ولاحقهم" (2).
• من وافق على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بما ثبت من آثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1 -
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصف مبايعة المسلمين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة: ". . . فقلت: ابْسُطْ يَدَكَ يا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الْأَنْصَارُ. . . وَإِنَّا واللَّه مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ، فَيَكُونُ فَسَادٌ"(8).
2 -
وقال رضي الله عنه في خطبته حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْم تُوُفِّيَ
(1) المواقف للإيجي (3/ 593).
(2)
السيل الجرار (4/ 513).
(3)
روضة القضاة وطريق النجاة (1/ 69)، وغمز عيون البصائر (4/ 111)، وحاشية ابن عابدين (1/ 549).
(4)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 269)، والذخيرة للقرافي (10/ 24)، والفواكه الدواني (1/ 325).
(5)
روضة الطالبين (10/ 43)، وأسنى المطالب (4/ 109)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج (7/ 410).
(6)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 23)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 159).
(7)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 129).
(8)
تقدم تخريجه.
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ"، قال أنس بن مالك رضي الله عنه:"وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ"(1).
• وجه الدلالة: أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها، ثم تابعهم الناس فيها، وهم: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسيد بن حضير، وبشر بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة، رضي الله عنهم (2).
3 -
جعل عمر رضي الله عنه الخلافة بين ستة من العشرة المبشرين بالجنة، فقال لهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:"لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ على هذا الْأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إن شِئْتُمْ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ". فَجَعَلُوا ذلك إلى عبد الرحمن. . . فَأَرْسَلَ إلى من كان حَاضِرًا من المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إلى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مع عُمَرَ، فلما اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عبد الرحمن، ثُمَّ قال:"أَمَّا بَعْدُ يا عَلِيُّ، إني قد نَظَرْتُ في أَمْرِ الناس، فلم أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فلا تَجْعَلَنَّ على نَفْسِكَ سَبِيلًا"، فقال -لعثمان رضى اللَّه عنه-:"أُبَايِعُكَ على سُنَّةِ اللَّه وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ من بَعْدِهِ"، فَبَايَعَهُ عبد الرحمن، وَبَايَعَهُ الناس المُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ (3).
• وجه الدلالة: أن أولئك الخمسة رضي الله عنهم قد تبرؤوا من الاختيار، وجعلوه إلى واحد منهم يختار لهم وللمسلمين من رآه أهلًا للإمامة، وهو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وما أنكر ذلك أحد من الصحابة الحاضرين، ولا الغائبين إذ بلغهم ذلك (4).
النتيجة:
صحة الإجماع على أنه لا يُشترط مبايعة كل الناس للإمام.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 7).
(3)
أخرجه البخاري، كتاب الأحكام، باب: كيف يبايع الإمام الناس (9/ 78) رقم (7207) عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه.
(4)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 130).