الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-رضي الله عنه أنه قال- في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (1) ما أرى هذه الآية إلا قد عمت الخلق، حتى الراعي بكداء". أو كلامًا هذا معناه؛ ولذلك لم تُقسم الأرض التي افتتحت في أيامه عنوة من أرض العراق ومصر.
فمن رأى أن الآيتين متواردتان على معنى واحد، وأن آية الحشر مخصصة لآية الأنفال، استثنى من ذلك الأرض، ومن رأى أن الآيتين ليستا متواردتين على معنى واحد، بل رأى أن آية الأنفال في الغنيمة، وآية الحشر في الفيء، على ما هو الظاهر من ذلك، قال: تُخمَّس الأرض ولا بد، ولا سيما أنه قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قسَّم خيبر بين الغزاة. قالوا: فالواجب أن تقسم الأرض؛ لعموم الكتاب، وفعله عليه الصلاة والسلام الذي يجري مجرى البيان للمجمل فضلًا عن العام.
وأما أبو حنيفة فإنما ذهب إلى التخيير بين القسمة، وبين أن يُقَر الكفار فيها على خراج يؤدونه؛ لأنه زعم أنه قد روي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر بالشطر، ثم أرسل ابن رواحة رضي الله عنه فقاسمهم. قالوا: فظهر من هذا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن قسم جميعها، ولكنه قسم طائفة من الأرض، وترك طائفة لم يقسمها، قالوا: فبان بهذا أن الإمام بالخيار بين القسمة، والإقرار بأيديهم، وهو الذي فعل عمر رضي الله عنه" (2).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[146/ 146] الخراج يكون على الأرض دون الدور
• المراد بالمسألة: اتفقوا على أن الدور المبنية على الأرض الخراجية ليس عليها خراج.
• من نقل الإجماع: فخر الدين الزيلعي (743 هـ) قال: "دار الذمي حرة لا يجب فيها شيء؛ لأن عمر جعل المساكن عفوًا، وعليه إجماع الصحابة،
(1) سورة الحشر، الآية:(10).
(2)
بداية المجتهد (1/ 293).
ولأنها لا تُستنمى، ووجوب الخراج باعتباره" (1). نقله ابن نجيم (970 هـ)(2) وابن عابدين (1252 هـ)(3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، المالكية (5)، الشافعية (6)، الحنابلة (7).
• مستند الإجماع: يُستدل على ذلك بما يلي:
1 -
ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وضع على أَهْلِ السَّوَادِ على كل جَرِيبٍ يَبْلُغُهُ المَاءُ عَامِرًا وَغَامِرًا دِرْهَمًا وَقَفِيزًا من طَعَام، وَعَلَى الْبَسَاتِينِ على كل جَرِيب عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ من طَعَامٍ، وَعَلَى الْكُرُومِ على كل جَرِيبِ أَرْضٍ عَشًرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ أقفزة من طَعَام، وَعَلَى الرّطَاب على كل جَرِيبِ أَرْضٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةَ أَقْفِزَةِ طَعَامٍ، ولم يَضَع على النَّخْلِ شيئًا، وَجَعَلَهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَعَلَى رُؤُوسِ الرِّجَالِ على الْغَنِيِّ ثُمَّانِيَة وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَيْ عشرة دِرْهَمًا" (8).
2 -
قال أبو عبيد: "إنما جعل الخراج على الأرضين التي تغل من ذوات الحب والثمار، والتي تصلح للغلة من العامر والغامر، وعطل من ذلك المساكن والدور التي هي منازلهم، فلم يجعل عليها فيها شيئًا"(9).
• المخالفون للإجماع: نُقل عن الإمام مالك، وابن أبي ذئب (10) أنهما قالا
(1) تبيين الحقائق (1/ 296).
(2)
البحر الرائق (2/ 257).
(3)
حاشية ابن عابدين (2/ 331).
(4)
الهداية شرح البداية (1/ 108)، وفتح القدير (2/ 256).
(5)
الكافي لابن عبد البر (1/ 219).
(6)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 172).
(7)
المحرر في الفقه (2/ 179)، وكشاف القناع (3/ 98).
(8)
تقدم تخريجه.
(9)
الأموال لأبي عبيد (ص 92).
(10)
هو أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام بن عبد اللَّه بن قيس، روى عن الزهري، ويزيد بن عبد اللَّه بن قسيط، ونافع مولى ابن عمر، =