الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على معنى واحد، بل رأى أن آية الأنفال في الغنيمة، وآية الحشر في الفيء، على ما هو الظاهر من ذلك، قال: تُخمَّس الأرض ولا بد، ولا سيما أنه قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قسَّم خيبر بين الغزاة. قالوا: فالواجب أن تقسم الأرض؛ لعموم الكتاب، وفعله عليه الصلاة والسلام الذي يجري مجرى البيان للمجمل فضلًا عن العام.
وأما أبو حنيفة فإنما ذهب إلى التخيير بين القسمة، وبين أن يُقَر الكفار فيها على خراج يؤدونه؛ لأنه زعم أنه قد روي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر بالشطر، ثم أرسل ابن رواحة رضي الله عنه فقاسمهم. قالوا: فظهر من هذا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن قسم جميعها، ولكنه قسم طائفة من الأرض، وترك طائفة لم يقسمها، قالوا: فبان بهذا أن الإمام بالخيار بين القسمة، والإقرار بأيديهم، وهو الذي فعل عمر رضي الله عنه" (1).
قال القاضي أبو يوسف: "وقد سأل بلال وأصحابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسمة ما أفاء اللَّه عليهم من العراق والشام، وقالوا: اقسم الأرضين بين الذين افتتحوها، كما تقسم غنيمة العسكر. فأبى عمر ذلك عليهم، وتلا عليهم هذه الآيات -آيات الفيء في سورة الحشر- وقَالَ: "قد أشرك اللَّه الذين يأتون من بعدكم فِي هذا الفيء، فلو قسمته لم يبق لمن بعدكم شيء، ولئن بقيتُ ليبلغن الراعيَ بصنعاء نصيبُه من هذا الفيء ودمه فِي وجهه" (2).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[173/ 173] يجوز للإمام تنفيل من شاء من الغنيمة
• المراد بالمسألة: التنفيل لغة: من النفل وهو الغنيمة والهبة، يقال: نفلت فلانًا تنفيلًا، أي: أعطيته نفلًا وغنمًا (3).
التنفيل اصطلاحًا: أن يخص الإمام بعض الجيش ببعض الغنيمة زيادة على
(1) بداية المجتهد (1/ 293).
(2)
الخراج لأبي يوسف (ص 23، 24).
(3)
تهذيب اللغة (15/ 255) ولسان العرب (11/ 670)(نفل).
ما يسهم لهم منها (1). وقد أجمع العلماء على جواز تنفيل الإمام من الغنيمة لمن شاء.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "واتفقوا أن التنفيل المذكور ليس بواجب"(2). نقله ابن القطان (628 هـ)(3) ابن رشد الحفيد (595 هـ) قال: "وأما تنفيل الإمام من الغنيمة لمن شاء -أعني: أن يزيده على نصيبه- فإن العلماء اتفقوا على جواز ذلك"(4) النووي (676 هـ) قال: "وفي رواية: (ونفلنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفيه إثبات النفل، وهو مجمع عليه"(5).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9)، والظاهرية (10).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة، والمعقول:
أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} (11).
• وجه الدلالة: وقد حرض النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على القتال بالتنفيل (12).
قال الشوكاني: "فقد ثبت أن ماء كان أمره إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فهو إلى الأئمة
(1) تحفة الفقهاء (3/ 297)، وبدائع الصنائع (7/ 115).
(2)
مراتب الإجماع (ص 118).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 341).
(4)
بداية المجتهد (1/ 289).
(5)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 54).
(6)
بدائع الصنائع (6/ 89)، والبحر الرائق (5/ 154).
(7)
المدونة الكبرى (2/ 29)، والكافي في فقه أهل المدينة (1/ 475).
(8)
الأم للشافعي (4/ 143)، وروضة الطالبين (6/ 368).
(9)
الكافي في فقه الإمام أحمد (4/ 176)، والمغني في فقه الإمام أحمد (9/ 183).
(10)
مراتب الإجماع (ص 118).
(11)
سورة الأنفال، الآية:(65).
(12)
تبيين الحقائق (3/ 258).