الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمامة ومن استدامتها، ويخرج بحدوثه منها؛ لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل وجب أن يستوي حال الفسق بتأويل وغير تأويل، وقال كثير من علماء البصرة: إنه لا يمنع من انعقاد الإمامة، ولا يخرج به منها، كما لا يمنع من ولاية القضاء وجواز الشهادة" (1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[14/ 14] أن يكون الإمام قويًا
• المراد بالمسألة: القوة لغة: نقيض الضعف، والجمع: قوى، ويكون ذلك في البدن والعقل (2).
القوة اصطلاحًا: لا يختلف المعنى الاصطلاحي للقوة عن المعنى اللغوي، فقيل: هي شدة البأس، والقدرة على القيام بصعاب الأمور (3).
وقد اتفق العلماء على أن الإمام يجب يكون له من قوة البأس، وشدة المراس، قدر ما لا يهوله إقامة الحدود، وضرب الرقاب، وإنصاف المظلوم من الظالم.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) قال: "وأما جماعة أهل السنة وأئمتهم فقالوا: هذا هو الاختيار أن يكون الإمام فاضلًا عالِمًا عدلًا محسنًا قويًّا على القيام كما يلزمه في الإمامة"(4). نقله ابن القطان (628 هـ)(5). الآمدى (631 هـ) قال: "شروط الإمام المتفق عليها ثمانية: الثالث: أن يكون له من قوة البأس، وعظم المراس، ما لا تهوله إقامة الحدود، وضرب الرقاب، وإنصاف المظلومين من الظّالمين، من غير فظاظة"(6) نقله الوشتاني الأبي المالكي
(1) الأحكام السلطانية (ص 18).
(2)
تهذيب اللغة (9/ 274)، ولسان العرب (51/ 307)(قوى).
(3)
غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (4/ 147).
(4)
الاستذكار لابن عبد البر (5/ 16).
(5)
الإقناع في مسائل الإجماع، أبو الحسن ابن القطان، تحقيق: حسن الصعيدي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1424 هـ (1/ 60، 61).
(6)
أبكار الأفكار في أصول الدين (5/ 191).
(827 هـ)(1) الحموي (2)(1056 هـ)(3) القرطبي (671 هـ) قال: "الثالث: أن يكون -الإمام- ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب، وتدبير الجيوش، وسد الثغور، وحماية البيضة، وردع الأمة، والانتقام من الظالم، والأخذ للمظلوم. . . الدليل على هذا كله: إجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه لا خلاف بينهم أنه لا بد من أن يكون ذلك كله مجتمعًا فيه"(4) نقله الشنقيطي (1393 هـ)(5) النووى (676 هـ) قال: ". . . هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لاسيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية. . . وإجماع المسلمين منعقد عليه"(6) الشوكاني (1250 هـ) قال: "ولا نزاع في أن الدخول في الولاية لمن يضعف عنها لا يحل"(7).
• من وافق على الإجماع: الحنفية (8)، والمالكية (9)، والشافعية (10)،
(1) إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم (5/ 159).
(2)
هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني، الحموي، تولى إفتاء الحموية، ودرس بالمدرسة السليمانية بالقاهرة، له: غمز عيون البصائر، ونثر الدر الثمين، وغير ذلك، توفي سنة ثمان وتسعين وألف. يُنظر: معجم المؤلفين (1/ 259)، والأعلام للزركلي (1/ 239).
(3)
غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (4/ 147).
(4)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 270).
(5)
أضواء البيان (1/ 28).
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 210).
(7)
السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (1/ 815).
(8)
المبسوط للسرخسي، تحقيق: خليل محي الدين الميس، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1421 هـ (10/ 33)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار (1/ 548)، وبريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي (1/ 238)، وعمدة القاري (14/ 167).
(9)
التمهيد لابن عبد البر (20/ 39)، والذخيرة للقرافي (10/ 24)، والفواكه الدواني (1/ 325).
(10)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5)، وغياث الأمم في التياث الظلم (ص 65)، وروضة الطالبين (10/ 42)، وأسنى المطالب (4/ 108)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج (7/ 409)، وحاشية قليوبي (4/ 174).
والحنابلة (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بالكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب:
1 -
قال ابن تيمية: "أخبر أنه أرسل الرسل وأنزل الكتاب والميزان لأجل قيام الناس بالقسط، وذكر أنه أنزل الحديد الذي به يُنصر هذا الحق، فالكتاب يهدى والسيف ينصر، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا. ولهذا كان قوام الناس بأهل الكتاب وأهل الحديد، كما قال من قال من السلف: صنفان إذا صلحوا صلح الناس: الأمراء، والعلماء"(4).
• وجه الدلالة: في الآية إشارة إلى إعمال السيف بعد إقامة الحجة، فإن لم تنفع الكتب تعينت الكتائب، "وما يزع اللَّه بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن"(5).
2 -
قول اللَّه -تعالى-: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} (6).
• وجه الدلالة: أن السفيه والضعيف ومن لا يقدر على شيء لا بد له من ولي،
(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 20)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 155)، والطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم، تحقيق: نايف الحمد، دار عالم الفوائد، (2/ 625)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، ودليل الطالب لنيل المطالب (1/ 322)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 159).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 128، 129).
(3)
سورة الحديد، الآية:(25).
(4)
مجموع فتاوى ابن تيمية (18/ 157، 158).
(5)
الأثر عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (4/ 107).
(6)
سورة البقرة، الآية:(282).
ومن لا بد له من ولي لا يجوز أن يكون وليًّا للمسلمين (1).
3 -
قول اللَّه -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)} (2).
• وجه الدلالة: قال قتادة (3): "ونبي اللَّه صلى الله عليه وسلم قد علم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطانًا نصيرًا لكتاب اللَّه وحدود اللَّه ولفرائض اللَّه ولإقامة كتاب اللَّه، وأن السلطان عزة من اللَّه جعله بين أظهر عباده، ولولا ذلك لأغار بعضهم على بعض، وأكل شديدهم ضعيفهم"(4). وقال ابن كثير: "لا بد مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه"(5).
• ثانيًا: السنة: حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي. ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرَ إنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَة، إلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا"(6).
• وجه الدلالة: قال النووى: "هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية"(7).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
(1) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 129).
(2)
سورة الإسراء، الآية:(80).
(3)
هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، الحافظ العلامة أبو الخطاب السدوسي البصري، الضرير الأكمه، المفسر، حدث عن عبد اللَّه بن سرجس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، ومعاذة، وأبي الطفيل، وخلق، وعنه مسعر، وابن أبي عروبة، وشيبان، وشعبة، وأمم سواهم، توفي سنة ثماني عشرة ومائة. يُنظر: البداية والنهاية (9/ 313)، وتذكرة الحفاظ (1/ 122).
(4)
أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الهجرة (3/ 4) رقم (4260)، والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 517).
(5)
تفسير ابن كثير (3/ 60).
(6)
تقدم تخريجه (ص 99).
(7)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 210).