الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَوْمِ مِنْهُمْ" (1).
فالجواب -وباللَّه تعالى التوفيق-: أن الإجماع قد تيقن وصح على أن حكم الحليف والمولى وابن الأخت كحكم من ليس له حليف ولا مولى ولا ابن أخت، فمن أجاز الإمامة في غير هؤلاء جوزها في هؤلاء، ومن منعها من غير قريش منعها من الحليف والمولى وابن الأخت، فإذا صح البرهان بألا يكون إلا في قريش، لا فيمن ليسس قرشيًّا، صح بالإجماع أن حليف قريش ومولاهم وابن أختهم كحكم من ليسس قرشيًّا" (2).
النتيجة:
صحة الإجماع على أنه لا تجوز إمامة مولى قريش، ولا حليفهم، ولا ابن أخت قريش.
[40/ 40] لا يجوز تولية الكافر الإمامة
• المراد بالمسألة: اتفقوا على أنه لا تولى الإمامة لكافر.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "وَاتَّفَقُوا أَن الإمامة لَا تجوز لامْرَأَة وَلَا لكَافِر"(3) القاضي عياض (544 هـ) قال: "لا خلاف بين المسلمين أنه لا تنعقد الإمامة للكافر"(4)، نقله النووي (676 هـ) (5) الدمشقي (بعد 785 هـ) قال:"اتفق الأئمة على أن الإمامة فرض. . . وأن الإمامة لا تجوز لامرأة ولا لكافر"(6) ملا علي القاري (1014 هـ) قال: "أجمعوا على أن الإمامة لا تنعقد لكافر"(7).
(1) أخرجه بنحوه البخاري، كتاب الفرائض، باب: مولى القوم منهم (8/ 155) رقم (6761، 6762)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم (2/ 375) رقم (1059) من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 74).
(3)
مراتب الإجماع (1/ 126).
(4)
إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (6/ 246).
(5)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (6/ 314).
(6)
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص 283).
(7)
مرقاة المفاتيح (7/ 227).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع: استدلوا بأدلة من الكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (6).
• وجه الدلالة: أنه بكفر الإمام جعل أعظم سبيل على المؤمنين (7).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (8).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "ينهى اللَّه -تعالى- عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، يعني: مصاحبتهم، ومصادقتهم، ومناصحتهم، وإسرار المودة إليهم، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم"(9). ولا قيام للإمامة بغير ذلك.
(1) بدائع الصنائع (2/ 239)، وتبيين الحقائق (2/ 99)، وغمز عيون البصائر (4/ 111)، وبريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (2/ 309).
(2)
الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/ 325)، ومواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، محمد بن عبد الرحمن المغربى، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية 1398 هـ (7/ 540)، والشرح الكبير للدردير (3/ 387)، ومنح الجليل شرح على مختصر سيد خليل (7/ 53).
(3)
غياث الأمم (ص 75)، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (4/ 108)، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 132)، وحاشيتا القليوبى وعميرة (4/ 173).
(4)
المغني في فقه الإمام أحمد (6/ 416)، وشرح الزركشي (3/ 366).
(5)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 128).
(6)
سورة النساء، الآية:(141).
(7)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 128).
(8)
سورة آل عمران، الآية:(28).
(9)
تفسير ابن كثير (1/ 571).
• ثانيًا السنة:
1 -
حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، ويُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ:"إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّه فِيهِ بُرْهَانٌ"(1).
2 -
حديث عَوْفِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عليهم، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ"، قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّه، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فقال:"لَا، ما أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ"(2).
• وجه الدلالة: قال ابن بطال: "فدل هذا كله على ترك الخروج على الأئمة، وألا يُشق عصا المسلمين، وألا يتسبب إلى سفك الدماء وهتك الحريم، إلا أن يكفر الإمام، ويظهر خلاف دعوة الإسلام"(3).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن الإمامة لا تُولى لكافر.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب: خيار الأئمة وشرارهم (3/ 1470) رقم (1855).
(3)
شرح صحيح البخاري لابن بطال (10/ 9).