الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوي الضعيف (1).
3 -
ولأن المتستر على المجرم شريكه في الجرم، وقد لعنه اللَّه ورسوله (2).
4 -
ولأنه إن كان مطلوبًا بحق فإنه يجب عليه الإعلام به والدلالة عليه، ولا يجوز كتمانه، فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وذلك واجب، بخلاف ما لو كان النفس أو المال مطلوبًا بباطل، فإنه لا يحل الإعلام به؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، بل يجب الدفع عنه (3).
النتيجة:
صحة الإجماع على معاقبة الإمام لكل من يتستر على المجرمين.
[92/ 92] إذن الإمام بالمبارزة
• المراد بالمسألة: المبارزة لغة: من البروز وهو الظهور، والبارز: الظاهر، وبرز: ظهر بعد خفاء، ويُقال: برز له، إذا انفرد عن جماعته لينازله، وتبارز الفارسان: إذا انفرد كل واحد منهما عن جماعته إلى صاحبه (4).
المبارزة اصطلاحًا: أن يخرج الرجل من المسلمين إلى الرجل من الكافرين بين الصفين؛ ليقاتل كل واحد منهما صاحبه (5). وقد اتفقوا على وجوب إذن الإمام للمبارزة حال الحرب.
• من نقل الإجماع: الخطابي (288 هـ) قال: "إباحة المبارزة في جهاد الكفار، ولا أعلم اختلافًا في جوازها إذا أذن الإمام فيها"(6) ابن المنذر (319 هـ) قال: "أجمعوا على أن للمرء أن يبارز، ويدعو إلى البراز بإذن الإمام،
(1) المرجع السابق.
(2)
المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق.
(4)
لسان العرب (5/ 309)(برز)، والمعجم الوسيط (1/ 48)(برز)، وتاج العروس (15/ 19)(برز).
(5)
الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 282).
(6)
معالم السنن (2/ 279).
وانفرد الحسن: فكان يكرهه، ولا يعرف البراز" (1) نقله ابن القطان (628 هـ) (2) العيني (855 هـ) (3) والحطاب الرعيني (954 هـ) (4) البغوي (510 هـ) قال:"إباحة المبارزة في جهاد الكفار، ولم يختلفوا في جوازها إذا أذن الإمام"(5). نقله العظيم آبادي (بعد 1310 هـ)(6) وملا علي القاري (1014 هـ)(7). القاضي عياض (544 هـ) قال: "وجواز المبارزة، ولا خلاف بين العلماء في جوازها بإذن الإمام، إلا الحسن فإنه شذ ومنعها"(8) ابن قدامة (620 هـ) قال: "لم يزل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبارزون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، ولم ينكره منكر، فكان ذلك إجماعا"(9) النووي (676 هـ) قال: "اتفقوا على جواز التغرير بالنفس في الجهاد في المبارزة ونحوها"(10).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (11)، والمالكية (12)، والشافعية (13)، والحنابلة (14).
(1) الإجماع لابن المنذر (ص 62).
(2)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 335).
(3)
عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 274).
(4)
مواهب الجليل (3/ 359).
(5)
شرح السنة (11/ 67).
(6)
عون المعبود (7/ 234).
(7)
مرقاة المفاتيح (7/ 460).
(8)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 200).
(9)
المغني في فقه الإمام أحمد (10/ 386).
(10)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 187).
(11)
عمدة القاري (14/ 274)، ومرقاة المفاتيح (7/ 460).
(12)
انظر: البيان والتحصيل لابن رشد (3/ 63)، والذخيرة للقرافي (3/ 410)، والتاج والإكليل (4/ 557).
(13)
الأم للشافعي (1/ 221)، والحاوي للماوردي (2/ 480)، وروضة الطالبين (10/ 250)، ومغني المحتاج (4/ 226)، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني (7/ 298).
(14)
المغني في فقه الإمام أحمد (10/ 386)، والإنصاف للمرداوي (4/ 107)، والإقناع للحجاوي (2/ 18).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (1).
قال العيني: "قال المهلب: هذه الآية أصل أن لا يبرح أحد من السلطان إذا جمع الناس لأمر من أمور المسلمين يحتاج فيه إلى اجتماعهم إلا بإذنه، فإن رأى أن يأذن له أذن، وإلَّا لم يأذن له"(2).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} (3).
• وجه الدلالة: قال ابن العربي: "وأما الخروج من الصف، فلا يكون إلا لحاجة تعرض للإنسان، أو في رسالة يرسلها الإمام، ومنفعة تظهر في المقام، كفرصةٍ تنتهز ولا خلاف فيها، أو يتظاهر على التبرز للمبارزة"(4).
الدليل الثالث: قول اللَّه -تعالى-: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (5).
• وجه الدلالة: قال أبو ذر رضي الله عنه: "نَزَلَتْ في حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ، يوم بَرَزُوا في يَوْمِ بَدْرٍ"(6).
• ثانيًا: السنة: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الحَارِثِ"، فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَى عُتْبَةَ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى شَيْبَةَ، وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْد والْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ، فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ،
(1) سورة النور، الآية:(62).
(2)
عمدة القاري (14/ 228).
(3)
سورة الصف، الآية:(4).
(4)
أحكام القرآن لابن العربي (4/ 243).
(5)
سورة الحج، الآية:(19).
(6)
أخرجه البخاري واللفظ له، كتاب التفسير، باب:(6/ 98) رقم (4743)، ومسلم، كتاب التفسير، باب: في قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (4/ 2323) رقم (3033).