الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[175/ 175] لا يزيد نفل من ساق مغنما عن الربع في البدأة والثلث في الرجعة
• المراد بالمسألة: أجمع العلماء على أن لا يزيد نفل من ساق مغنمًا عن ربعه في البدأة، وثلثه في الرجوع.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال؛ "واتفقوا أنه لا ينفل من ساق مغنمًا أكثر من ربعه في الدخول، ولا أكثر من ثلثه في الخروج"(1) نقله ابن القطان (628 هـ)(2).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بحديث حَبِيبِ بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه قال: "شَهِدْتُ النبي صلى الله عليه وسلم نَفَلَ الرُّبُعَ في الْبَدْأَةِ، وَالثُّلُثَ في الرَّجْعَةِ"(8).
• المخالفون للإجماع: مختصر اختلاف من أي شيء يكون النفل، وفي مقداره، وهل يجوز الوعد به قبل الحرب، على أقوال:
فقال الثوري: لا نفل بعد إحراز الغنيمة، إنما النفل أن يقول: من قتل قتيلًا فله سلبه، ومن أصاب شيئًا فهو له.
وقال الأوزاعي: في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، قد كان ينفل فى البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث.
(1) مراتب الإجماع (ص 118).
(2)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 345).
(3)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 231)، وحاشية ابن عابدين (4/ 156).
(4)
التمهيد لابن عبد البر (14/ 55)، وأضواء البيان (2/ 80).
(5)
الحاوي الكبير (8/ 401).
(6)
انظر: الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 289)، والسياسة الشرعية (ص 32)، والمبدع لابن مفلح (3/ 342).
(7)
إحكام الأحكام (4/ 235).
(8)
أخرجه أحمد (4/ 160) رقم (17504)، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب: فيمن قال: الخمس قبل النفل (3/ 80) رقم (2750). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 92): "رجال أحمد ثقات".
وقال الشافعي: يجوز أن ينفل بعد إحراز الغنيمة على وجه الاجتهاد.
وقال الطحاوي: فأما التنفيل في البداءة قبل القتال فمما قد عمل به المسلمون، وما كان منه في القفول فإنه يحتمل أن يكون في الحال التي كانت الغنائم كلها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بغير خمس كان فيها. كما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: من فعل كذا فله كذا. فلما كانت الغنيمة جاءت الشبان يطلبون نفلهم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا تحت الرايات، ولو انهزمتم كنا ردءًا لكم، فأنزل اللَّه -تعالى-:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ. . .} الآية، فقسم بينهم بالسوية.
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قسمها بينهم بغير خمس أخرجه منها، وقد كان له أن لا يقسم منها شيئًا، فيحتمل أن يكون حديث ابن مسلمة في الحال التي كانت القسمة فيها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلا حجة فيه.
فإن قيل: ذكر في حديث حبيب الربع والثلث بعد الخمس، وذلك بعد الحال التي كانت الغنائم كلها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قيل له: لا دليل فيه على ما ذكرت؛ لأنه لم يذكر أنه الخمس الذي يستحقه أهل الخمس، وجائز أن يكون ذلك على خمس الغنيمة، لا فرق بينه وبين الثلث والنصف، وقد روي عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها ابن عمر، فغنموا غنائم كثيرة، فكانت غنائمهم لكل إنسان اثني عشر بعيرًا، ونفل كل إنسان منهم بعيرًا بعيرًا، فذكر السهمان للجيش، وأخبر أن النفل جار من غير نصيب الجيش (1).
وسبب هذا الاختلاف ما ظنه البعض من تعارض بين الآيتين الواردتين في المغانم، فمن رأى أن قوله -تعالى-:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} . ناسخًا لقوله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ. . .} قال: لا نفل إلا من الخمس، أو من خمس الخمس. ومن رأى أن الآيتين لا معارضة بينهما، وأنها على التخيير، أعني: أن للإمام أن ينفل من رأس الغنيمة من شاء، وله ألا ينفل
(1) مختصر اختلاف العلماء (3/ 459).