الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[134/ 134] لا ضمان على المحتسب المعين إذا كسر المنكر
• المراد بالمسألة: أجمع المسلمون على أن المحتسب المعين إذا كسر المنكر فإنه لا يضمن.
• من نقل الإجماع: السنامي (734 هـ) قال: "المنصوب للحسبة لا يضمن بإتلاف المعازف عند أبي حنيفة، والمتطوع يضمن عنده، والحيلة أن لا يضمن المتطوع أيضًا أن يستوهبه من المالك، فإن وهبه يكسره، ولا يضمن إجماعًا"(1) ابن نجيم (970 هـ) قال: "الضمان على من أتلفها، فعنده يضمن، وعندهما لا، كذا في البدائع، ولكن الفتوى في الضمان على قولهما -كما سيأتي في الغصب- ومحله: ما إذا كسرها غير القاضي والمحتسب، أما هما فلا ضمان اتفاقًا"(2) ابن عابدين (1252 هـ) قال: "هذا الاختلاف في الضمان دون إباحة إتلاف المعازف، وفيما يصلح لعمل آخر، وإلا لم يضمن شيئًا اتفاقا، وفيما إذا فعل بلا إذن الإمام، وإلا لم يضمن اتفاقًا، وفي غير عود المغني وخابية الخمار، وإلا لم يضمن اتفاقًا؛ لأنه إن لم يكسرها عاد لفعله القبيح"(3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة، والآثار، والمعقول:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} (8).
(1) نصاب الاحتساب للسنامي (ص 324).
(2)
البحر الرائق (6/ 78).
(3)
حاشية ابن عابدين (6/ 212).
(4)
عمدة القاري (13/ 32)، والفتاوى الهندية (5/ 373).
(5)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 384).
(6)
غاية البيان للرملي (ص 21).
(7)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 294)، ومنهاج السنة النبوية (3/ 439).
(8)
سورة طه، الآية:(97).
• وجه الدلالة: أن موسى عليه السلام أتلف العجل المتخذ من ذهب (1).
• ثانيًا: السنة: الدليل الأول: حديث عَبْدِ اللَّه بن عَمْرِو بن الْعَاص رضي الله عنهما قال: رَأَى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فقال:"أأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟ "، قلت: أَغْسِلُهُمَا؟ قال: "بَلْ أَحْرِقْهُمَا"(2).
• وجه الدلالة: أمره النبي صلى الله عليه وسلم بحرقهما، تغليظًا في زجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل (3).
الدليل الثاني: حديث عبد اللَّه بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَحَوْل الْكَعْبَةِ ثلاثمائة وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ في يَدِهِ، وَجَعَلَ يقول:"جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ"(4).
• وجه الدلالة: قال العيني: "قال الطبري: في حديث ابن مسعود جواز كسر آلات الباطل، وما لا يصلح إلَّاَ في المعصية، حتى تزول هيئتها، وينتفع برضاضها. وقال ابن بطال: آلات اللهو، كالطنابير، والعيدان، والصلبان، والأنصاب تكسر حتى تغير عن هيئتها إلى خلافها، ويُقال: وكل ما لا معنى لها إلا التَّلَهي بها عن ذكر اللَّه تعالى، والشغل بها عما يحبه اللَّه إلى ما يسخطه، يجب أن يُغير عن هيئته المكروهة إلى خلافها من الهيئات التي يزول معها المعنى المكروه، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كسر الأصنام والجوهر الذي فيها، ولا شك أنه يصلح إذا غير عن الهيئة المكروهة، وينتفع به بعد الكسر، وقد روي عن جماعة من السلف كسر آلات الملاهي"(5).
كما يستدل على ذلك بعموم أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من
(1) منهاج السنة النبوية (3/ 439).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب: النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر (3/ 1647) رقم (2077).
(3)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (14/ 55، 56).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب المظالم، باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر (3/ 136) رقم (2478).
(5)
عمدة القاري (13/ 32).