الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون الإمام غير مجتهد، ولا خبير بمواقع الاجتهاد، ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الاجتهاد، فيراجعه في الأحكام، ويستفتي منه في الحلال والحرام" (1).
واعتبر ابن حزم (2) هذا الشرط من الشروط المستحبة لا الواجبة، وإلى هذا القول ذهب أكثر الحنفية (3).
وقال الغزالي: "وليست رتبة الاجتهاد مما لابد منه في الإمامة ضرورة، بل الورع الداعي إلى مراجعة أهل العلم فيه كاف، فإذا كان المقصود ترتيب الإمامة على وفق الشرع، فأي فرق بين أن يعرف حكم الشرع بنظره، أو يعرفه باتباع أفضل أهل زمانه؟ ! ! "(4).
• واستدلوا بما يلي (5):
1 -
تعذر حصول هذا الشرط مع بقية الشروط في شخص واحد، خصوصًا في هذه الأزمان، حيث ضعف الوازع الديني عند الناس، وضعفت هممهم عن طلب العلم وبلوغ مرتبة الاجتهاد فيه.
2 -
أنه طالما كان المقصود من تصريف الأمور أن يكون على وفق ما يقضي به الشرع الإسلامي، فإنه من الممكن حصول ذلك بالاستعانة بالعلماء المجتهدين، واستفتائهم في كل أمر يحتاج فيه إليهم.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[12/ 12] أن يكون الإمام بصيرًا بأمور الحرب
• المراد بالمسألة: البصيرة لغة: البصر العين إلا أنه مذكر، وقيل: البصر حاسة الرؤية. يُقال: فلان نظر ببصره فرأى، ورأى ببصيرته فاهتدى. والبصيرة
(1) المرجع السابق.
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 129).
(3)
حواشي الشرواني (9/ 75)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).
(4)
فضائح الباطنية، لأبي حامد الغزالي، تحقيق: عبد الرحمن بدوي، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، طبعة 1383 هـ (ص 192).
(5)
الإمامة العظمى للدميجي (ص 250).
-أيضًا-: الحجة، والبصر نفاذ في القلب، وبصر القلب: نظره وخاطره، والبصيرة: عقيدة القلب. وقيل: البصيرة الفطنة (1). البصيرة اصطلاحًا: العلم بالشيء، وهي من المعاني القلبية (2). وقيل: البصيرة: نور القلب، وهو ما به يستبصر ويتأمل، أي: قوة القلب المدركة، وقيل: البصيرة: فقه القلب في حل إشكال مسائل الخلاف، فيما لا يتعلق العلم به تعلق القطع، وحقيقتها نور يقذف في القلب يستدل به العقل الخالط عشواء على سبيل الإصابة (3).
وقد اتفق العلماء على أن الإمام الأعظم يجب أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف، بصيرًا بأمور الحرب، وتدبير الجيوش، وسد الثغور، وحماية البيضة.
• من نقل الإجماع: القرطبي (671 هـ) قال: "أن يكون -الإمام- ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب، وتدبير الجيوش، وسد الثغور، وحماية البيضة. . . الدليل على هذا كله: إجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه لا خلاف بينهم أنه لابد من أن يكون ذلك كله مجتمعًا فيه"(4) نقله الشنقيطي (1393 هـ)(5) الآمدى (631 هـ) قال: "شروط الإمام المتفق عليها ثمانية: الثاني: أن يكون بصيرًا بأمور الحرب، وترتيب الجيوش، وحفظ الثغور"(6) نقله الوشتاني الأبي المالكي (827 هـ)(7).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (8)، والمالكية (9)،
(1) لسان العرب (4/ 64)، والمعجم الوسيط (1/ 59)(بصر).
(2)
عمدة القاري (17/ 152).
(3)
فيض القدير (1/ 260).
(4)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 270).
(5)
أضواء البيان (1/ 28).
(6)
أبكار الأفكار في أصول الدين (5/ 191).
(7)
إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم (5/ 159).
(8)
البحر الرائق (5/ 80).
(9)
تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، محمد بن الطيب الباقلاني، تحقيق: عماد الدين حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان، الطبعة الأولى 1407 هـ (ص 471)، ومقدمة ابن خلدون (ص 193)، وأضواء البيان (1/ 28).
والشافعية (1)، والحنابلة (2).
• مستند الإجماع: ويستدل لذلك بحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي. ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرَ إنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا"(3).
• وجه الدلالة: قال النووى: "هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية"(4).
فيجب أن يكون الإمام قادرًا على سياسة الرعية، وتدبير مصالحهم الدينية والدنيوية؛ لأن الحوادث التي تحدث في الدولة تُرفع إليه، فيتسنى له البت فيها، ولن تتبين له المصلحة إلا إذا كان على قدر من الحكمة والرأي والتدبير، فحقيقة الإمامة: خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به (5).
قال الجويني: "وسر الإمامة استتباع الآراء وجمعها على رأي صائب، ومن ضرورة ذلك استقلال الإمام. . . ولا بد على كل حال من كون الإمام متبوعًا غير تابع"(6).
• المخالفون للإجماع: خالف عدد من العلماء الإجماع، ولم يروا هذا الشرط معتبرًا، وذهبوا إلى أن الإمام له أن يستشير في ذلك أصحاب الرأي والمشورة، وذلك لتعذر حصول هذا الشرط مع بقية الشروط في شخص واحد (7).
(1) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 6)، وغياث الأمم (ص 68)، وفضائح الباطنية (ص 185).
(2)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 20)، وشرح منتهى الإرادات (3/ 388)، ومطالب أولي النهى (6/ 264).
(3)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة من غير ضرورة (1825).
(4)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 210).
(5)
مقدمة ابن خلدون (ص 191).
(6)
غياث الأمم (ص 66، 67).
(7)
حواشي الشرواني (9/ 75)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).