الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بالآثار الدالة على اتفاق المصدر الأول، فمن بعدهم على اتباع الطرق المقررة لانعقاد الإمامة، فقد أجمعوا على الاختيار بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وتابعوا أبا بكر رضي الله عنه في استخلافه لعمر رضي الله عنه، وبايعوا عثمان رضي الله عنه بعد تنفيذ شورى عمر رضي الله عنه في الستة. وقد ذكرنا آنفًا الآثار الدالة على ذلك.
النتيجة:
صحة الإجماع على أنه لا يكفي الشخص بمجرد صلوحه للإمامة وجمعه لشرائطها أن يصير إمامًا، بل لابد من ولوج إحدى الطرق المقررة لانعقاد الإمامة.
[30/ 30] تنفيذ عهد الإمام إذا أوصى بالإمامة إلى من يصلح لها
• المراد بالمسألة: العهد لغة: الميثاق، فكل ما بين العباد من مواثيق فهو عهد، ومنه قيل: ولي العهد؛ لأنه ولي الميثاق الذي يؤخذ على من بايع الخليفة (1).
العهد اصطلاحًا: أن يستخلف الإمام آخر بعده في الخلافة، ويعهد بها إليه (2). وقد اتفق العلماء على تنفيذ عهد الإمام إذا أوصى بالإمامة إلى من يصلح لها.
• من نقل الإجماع: أبو منصور البغدادي (429 هـ) قال: "إذا أوصى بها الإمام إلى من يصلح لها وجبت على الأمة إنفاذ وصيته، كما أوصى بها أبو بكر إلى عمر، وأجمعت الصحابة على متابعته، فيها"(3). الماوردي (450 هـ) قال: "وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله، فهو مما انعقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته"(4) أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: "أصل تولية العهد ثابت قطعًا، مستند إلى إجماع حملة الشريعة"(5). القاضي عياض (544 هـ) قال:
(1) لسان العرب (3/ 311)(عهد)، معجم مقاييس اللغة (4/ 167)(عهد).
(2)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25).
(3)
أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص 285).
(4)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 11).
(5)
غياث الأمم (ص 100).
"إجماع الصحابة. . . على تنفيذ عهد أبى بكر لعمر"(1) ابن قدامة (620 هـ) قال: "من اتفق المسلمون على إمامته وبيعته ثبتت إمامته ووجبت معونته؛ لما ذكرنا من الحديث والإجماع، وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعهد إمام قبله إليه، فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة على بيعته، وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، وأجمع الصحابة على قبوله"(2) الإيجي (756 هـ) قال: "تثبت -الإمامة- بالنص من الرسول، ومن الإمام السابق بالإجماع"(3) النووي (676 هـ). قال: "أجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف"(4)، نقله ابن حجر العسقلاني (852 هـ) (5) والشوكاني (1250 هـ) (6) ابن خلدون (808 هـ) حيث قال بشأن ولاية العهد:"وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده"(7) ابن حجر العسقلاني (852 هـ) قال: "إطباق الصحابة على متابعة أبي بكر، ثم على طاعته في مبايعة عمر"(8).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (9)، والمالكية (10)، والشافعية (11)، والحنابلة (12)، والظاهرية (13).
(1) إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 221).
(2)
المغني في فقه الإمام أحمد (10/ 49).
(3)
المواقف (3/ 592).
(4)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 205)،
(5)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (13/ 208).
(6)
نيل الأوطار (6/ 110).
(7)
مقدمة ابن خلدون (ص 210).
(8)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (13/ 208).
(9)
الفصول في الأصول (4/ 54).
(10)
أحكام القرآن لابن العربي (3/ 409)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 268)، والذخيرة للقرافي (10/ 25).
(11)
روضة الطالبين (10/ 44)، ومغني المحتاج (4/ 131)، ونهاية المحتاج (1/ 411).
(12)
الإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 159).
(13)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 129 وما بعدها).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من السنة، والآثار:
• أولًا: السنة: حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بها، وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ"(1).
ومثله حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ"(2).
• وجه الدلالة: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم سنته، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، ومن سنتهم رضي الله عنه استخلاف من يصلح للإمامة، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعهده لعمر رضي الله عنه.
• ثانيًا الآثار: جمع أبو بكر الصديق رضى اللَّه عنه الناس في مرضه الذي قُبض فيه وقال لهم: "أمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي". فقاموا في ذلك، وحلُّوا عنه، فلم تستقم لهم، فقالوا: ارأ لنا يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: "فلعلكم تختلفون؟ " قالوا: لا، قال:"فعليكم عهد اللَّه على الرضا؟ " قالوا: نعم. قال: "فأمهلوني أنظر للَّه ودينه ولعباده"، فأرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما فقال:"أشر علي برجل، واللَّه إنك عندي لها لأهل وموضع". فقال: عمر. فقال: "اكتب". فكتب حتى انتهى إلى الاسم، فغُشي عليه، ثم أفاق فقال:"اكتب عمر"(3).
(1) أخرجه أحمد (4/ 126) رقم (17184)، أبو داود، باب: لزوم السنة (4/ 200) رقم (4607)، والترمذي، كتاب العلم، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة (5/ 44) رقم (2676)، وابن ماجه، المقدمة، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين (1/ 15) رقم (42).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 382) رقم (23293)، والترمذي، باب: مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (5/ 609) رقم (3662) وحسنه، وصححه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، باب: أبو بكر ابن أبي قحافة (3/ 79) رقم (4451، 4452، 4453، . . .)، كما حسنه ابن الملقن في البدر المنير (9/ 578).
(3)
تقدم تخريجه.