الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-رضي الله عنه في التبري.
• ثالثًا: المعقول: أن فى توريث الخلافة مظنة التهمة والشبهات والإيثار والمحاباة (1).
القول الثالث: جواز تولية الأب دون الابن (2) واستدلوا على ذلك بأن الجبلة البشرية تقضي بمحاباة الولد دون الوالد، فهي للولد مظنة الشبهة والإيثار والمحاباة خلافًا للوالد (3).
القول الرابع: جواز ترشيح أقاربه خلا الابن أو الأب، ومنهم من قيدها بموافقة أهل الحل والعقد، ومنهم من عدّها من الحقوق الخالصة للخليفة (4).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[35/ 35] جواز تعيين الإمام المتغلب
• المراد بالمسألة: الإجماع على أن من قهر الناس متغلبًا، فهو ذو سلطان مطاع إذا أمر بطاعة اللَّه.
• من نقل الإجماع: ابن بطال (449 هـ) قال: "الفقهاء مجمعون على أن طاعة المتغلب واجبة، ما أقام على الجمعات والأعياد والجهاد، وأنصف المظلوم فى الأغلب، فإن طاعته خير من الخروج عليه". نقله ابن حجر العسقلاني (852 هـ)(5) والشوكاني (1250 هـ)(6).
(1) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 12)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25)، ومآثر الإنافة (1/ 26).
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 12)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25)، روضة الطالبين (10/ 45)، ومآثر الإنافة (1/ 26).
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 12)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25)، ومآثر الإنافة (1/ 26).
(4)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 12)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25)، ومآثر الإنافة (1/ 26).
(5)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (13/ 7).
(6)
نيل الأوطار (7/ 201).
أبو اليسر البزدوي (1)(493 هـ) قال: "قال عامة أهل السنة والجماعة إن واحدًا لو غلب الناس وقعد إمامًا بالغلبة، وله شوكة وقوة، يصير إمامًا، وتنفذ أحكامه وقضاياه، وعند القدرية والخوارج والمعتزلة لا يكون إمامًا، والصحيح ما قاله أهل السنة والجماعة؛ لِمَا بيَّنا أن عامة بني مروان لم يعقد لهم أهل الرأي والتدبير والفقه لهم عقد الإمامة، وإنما جعلوا أنفسهم أئمة بالقهر، وإجماع العلماء أنهم صاروا أئمة، فلأنهم لو لم يصيروا أئمة أدى إلى الفساد ووقوع الفتن"(2). محمد بن عبد الوهاب (3)(1206 هـ) قال: "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلَّب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء"(4).
(1) هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم أبو اليسر البزدوي، تفقه عليه عبد الكريم بن محمد، وأبو بكر السمرقندي، وولده القاضي أبو المعالي، كان قاضي القضاة بسمرقند، قال عمر بن محمد النسفي:"كان شيخ أصحابنا بما وراء النهر، وكان إمام الأئمة على الإطلاق، والوفود إليه من الآفاق، ملأ المشرق والمغرب بتصانيفه فى الأصول والفروع"، توفي سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. يُنظر: طبقات الحنفية (2/ 370).
(2)
أصول الدين، لأبي اليسر محمد البزدوي، تحقيق: هانز بيتر لنس، ضبطه وعلق عليه: أحمد حجازي السقا، المكتبة الأزهرية للتراث، طبعة 1424 هـ (ص 198)
(3)
هو الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي، من بني تميم، ولد سنة خمس عشرة ومائة وألف بالعيينة، نشأ على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وكتب السلف عامة، وارتحل في طلب العلم، فأخذ عن علماء مكة والمدينة والأحساء والبصرة، وبدأ دعوته من حريملاء، ثم العيينة، ثم الدرعية، فشرح اللَّه صدر أمير الدرعية محمد بن سعود لنصرته، فانتشرت دعوته لتشمل نجد وغيرها، له كتاب التوحيد، وكشف الشبهات، ومسائل الجاهلية، وغيرها كثير، توفي سنة ست ومائتين وألف. يُنظر: عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن عبد اللَّه بن بشر النجدي الحنبلي، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ، دارة الملك عبد العزيز، طبعة 1402 هـ (1/ 31 وما بعدها)، وعلماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ عبد اللَّه البسام، (1/ 125 - 168).
(4)
الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، الطبعة الثانية 1385 هـ (7/ 239).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من السنة والآثار والمعقول:
• أولًا: السنة:
1 -
حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ:"إِلَّا أَنْ تَرَوْا كفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّه فِيهِ بُرْهَانٌ"(6).
2 -
حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ فيّ:"نَعَمْ"، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: "يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَاي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَان إِنْسٍ"، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ"(7).
(1) غمز عيون البصائر (4/ 111)، والدر المختار شرح تنوير الأبصار (1/ 548)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 549).
(2)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 269)، والاعتصام للشاطبي (2/ 128)، ومنح الجليل شرح على مختصر سيد خليل (8/ 264)، وبلغة السالك لأقرب المسالك (4/ 220)، وأضواء البيان (1/ 23).
(3)
روضة الطالبين (10/ 46)، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (4/ 110)، ومغني المحتاج (4/ 132)، ونهاية المحتاج (7/ 412)، وحاشيتا القليوبى وعميرة (4/ 173).
(4)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 23)، والمغني في فقه الإمام أحمد (10/ 49)، ومنهاج السنة النبوية (1/ 365)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 159).
(5)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 73).
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
تقدم تخريجه.
• وجه الدلالة: فيهما دلالة على السمع والطاعة وترك الخروج على الأئمة؛ لئلا يشق عصا المسلمين، وألا يتسبب إلى سفك الدماء وهتك الحريم، إلا أن يكفر الإمام، ويُظهر خلاف دعوة الإسلام، فلا طاعة له، ويسري هذا على من ساد الناس ثلاثة أيام إمامًا.
• ثانيًا: الآثار:
1 -
قول ابن عمر رضي الله عنهما: "لا أقاتل في فتنة، وأصلى وراء من غلب"(1).
2 -
ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم صلّوا خلف أئمة الجور من بني أمية، ورضوا بتقلدهم رئاسة الدولة (2)، وروي عن عبد الكريم البكاء أنه قال:"أدركت عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يصلون خلف أئمة الجور"(3).
قال الشوكاني: "ثبت إجماع أهل العصر الأول من بقية الصحابة ومن معهم من التابعين إجماعًا فعليًّا، ولا يبعد أن يكون قوليًّا، على الصلاة خلف الجائرين؛ لأن الأمراء في تلك الأعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس، فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم في كل بلدة فيها أمير، وكانت الدولة إذا ذاك لبني أمية، وحالهم وحال أمرائهم لا يخفى"(4).
• ثالثًا: المعقول: للضرورة وخوف الفتنة (5)، وتقديمًا لأخف المفسدتين (6)، ولينتظم شمل المسلمين (7).
(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (4/ 149)، ونعيم بن حماد في الفتن، تحقيق: سمير أمين الزهيري، مكتبة التوحيد، القاهرة، الطبعة الأولى 1412 هـ (2/ 712) رقم (1998)، وذكره ابن أبي حاتم في الثقات (8/ 402) رقم (14097) وسكت عنه.
(2)
حاشية ابن عابدين (1/ 549).
(3)
تقدم تخريجه (ص 104).
(4)
نيل الأوطار (3/ 200).
(5)
حاشية ابن عابدين (1/ 549).
(6)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد عرفه الدسوقي، تحقيق: محمد عليش، دار الفكر، بيروت (4/ 299).
(7)
روضة الطالبين (10/ 46).
قال النووي: "وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه: ما يترتب على ذلك من الفتن، وإراقة الدماء، وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه"(1).
وقال الغزالي: "لو تعذر وجود الورع والعلم فيمن يتصدى للإمامة، وكان في صرفه إثارة فتنة لا تطاق، حكمنا بانعقاد إمامته؛ لأننا بين أن نحرِّك فتنة بالاستبدال، فما يلقى المسلمون منه من الضرر يزيد على ما يفوتهم من نقصان هذه الشروط التي أثبتت المزية المصلحة، فلا يُهدم أصل المصلحة شغفًا بمزاياها، كالذي يبني قصرًا ويهدم مصرًا، وبين أن نحكم بخلو البلاد من الإمام، وبفساد الأقضية، وذلك محال، ونحن نقضي بنفوذ قضاء أهل البغي في بلادهم؛ لمسيس حاجتهم، فكيف لا نقضي بصحة الإمامة عند الحاجة والضرورة؟ "(2).
• من خالف الإجماع: الخوارج، والمعتزلة (3) ووجه عند الشافعية إن لم يكن جامعًا لشرائط الخلافة بأن كان فاسقًا أو جاهلًا (4).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
(1) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 229).
(2)
إحياء علوم الدين (2/ 233).
(3)
أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص 279).
(4)
مآثر الإنافة في معالم الخلافة (1/ 58)