الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[195/ 195] يحرم على الولاة أخذ أموال الناس بغير حق
• المراد بالمسألة: اتفق أهل العلم على حرمة أخذ الولاة لأموال الناس بغير حق.
• من نقل الإجماع: الطبري (310 هـ) قال: "أجمع جميع الخاصة والعامة أن اللَّه عز وجل حرَّم أخذ مال امرئ مسلم أو معاهد بغير حق، إذا كان المأخوذ منه ماله، غير طيب النفس بأن يؤخذ منه ما أخذ، وأجمعوا جميعًا أن آخذه على السبيل التي وصفنا بفعله آثم، وبأخذه ظالم"(1) ابن المنذر (319 هـ) قال: "وقد أجمع أهل العلم أن اللَّه عز وجل حرّم أموال المسلمين والمعاهدين بغير حق"(2) ابن حزم (456 هـ) قال: "اتَّفَقُوا أَن المراصد (3) المَوْضُوعَة للمغارم على الطّرق، وعند أَبْوَابْ المدن، ومَا يُؤْخَذ في الأسواق من المكوس على السّلع المجلوبة من المَارَّة والتجار، ظلم عَظِيم، وَحرَام، وَفسق"(4). نقله ابن تيمية (728 هـ)(5) ابن عبد البر (463 هـ) قال: "أجمعوا أنه لا يحل ملك مالك، إلا عن طيب نفسه"(6) ابن رشد الحفيد (595 هـ) قال: "لا يحل مال أحد إلا بطيب نفس منه، كما قال عليه الصلاة والسلام، وانعقد عليه الإجماع"(7) ابن قدامة (620 هـ) قال: "وأجمع المسلمون على تحريم الغصب في الجملة"(8) ابن تيمية (728 هـ) قال: "فصارت الأموال في هذا
(1) اختلاف الفقهاء (ص 170).
(2)
الإجماع (ص 184).
(3)
المراصد: جمع مرصد، وهو موضع الرصد، أي: موضع مهيأ لرقابة شيء على مسلكه. والمراد بها هنا: المواضع التي يجلس فيها من يُسمى الرصدي نسبة إلى الرصد، وهو الذي يقعد على الطريق ينتظر الناس ليأْخذ شيئًا من أموالهم ظلمًا وعدوانًا. ينظر: لسان العرب (3/ 178)(رصد)، ومعجم مقاييس اللغة (2/ 400)(رصد)، ومواهب الجليل (3/ 452)، وأسنى المطالب (1/ 448).
(4)
مراتب الإجماع (ص 121).
(5)
قاعدة في الأموال السلطانية لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 37).
(6)
الاستذكار (7/ 280).
(7)
بداية المجتهد (2/ 167).
(8)
المغني في فقه الإمام أحمد (5/ 139).
الزمان وما قبله ثلاثة أنواع: نوع يستحق الإمام قبضه بالكتاب والسنة والإجماع كما ذكرناه، ونوع يحرم أخذه بالإجماع، كالجبايات التي تؤخذ من أهل القرية لبيت المال؛ لأجل قتيل قُتل بينهم وإن كان له وارث، أو على حد ارتكبه، وتسقط عنه العقوبة بذلك، وكالمكوس التي لا يسوغ وضعها اتفاقًا" (1) الرحيباني (1243 هـ) قال:"يحرم تعشير أموال المسلمين -أي أخذ عشرها- والكُلَف -أي الضرائب- التي ضربها الملوك على الناس بغير طريق شرعي إجماعًا"(2) الشوكاني (1250 هـ) قال: "ولا شك أن من أكل مال مسلم بغير طيب نفسه آكل له بالباطل، ومصرح به في عدة أحاديث. . . ومجمع عليه عند كافة المسلمين"(3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} إلى قوله -تعالى-: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} (9).
(1) السياسة الشرعية (ص 37).
(2)
مطالب أولي النهى (2/ 619).
(3)
نيل الأوطار (6/ 49).
(4)
تبيين الحقائق (1/ 282)، والبحر الرائق (2/ 249)، وحاشية ابن عابدين (2/ 310).
(5)
التاج والإكليل (3/ 452)، ومواهب الجليل (3/ 452)، وحاشية الدسوقي (2/ 6).
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (11/ 203)، وأسنى المطالب (1/ 448)، ومغني المحتاج (1/ 268).
(7)
مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 319)، والفروع لابن مفلح (10/ 374)، والإنصاف للمرداوي (6/ 91).
(8)
مراتب الإجماع (ص 121).
(9)
سورة الأعراف، الآيتان:(85، 86).
• وجه الدلالة: قال القرطبي: "يأخذون من الناس ما لا يلزمهم شرعًا من الوظائف المالية بالقهر والجبر، فضمنوا ما لا يجوز ضمان أصله؛ من الزكاة والمواريث والملاهي، والمترتبون في الطرق، إلى غير ذلك مما قد كثر في الوجود، وعُمِل به في سائر البلاد، وهو من أعظم الذنوب وأكبرها وأفحشها، فإنه غصب، وظلم، وعسف على الناس، وإذاعة للمنكر، وعمل به، ودوام عليه، وإقرار له"(1).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (2).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "ينهى اللَّه تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضًا بالباطل، أي: بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية"(3).
وقال القرطبي: "الخطاب بهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق. فيدخل في هذا: القمار، والخداع، والغصوب، وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه، أو حرمته الشريعة وإن طابت به نفس مالكه، كمهر البغي، وحلوان الكاهن، وأثمان الخمور والخنازير، وغير ذلك"(4).
• ثانيًا: السنة: الدليل الأول: حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا في بَلَدِكُمْ هذا. . . "(5).
• وجه الدلالة: قال النووي: "المراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض، والتحذير من ذلك"(6).
(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (7/ 249).
(2)
سورة البقرة، الآية:(188).
(3)
تفسير ابن كثير (1/ 480).
(4)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 338).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (11/ 169).