الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك، وأمكنه البعض فعل الممكن" (1).
• من خالف الإجماع: ذهب بعض الشافعية (2)، وهو مذهب الحنابلة (3) إلى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل حال، وإن علم عدم امتثاله، وأنه ليس عليه القبول.
واستدلوا بعموم الأدلة التي توجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (4)؛ إذ لم تخصص بحال دون حال.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[127/ 127] تغيير المنكر فرض عين على المحتسب وعلى من قدر عليه
• المراد بالمسألة: اتفق العلماء على أن تغيير المنكر فرض عين على من قدر عليه، وأولى الناس بالقدرة هم الحكام، ومن ولوه أمر الحسبة.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) قال: "أجمع المسلمون أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه"(5) نقله القرطبي (671 هـ)(6)، وابن القطان (628 هـ) (7) ابن عطية الأندلسي (542 هـ) قال:"والإجماع على أن النهي عن المنكر واجب لمن أطاقه"(8) نقله القرطبي (671 هـ)(9)، والثعالبي (876 هـ) (10) القرافي (684 هـ) قال:"قال العلماء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إجماعًا على الفور، فمن أمكنه أن يأمر بمعروف وجب عليه"(11) ابن
(1) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (9/ 102).
(2)
المجموع شرح المهذب (2/ 205)، ونهاية المحتاج (1/ 231).
(3)
مطالب أولي النهي (1/ 276).
(4)
راجع (ص 452).
(5)
التمهيد لابن عبد البر (23/ 281).
(6)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 48).
(7)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 306).
(8)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/ 224).
(9)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/ 253).
(10)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن (1/ 479).
(11)
الذخيرة (13/ 305).
تيمية (728 هـ) قال: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، وكل واحد من الأمة مخاطب بقدر قدرته، وهو من أعظم العبادات"(1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (7).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "المقصود من هذه الآية: أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه"(8).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (9).
• وجه الدلالة: في الآية مدحٌ لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا التغيير، وتواطؤوا على المنكر، زال عنهم المدح، ولحقهم الذم، وكان ذلك سببًا لهلاكهم (10).
(1) المستدرك على مجموع الفتاوى (3/ 203).
(2)
المبسوط للسرخسي (10/ 224)، والبحر الرائق (5/ 45)، وحاشية ابن عابدين (3/ 568).
(3)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 47)، والفواكه الدواني (1/ 93).
(4)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص 270)، وروضة الطالبين (10/ 217)، ومغني المحتاج (4/ 211).
(5)
الحسبة في الإسلام لابن تيمية (ص 11).
(6)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 134).
(7)
سورة آل عمران، الآية:(104).
(8)
تفسير ابن كثير (1/ 391).
(9)
سورة آل عمران، الآية:(110).
(10)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 173).
الدليل الثالث: قول اللَّه -تعالى-: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} (1).
• وجه الدلالة: ذم اللَّه -جل وعلا- بني إسرائيل لتركهم النهي، وكذا من بعدهم يُذم إذا فعل فعلهم (2).
• ثانيًا السنة: الدليل الأول: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَان"(3).
• وجه الدلالة: قال النووي: "أما قوله صلى الله عليه وسلم: "فَلْيُغَيّرْهُ" فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة"(4).
الدليل الثاني: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّه في أُمَّةٍ قَبْلِي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ من بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بيده فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ"(5).
• وجه الدلالة: قال ابن رجب الحنبلي: "معرفة المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد، فمن لم يعرفه هلك، وأما الإنكار باللسان واليد فإنما يجب بحسب الطاقة"(6). وأولى الناس بالطاقة والقدرة هم الحكام، ومن ولوه
(1) سورة المائدة، الآيتان:(78، 79).
(2)
يُنظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/ 253).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 22).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
جامع العلوم والحكم (ص 322).