الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
ولأنه إنما تمكنوا منه بقوة المسلمين، ولأنهم جيش واحد وبعضهم ردء لبعض وإن تفرقوا (1).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم وجود مخالف.
[177/ 177] لا يفضل في القسمة من ساق مغنما قل أو كثر
• المراد بالمسألة: أجمع العلماء على ألا يُفضل في القسمة من ساق مغنمًا قل أو كثر على من لم يسق شيئًا.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "واتفقوا أنه لا يُفضل في القسمة من ساق مغنمًا قل أو كثر على من لم يسق شيئًا"(2) نقله ابن القطان (628 هـ)(3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (9).
• وجه الدلالة: قال الجصاص: "فجعل بهذه الآية أربعة أخماس الغنيمة للغانمين، والخمس للوجوه المذكورة، ونسخ يه ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأنفال، إلا ما كان شرطه قبل إحراز الغنمية، نحو أن يقول: من أصاب شيئًا فهو له،
(1) المرجع نفسه.
(2)
مراتب الإجماع (ص 118).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 345).
(4)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 231)، وحاشية ابن عابدين (4/ 156).
(5)
التمهيد لابن عبد البر (14/ 55)، وأضواء البيان (2/ 80).
(6)
الحاوي الكبير (8/ 401).
(7)
انظر: الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 289)، والسياسة الشرعية (ص 32)، والمبدع لابن مفلح (3/ 342).
(8)
إحكام الأحكام (4/ 235).
(9)
سورة الأنفال، الآية:(41).
ومن قتل قتيلًا فله سلبه" (1).
• ثانيًا: السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بَعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فيها، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا أثنى عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بعيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا"(2).
• وجه الدلالة: قال الجصاص: "فبين في هذا الحديث سهمان الجيش، وأخبر أن النفل لم يكن من جملة الغنيمة، وإنما كان بعد السهمان، وذلك من الخمس"(3).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض فقهاء المالكية إلى القول بأنه لا يلزم الإمام قسمة الغنائم ولا تخميسها، وله أن يحرم بعض الغانمين.
واحتجوا لذلك بما وقع في فتح مكة، وقصة حنين، وقالوا: إنه صلى الله عليه وسلم فتح مكة عنوة بعشرة آلاف مقاتل، ومنَّ على أهلها فردها عليهم، ولم يجعلها غنيمة، ولم يقسمها على الجيش، فلو كان قسم الأخماس الأربعة على الجيش واجبًا لفعله صلى الله عليه وسلم لَمَّا فتح مكة.
قالوا: وكذلك غنائم هوازن في غزوة حنين، أعطى منها عطايا عظيمة جدًّا،
ولم يعط الأنصار منها، مع أنهم من خيار المجاهدين الغازين معه صلى الله عليه وسلم. . . قالوا: لو كان يجب قسم الأخماس الأربعة على الجيش الذي غنمها لما أعطى صلى الله عليه وسلم ألفي ناقة من غنائم هوازن لغير الغزاة، ولما أعطى ما ملأ بين جبلين من الغنم لصفوان بن أمية، وفي ذلك اليوم أعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل، وكذلك عيينة بن حصن الفزاري (4). وقد رد النووي هذا القول بأنه مخالف للإجماع (5).
(1) أحكام القرآن للجصاص (4/ 230).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 232).
(4)
أضواء البيان (2/ 56).
(5)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 57).
ومن أظهر الأجوبة عما وقع في فتح مكة: أن مكة ليست كغيرها من البلاد؛ لأنها حرام بحرمة اللَّه من يوم خلق السموات والأرض إلى يوم القيامة، وإنما أحلت له صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار، ولم تحل لأحد قبله ولا بعده، وما كان بهذه المثابة فليس كغيره من البلاد التي ليست لها هذه الحرمة العظيمة.
وأما ما وقع في قصة حنين فالجواب عنه ظاهر، وهو أن النَّبي صلى الله عليه وسلم استطاب نفوس الغزاة عن الغنيمة؛ ليؤلف بها قلوب المؤلفة قلوبهم؛ لأجل المصلحة العامة للإسلام والمسلمين (1).
كما اختلف الفقهاء في حكم المغنم من الأراضي، فقال البعض: يخير الإمام بين قسمتها كما يفعل بالذهب والفضة ولا خراج عليها، بل هي أرض عشر مملوكة للغانمين، وبين وقفها للمسلمين بصيغة، وقيل: بغير صيغة، ويدخل في ذلك تركها للمسلمين بخراج مستمر يؤخذ ممن تقر بيده، وهذا التخيير هو مذهب أبي حنيفة والثوري والإمام أحمد. واستدلوا بإجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن سيدنا عمر رضي الله عنه لما فتح سواد العراق ترك الأرضي في أيديهم وضرب على رؤوسهم الجزية على أراضيهم الخراج بمحضر من الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر فكان ذلك إجماعًا منهم (2).
وأما مالك رحمه الله فذهب إلى أنها تصير وقفًا للمسلمين بمجرد الاستيلاء عليها. مستدلًا بما روي: "أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء اللَّه عليهم، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال، فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء".
(1) أضواء البيان (2/ 57).
(2)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 119)