الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ" (1).
• وجه الدلالة: أن العقل مناط التكليف؛ لأن التكليف مقتضاه الطاعة والامتثال، ولا يمكن ذلك إلا بقصد الامتثال، وشرط القصد: العلم بالمقصود والفهم للتكليف، ولا يتصورا في حق المجنون (2).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[56/ 56] يعزل الإمام نفسه إذا لم يقدر على القيام بأعباء الإمامة
• المراد بالمسألة: قد يرى الإمام عجزه عن القيام بمهام الإمامة؛ لهرم، أو مرض، أو لدرء فتنة ونحوها، فانه يجب عليه أن يعزل نفسه؛ حرصًا على مصلحة المسلمين.
• من نقل الإجماع: القرطبي (671 هـ) قال: "لما اتُّفق على أن الوكيل والحاكم وجميع من ناب عن غيره في شيء له أن يعزل نفسه، كذلك الإمام يجب أن يكون مثله"(3) الشنقيطي (1393 هـ) قال: "إن كان عزله لنفسه لموجب يقتضي ذلك، كإخماد فتنة كانت ستشتعل لو لم يعزل نفسه، أو لعلمه من نفسه العجز عن القيام بأعباء الخلافة، فلا نزاع في جواز عزل نفسه؛ ولذا أجمع جميع المسلمين على الثناء على سبط رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما بعزل نفسه، وتسليمه الأمر إلى معاوية رضي الله عنه، بعد أن بايعه أهل العراق؛ حقنًا لدماء المسلمين"(4).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)،
(1) تقدم تخريجه.
(2)
يُنظر: المستصفى للغزالي (1/ 67)، وروضة الناظر لابن قدامة (ص 47).
(3)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 272).
(4)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 32).
(5)
حاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 239)، وروضة القضاة وطريق النجاة (1/ 149).
(6)
الذخيرة للقرافي (10/ 132)، والفواكه الدواني (1/ 325)، ومواهب الجليل (6/ 110).
(7)
الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ص 426)، وروضة الطالبين (10/ 48)، والأحكام السلطانية للماوردي (ص 24)، ومآثر الإنافة (1/ 32).
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من السنة، والآثار، والمعقول:
• أولًا: السنة: حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: أَخْرَجَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمِ الْحَسَنَ، فَصَعِدَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:"إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّه أَنْ يُصلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ"(2).
• وجه الدلالة: قال العيني: "ولم يكن ذلك لعلة ولا لذلة ولا لقلة، وقد بايعه على الموت أربعون ألفًا، فصالحه رعاية لمصلحة دينه ومصلحة الأمة، وكفى به شرفًا وفضلًا"(3). ونوقش: بأنه في غير محل النزاع، ألا ترى أن ما فعله الحسن رضي الله عنه لموجب المصلحة العامة؟
• ثانيًا: الآثار: روي أن أبا بكر رضي الله عنه قام بعدما بويع له، وبايع له علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه، قام ثلاثًا يقول:"أيها الناس، قد أقلتكم بيعتكم، هل من كاره؟ "، فيقوم علي رضي الله عنه في أوائل الناس فيقول:"لا واللَّه، لا نقيلك، ولا نستقيلك أبدًا، قدمك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تصلي بالناس، فمن ذا يؤخرك؟ "(4).
قال القرطبي: "فلو لم يكن له أن يفعل ذلك لأنكرت الصحابة ذلك عليه، ولقالت له: ليس لك أن تقول هذا، وليس لك أن تفعله، فلما أقرته الصحابة على ذلك عُلِم أن للإمام أن يفعل ذلك"(5).
ونوقش: بأنه ضعيف، وفي متنه نكارة (6)، وعلى فرض صحته فهو يدل على الزهد في الولاية، والورع فيها، وخوف اللَّه ألا يقوم بحقوقها (7).
(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 24)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 160).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
عمدة القاري (13/ 284).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 272).
(6)
يُنظر: التلخيص الحبير (4/ 128).
(7)
منهاج السنة النبوية (8/ 288).