الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن كان له حسنات" (1).
الدليل الثالث: حديث عُثْمَانَ بن أبي الْعَاص الثَّقَفِيِّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان لِدَاوُدَ نبي اللَّه عليه السلام مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةٌ يُوقِظُ فيها أَهْلَهُ، فيقول: يا آلَ دَاوُدَ، قُومُوا فَصَلُّوا، فإن هذه سَاعَةٌ يَسْتجِيبُ اللَّه فيها الدُّعَاءَ، إلا لِسَاحِرٍ أو عَشَّارٍ"(2).
• وجه الدلالة: استثنى من جميع خلق اللَّه الساحر والعشار، تشديدًا عليهم وتغليظًا، وأنهم كالآيسين من رحمة اللَّه العامة للخلائق (3).
قال المناوي: "وهذا وعيد شديد يفيد أن المكس من أكبر الكبائر وأفجر الفجور"(4).
النتيجة:
صحة الإجماع على حرمة المكوس، بمعنى أخذ أموال الناس بدون وجه شرعي.
[96/ 96] اختصاص الصفي بالنبي صلى الله عليه وسلم
-
• المراد بالمسألة: الصفي لغة: الخالص، وصفوة كل شيء خالصه، واصطفاه: اختاره (5).
الصفي اصطلاحًا: هو شيء يختاره الإمام من المغنم قبل القسمة، كالجارية، والعبد، والثوب، والسيف، ونحوه (6). وقد اتفقوا أن سهم الصفي ليس لأحد بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
• من نقل الإجماع: الطحاوي (321 هـ) قال: "قد أجمعوا أن سهم الصفي
(1) الكبائر للذهبي، دار الندوة الجديدة، بيروت (ص 115).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 22) رقم (16324) واللفظ له، والطبراني في الكبير (9/ 59) رقم (8374). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 88):"رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح".
(3)
مرقاة المفاتيح (3/ 281).
(4)
فيض القدير (2/ 300).
(5)
تهذيب اللغة (12/ 173، 174)(صفو)، ولسان العرب (14/ 462)(صفا).
(6)
المغني في فقه الإمام أحمد (7/ 303).
ليس لأحد بعد رسول صلى الله عليه وسلم، وأن حكم رسول اللَّه في ذلك خلاف حكم الإمام من بعده" (1). ابن عبد البر (463 هـ) قال:"أجمع العلماء على أن الصفي ليس لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن أبا ثور حُكي عنه ما يخالف هذا الإجماع"(2) نقله ابن القطان (628 هـ)(3) ابن عطية الأندلسي (4)(541) قال: "ولا صفي لأحد بعده بإجماع إلا ما قال أبو ثور من أن الصفي باق للإمام وهو قول معدود في شواذ الأقوال"(5). نقله أبو حيان الأندلسي (6)(745 هـ) قال: "أجمع المسلمون على أنه إذا نزل بالمسلمين حاجة وضرورة بعد أداء الزكاة، فإنه يجب صرف المال إليها"(7) ابن رشد الحفيد (595 هـ) قال: "أجمعوا على أن الصفي ليس لأحد من بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إلا أبا ثور فإنه قال: يجري مجرى سهم النبي صلى الله عليه وسلم"(8) ابن قدامة (620 هـ) قال: "قال أحمد: الصفي إنما كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة لم يبق بعده، ولا نعلم مخالفًا لهذا. . . . وأما انقطاعه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فثابت
(1) شرح معاني الآثار (3/ 239).
(2)
الاستذكار (5/ 83)، والتمهيد (20/ 44).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 346).
(4)
هو أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية المحاربي، الأندلسي، الغرناطي، حدث عن أبيه، وعن أبي علي الغساني، ومحمد بن الفرج، وخلائق، وكان فقيهًا عارفا بالأحكام والحديث والتفسير، بصيرًا بلسان العرب، وله التفسير المشهور "المحرر الوجيز تفسير الكتاب العزيز"، توفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، يُنظر: سير أعلام النبلاء (20/ 133)، وطبقات المفسرين للداودي (ص 175).
(5)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية الأندلسي، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1413 هـ (2/ 530).
(6)
هو محمد بن يوسف بن علي بن حيان، أبو حيان الأندلسي الجياني، ثم الغرناطي، الشافعي، عالم الديار المصرية، ولد سنة أربع وخمسين وستمائة، أخذ عن أبي جعفر بن الزبير، وأبي علي الشلوبين، وأبي الطاهر المليجي، وأبي الجود، وغيرهم، له: البحر المحيط في التفسير، والنهر من البحر، وشرح التسهيل، وغير ذلك، توفي سنة خمس وأربعين وسبعمائة. يُنظر: طبقات الشافعية (3/ 67)، والدرر الكامنة (6/ 58).
(7)
تفسير البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي، تحقيق: عادل عبد الموجود، وعلي محمد معوض، وغيرهم، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1422 هـ (4/ 493).
(8)
بداية المجتهد (1/ 314).
بإجماع الأمة -قبل أبي ثور وبعده- عليه" (1) ابن مفلح (763) قال: "كان له عليه السلام من المغنم الصفي. . . وانقطع ذلك بموته بغير خلاف نعلمه، إلا أبا ثور، فإنه زعم أنه باق للأئمة بعده" (2).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من السنة، والمعقول:
• أولًا: السنة:
1 -
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "كانت لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ صَفَايَا: بَنُو النَّضِيرِ، وَخَيْبَرُ، وَفَدَكُ"(7).
2 -
حديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفِيِّ"(8).
(1) المغني في فقه الإمام أحمد (7/ 303).
(2)
المبدع شرح المقنع (3/ 363).
(3)
المبسوط للسرخسي (3/ 31)، وبدائع الصنائع (7/ 115)، وفتح القدير (5/ 507).
(4)
أحكام القرآن لابن العربي (2/ 406)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 13)، ومواهب الجليل (5/ 9)، والخرشي على مختصر خليل (3/ 160).
(5)
انظر: الحاوي في فقه الشافعي (8/ 390)، ونهاية المطلب في دراية المذهب، لأبي المعالي الجويني، تحقيق: عبد العظيم محمود الديب، دار المنهاج، الطبعة الأولى 1428 هـ (12/ 16)، وروضة الطالبين (7/ 7).
(6)
انظر: الإنصاف للمرداوي (8/ 33)، وشرح منتهى الإرادات (1/ 642)، وكشاف القناع (5/ 27).
(7)
أخرجه أبو داود باب: في صفايا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3/ 141) رقم (2967)، والبيهقي في الكبرى، جماع أبواب ما خص به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، باب: ما أبيح له من أربعة أخماس (7/ 59) رقم (13148).
(8)
أخرجه أبو داود باب: ما جاء في سهم الصفي (3/ 152) رقم (2994)، وابن حبان، كتاب السير، باب: الغنائم وقسمتها (11/ 151) رقم (4822)، والطبراني في الكبير (24/ 66) رقم (175)، والحاكم في المستدرك، كتاب قسم الفيء (2/ 140) رقم (2587). قال الشوكاني في نيل الأوطار (8/ 111):"سكت عنه أبو داود والمنذري، ورجاله رجال الصحيح".
3 -
حديث ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الفَقَارِ (1) يَوْمَ بَدْرٍ"(2).
• وجه الدلالة: قال ملا علي القاري: "أي: اصطفاه وجعله صفيّ المغنم، الذي لا يحل لأحد دونه"(3).
ونوقش: بأن الغنائم التي كانت له يومئذٍ خاصة، فنُسخ الحكم بالتخميس.
وَأَمَّا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بن أَخْطَبَ فهي من خيبر، ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم للغانمين منها إلا البعض، فكان حكمها حكم ذلك البعض الذي لم يقسم، على أنه قد روي أنها وقعت في سهم دحية الكلبي رضي الله عنه، فاشتراها منه النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس (4).
• ثانيًا: المعقول:
1 -
أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ومن بعدهم لم يأخذوه، ولا ذكره أحد منهم، ولا يجمعون على ترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم (5).
• من خالف الإجماع: أبو ثور (6) فإنه قال: إن كان الصفي ثابتًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فللإمام أن يأخذه على
(1) هو سيف منبه بن الحجاج، حين أتى به علي رضي الله عنه بعد أن قتل منبهًا، ثم دفعه إليه. يُنظر: مرقاة المفاتيح (7/ 510).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (1/ 271) رقم (2445)، والترمذي باب: في النفل (4/ 130) رقم (1561)، وابن ماجه، باب: السرح (2/ 939) رقم (2808)، والطبراني في الكبير (10/ 303) رقم (10733)، والحاكم في المستدرك، كتاب قسم الفيء (2/ 141) رقم (2588).
(3)
مرقاة المفاتيح (7/ 532).
(4)
نيل الأوطار (8/ 90).
(5)
المغني في فقه الإمام أحمد (7/ 303).
(6)
هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور الكلبي البغدادي، ولد سنة سبعين ومائة، روى عن ابن علية، وابن عيينة، وابن مهدي، ووكيع، وعنه أبو داود، ومسلم، وابن ماجه، وأبو القاسم البغوي، وأبو حاتم، توفي سنة أربعين ومائتين. يُنظر: تاريخ بغداد (6/ 65)، طبقات الحفاظ (ص 227).