الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: التعوذ من إمارة الصبيان لشرها.
قال المناوي: "الباروخ (1) على اليافوخ (2) أهون من ولاية بعض الفروخ"(3).
• ثانيًا: المعقول: أن الصبي لا ولاية له على نفسه، فكيف تكون له الولاية على غيره؟ والولاية المتعدية فرع الولاية القائمة (4) ولأنه يمنع المقصود الذي هو إقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحماية المسلمين (5).
النتيجة:
صحة الإجماع على اشتراط أن يكون الإمام بالغًا، ولا تجوز إمامة الصبي.
[8/ 8] أن يكون الإمام عاقلًا
• المراد بالمسألة: العقل لغة: الحجر والنهى، ضد الحمق، والجمع: عقول، والعاقل: الجامع لأمره ورأيه، مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه.
وقيل: العقل: الحابس عن ذميم القول والفعل، والعاقل: الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها، أُخِذَ من قولهم: قد اعتقل لسانه، إذا حُبِس ومُنِع الكلام.
وقيل: العقل: نقيض الجهل، وعقل يعقل عقلًا: إذا عرف ما كان يجهله قبل، أو انزجر عما كان يفعله (6).
والعقل في الاصطلاح: صفة يميز بها بين الحسن والقبيح، وهذا يزيله
= فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: سمعت الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يقول: "هَلَاكُ أُمَّتي على يَدَيْ غِلْمَةٍ من قُرَيْشٍ"، فقال مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ؟ قال أبو هُرَيْرَةَ: إن شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ. أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب: علامات النبوة (4/ 199)(3605).
(1)
الباروخ: لم أقف على معناها فيما اطلعت عليه من معاجم اللغة. ولعلها كلمة دخيلة على العربية، أو: هي أداة تعمل عمل السيف في اللحم، ففي لسان العرب (3/ 7) (برخ):"البرخ: أن تقطع بعض اللحم بالسيف".
(2)
اليافوخ: هو الموضع الذي يتحرك من وسط الرأس، ويجمع على: يآفيخ. النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 290)(يأفخ).
(3)
فيض القدير للمناوي (6/ 355).
(4)
حاشية الطحطاوي (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).
(5)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25).
(6)
لسان العرب (11/ 458)(عقل)، ومعجم مقاييس اللغة (4/ 69)(عقل).
الإغماء ونحوه، وقيل: هو غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، أي: الحواس، وهذا لا يزيله إلا الجنون (1).
قال المرداوي (2): "أما زوال العقل فضربان: أحدهما: ما كان عارضًا مرجو الزوال كالإغماء، فهذا لا يمنع من انعقاد الإمامة ولا يخرج منها؛ لأنه مرض قليل اللبس سريع الزوال.
والضرب الثاني: ما كان لازمًا لا يُرجى زواله، كالجنون والخبل، فهو على ضربين: أحدهما: أن يكون مطبقًا دائمًا لا يتخلله إفاقة، فهذا يمنع من عقد الإمامة واستدامتها، فإذا طرأ هذا بطلت به الإمامة بعد تحققه والقطع به. والثَّاني: أن يتخلله إفاقة يعود بها إلى حال السلامة، فيُنظر فيه، فإن كان زمان الخبل أكثر من زمان الإفاقة، فهو كالمستديم يمنع من عقد الإمامة واستدامتها، ويخرج بحدوثه منها، وإن كان زمان الإفاقة أكثر من زمان الخبل منع من عقد الإمامة (3).
وقد أجمع علماء الأمة على اشتراط العقل في الإمام، فلا تنعقد الإمامة لمجنون بداية، ولا تستدام لمن طرأ عليه ثمة جنون، وبالأحرى تبطل بالجنون المطبق، وهو الذي لا تتخلله فترات إفاقة.
• من نقل الإجماع: الماوردي (450 هـ) قال: "وهو -أي: العقل- مجمع على اعتباره"(4) ابن حزم (456 هـ) قال: "واتفقوا أن الإمامة لا تجوز لامرأة ولا لكافر ولا لصبي لم يبلغ، وأنه لا يجوز أن يُعقد لمجنون"(5) الآمدي (631 هـ)
(1) يُنظر: مغني المحتاج (1/ 33)، وحاشية قليوبي (1/ 35)، ونهاية المحتاج (1/ 114).
(2)
هو أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد علاء الدين المرداوي، ثم الدمشقي، الحنبلي، يعد محرر المذهب ومنقحه، وجامع الروايات ومصحهها، له: تصحيح الفروع، وتحرير المنقول في تهذيب الأصول، والتحبير شرح التحرير، توفي سنة خمس وثمانين وثمانمائة. يُنظر: الضوء اللامع (5/ 225)، وشذرات الذهب (7/ 340).
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 18).
(4)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 72).
(5)
مراتب الإجماع لابن حزم (ص 126).
قال: "شروط الإمامة المتفق عليها: . . . الرابع: أن يكون عاقلًا"(1) القرطبي (671 هـ) قال: "أن يكون -الإمام- بالغًا عاقلًا، ولا خلاف في ذلك"(2) الإيجي (756 هـ) قال: "يجب أن يكون -الإمام- عدلًا لئلا يجور، عاقلًا ليصلح للتصرفات. . . فهذه الصفات شروط بالإجماع"(3) الدمشقي (بعد 785 هـ) قال: "اتفق الأئمة على أن الإمامة فرض. . . . . وأن الإمامة لا تجوز لامرأة، ولا كافر، ولا صبي لم يبلغ، ولا مجنون"(4) الخطيب الشربيني (977 هـ) قال: "لا تصح إمامة صبي ومجنون بإجماع"(5). نقله عنه العبادي (6)(994 هـ)، والشرواني (7) (1301 هـ) (8). الشنقيطي (1393 هـ) قال:"أن يكون عاقلًا، فلا تجوز إمامة المجنون ولا المعتوه، وهذا لا نزاع فيه"(9).
(1) أبكار الأفكار في أصول الدين، سيف الدين الآمدي، تحقيق: أحمد محمد المهدي، مطبعة دار الكتب والآثار القومية، القاهرة، الطبعة الثانية 1424 هـ (5/ 191، 192).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 27/).
(3)
المواقف للإيجي (3/ 585).
(4)
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص 283).
(5)
مغني المحتاج (4/ 130).
(6)
هو شهاب الدين أحمد بن قاسم الصباغ العبادي المصري، الشافعي، له: حاشية على ألفية ابن مالك، وحاشية على تحفة المحتاج، وحاشية على شرح جمع الجوامع للمحلى، وغير ذلك، توفي سنة أربع وتسعين وتسعمائة. يُنظر: شذرات الذهب (8/ 434)، ومعجم المؤلفين (1/ 230).
(7)
هو عبد الحميد بن حسين الداغستاني الشرواني، نزيل مكة، أخذ عن إبراهيم الباجوري، ومصطفى أفندي، وعنه أسعد الدهمان، والعطرجي، وجعفر الداغستاني، وغيرهم، اشتهر بحاشية على تحفة المحتاج للهيتمي. يُنظر: نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر، أحمد بن محمد الحضراوي، تحقيق: محمد المصري، دار إحياء التراث العربي، 1996 م (2/ 192)، وأعلام المكيين من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الهجري، عبد اللَّه بن عبد الرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث، السعودية، (1/ 421).
(8)
حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج، عبد الحميد الشرواني، وأحمد بن قاسم العبادي، مطبعة مصطفى محمد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، (9/ 75).
(9)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 28).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه-تعالى-: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (6). قال أبو بكر ابن العربي: "السفيه: المتناهي في ضعف العقل وفساده، كالمجنون والمحجور عليه"(7). وقول اللَّه -تعالى-: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} (8). والمراد بالسفيه في هذه الآية: "كل جاهل بموضع خطأ ما يُمل وصوابه، من بالغي الرجال الذين لا يُولَّى عليهم"، قاله الطبري (9).
قال الشافعي: "أثبت الولاية على السفيه والضعيف والذي لا يستطيع أن يُمل هو، وأمر وليه بالإملاء عليه؛ لأنه أقامه فيما لا غَنَاء به عنه من ماله مقامه"(10).
(1) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أحمد بن محمد الحنفي الحموي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405 هـ (4/ 11)، والدر المختار شرح تنوير الأبصار (1/ 548)، وبريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238) وحاشية ابن عابدين (1/ 548).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 264)، والفواكه الدواني (1/ 325)، ومقدمة ابن خلدون (ص 19)، وأضواء البيان (1/ 28).
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5)، وغياث الأمم (ص 65)، وروضة الطالبين (10/ 42)، وأسنى المطالب (4/ 108)، ونهاية المحتاج (7/ 409)، وحاشية قليوبي (4/ 174).
(4)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 20)، والإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (4/ 292)، ودليل الطالب لنيل المطالب (1/ 322)، وكشاف القناع (6/ 159)، ومطالب أولى النهى (6/ 264).
(5)
المحلى لابن حزم (1/ 45)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 128).
(6)
سورة النساء، الآية:(5).
(7)
أحكام القرآن، أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن العربي، دار الفكر، بيروت، تحقيق: محمد عبد القادر عطا (1/ 331).
(8)
سورة البقرة، الآية:(282).
(9)
تفسير الطبري (3/ 121).
(10)
الأم، محمد بن إدريس الشافعي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية 1393 هـ (3/ 218).