الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• من خالف الإجماع: ذهب ابن حزم (1)، وابن مفلح (2)، وابن كثير (3)، والشوكاني (4)، إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على كل مسلم.
واستدلوا بأن (من) في قوله -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} صلة ليست للتبعيض (5).
وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقد أجاب عنه ابن حزم بقوله: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على كل مسلم، إن قدر بيده فبيده، وإن لم يقدر بلسانه فبقلبه ولابد، وذلك أضعف الإيمان، فإن لم يفعل فلا إيمان له"(6).
كما خالف الرافضة الإجماع، وزعموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موقوفان على ظهور الإمام.
واستدلوا بقول اللَّه -تعالى-: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (7).
وقالوا: إن ظاهر الآية يدل على ترك الأمر بالمعروف.
وقد أجيب عن ذلك في مسألة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (8).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود المخالف.
[125/ 125] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الفور
• المراد بالمسألة: أجمع المسلمون على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الفور؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
(1) المحلى لابن حزم (1/ 26).
(2)
الآداب الشرعية (1/ 179).
(3)
تفسير ابن كثير (1/ 391).
(4)
السيل الجرار (4/ 518).
(5)
تفسير البغوي (1/ 338).
(6)
المحلى لابن حزم (1/ 26).
(7)
سورة المائدة، الآية:(105).
(8)
راجع (ص 419).
• من نقل الإجماع: أبو المظفر السمعاني (1)(489 هـ) قال: "لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل"(2) الغزالي (505 هـ) قال: "لا خلاف أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة"(3) الفخر الرازي (606 هـ) قال: "اتفقوا على أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة"(4) ابن قدامة (620 هـ) قال: "لا خلاف في أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة"(5) القرافي (684 هـ) قال: "قال العلماء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إجماعًا على الفور"(6).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9)، والحنابلة (10)، والظاهرية (11).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)} (12).
(1) هو منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد أبو المظفر السمعاني، الحافظ من أهل مرو، تفقه أولًا على أبيه في مذهب أبي حنيفة، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، فأخذ عن أبي إسحاق، وابن الصباغ، وأبي الهيثم، وغيرهم، وعنه: أولاده، وأبو طاهر السنجي، وإبراهيم المروروذي، والسرخسي، وخلق، له: الانتصار في الحديث، والبرهان، والقواطع في أصول الفقه، والاصطلام، وغير ذلك. توفي سنة تسع وثمانين وأربعمائة. يُنظر: طبقات الشافعية الكبرى (5/ 335)، وطبقات الشافعية (1/ 273).
(2)
قواطع الأدلة في الأصول (1/ 295).
(3)
المستصفى (1/ 192).
(4)
المحصول (3/ 279).
(5)
روضة الناظر وجنة المناظر (ص 185).
(6)
الذخيرة للقرافي (13/ 305).
(7)
قواعد الأحكام في إصلاح الأنام (1/ 364)، والبحر الرائق (5/ 45).
(8)
أنوار البروق في أنواء الفروق (4/ 399).
(9)
إحياء علوم الدين (1/ 138).
(10)
إعلام الموقعين (2/ 177).
(11)
الفصل في الملل (4/ 132).
(12)
سورة آل عمران، الآية:(114).
• وجه الدلالة: قوله: {وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} أي: يبادرون إليها، فينتهزون الفرصة فيها، ويفعلونها في أول وقت إمكانها، وذلك من شدة رغبتهم في الخير، ومعرفتهم بفوائده وحسن عوائده (1).
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث عبد اللَّه بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال: تَخَلَّفَ عَنَّا النبي صلى الله عليه وسلم في سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وقد أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ على أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:"وَيْلٌ لِلأعْقَابِ من النَّارِ"، مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا (2).
2 -
حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم رَأَى خَاتَمًا من ذَهَب في يَدِ رَجُل، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وقال:"يَعْمِدُ أحدكم إلى جَمْرَةٍ من نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ! "(3).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بادر إلى إنكار المنكر، ولم يؤخر البيان عن وقت الحاجة إليه.
حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّه بن الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ (4) من وَرَائِهِ، فَقَامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ، فلما انْصَرَفَ أَقْبَلَ إلى ابن عَبَّاسٍ فقال: مالك وَرَاسِي؟ ! فقال: إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما مَثَلُ هذا مَثَلُ الذي يُصَلِّي وهو مَكْتُوفٌ"(5).
• وجه الدلالة: قال النووي: "فيه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن
(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 144).
(2)
أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب: من رفع صوته بالعلم (1/ 22) رقم (60)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما (1/ 214) رقم (241).
(3)
أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب: تحريم خاتم الذهب على الرجال (3/ 1655) رقم (2090).
(4)
المعقوص: نحو من المضفور، وأصل العقص: اللَّي وإدخال أطراف الشعر في أصوبه. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 275)(عقص)، ولسان العرب (7/ 56)(عقص).
(5)
أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب: أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر (1/ 355) رقم (492).