الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه، فليغيره بالقول، وتلاوة ما أنزل اللَّه من الوعيد عليه، وذكر الوعظ والتخويف والنصيحة، فإن لم يستطع فلا يرضى به، وينكر في باطنه على متعاطيه، فيكون تغييرًا معنويًّا؛ إذ ليس في وسعه إلا هذا القدر من التغيير (1).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[132/ 132] تغيير المنكر بالسيف
• المراد بالمسألة: أجمع المسلمون على أن تغيير المنكر بالسيف لا يجب إلا في اللصوص وقطاع الطريق.
• من نقل الإجماع: أبو الحسن الأشعري (324 هـ) قال: "أجمعوا على وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، عليهم بأيديهم، وبألسنتهم، إن استطاعوا ذلك، وإلا فبقلوبهم، وأنه لا يجب عليهم بالسيف، إلا في اللصوص والقطاع بعد مناشدتهم"(2) ابن القطان (628 هـ) قال: "أجمعوا على وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بأيديهم، وبألسنتهم، إن استطاعوا ذلك، وإلا فبقلوبهم، وأنه لا يجب ذلك عليهم بالسيف، إلا في اللصوص وقطاع الطريق بعد مناشدتهم"(3).
• الموافقون على الإجماع: الحنابلة (4).
• مستند الإجماع: استدلوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّه في أُمَّةٍ قَبْلي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ من بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فمَنْ جَاهَدَهُمْ بيده فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ
(1) يُنظر: عون المعبود (11/ 330) بتصرف يسير.
(2)
رسالة إلى أهل الثغر، لأبي الحسن الأشعري (ص 295).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 62).
(4)
جامع العلوم والحكم (ص 322)، والآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 185)، وكشاف القناع (3/ 35)، ومطالب أولي النهى (2/ 499).
حَبَةُ خَرْدَلٍ" (1).
وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَان"(2).
• وجه الدلالة: أن التغيير باليد لا يستلزم القتال، وقد نص على ذلك الإمام أحمد، فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح. فحينئذٍ جهاد الأمراء باليد: بأن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات، مثل: أن يريق خمورهم، أو يكسر آلات اللهو التي لهم، أو نحو ذلك، أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك، وكل ذلك جائز، وليس هو من باب قتالهم، ولا من الخروج عليهم الذي ورد النهي عنه، فإن هذا أكثر ما يُخشى منه أن يقتله الأمراء وحده، وأما الخروج عليهم بالسيف فيُخشى منه الفتن التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين (3).
• من خالف الإجماع: قال ابن حزم: "وذهبت طوائف من أهل السنة، وجميع المعتزلة، وجميع الخوارج، والزيدية، إلى أن سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك، قالوا: فإذا كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع، ولا ييأسون من الظفر، ففرض عليهم ذلك، وإن كانوا في عدد لا يرجون لقلتهم وضعفهم بظفر، كانوا في سعة من ترك التغيير باليد. وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكل من معه من الصحابة، وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وطلحة، والزبير، وكل من كان معهم من الصحابة، وقول معاوية، وعمرو، والنعمان بن بشير، وغيرهم ممن معهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين".
إلى أن قال: "وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء، كأبي حنيفة، ومالك،
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
جامع العلوم والحكم (ص 322).
والشافعي، وأصحابهم، فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث إما ناطق بذلك في فتواه، وإما الفاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رآه منكرًا" (1).
واستدلوا: بقول اللَّه -تعالى-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (2).
• وجه الدلالة: قال القرطبي: "فالمنكر إذا أمكنت إزالته باللسان للناهي فليفعله، وإن لم يمكنه إلا بالعقوبة أو بالقتل فليفعل، فإن زال بدون القتل لم يجز القتل"(3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود المخالف.
(1) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 132) بتصرف يسير.
(2)
سورة الحجرات، الآية:(9).
(3)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 49).