الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ" (1).
2 -
أخرج مسلم في صحيحه عن طَارِقِ بن شِهَاب أنه قال: أَوَّلُ من بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يوم الْعِيدِ قبل الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إليه رَجُل فقال: الصَّلَاةُ قبل الْخُطْبَةِ، فقال: قد تُرِكَ ما هنا لك، فقال أبو سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه: أَمَّا هذا فَقَدْ قَضَى ما عليه، سمعت رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"(2).
• وجه الدلالة: إذا لم يستطع التغيير باليد وإزالته بالفعل؛ لكون فاعله أقوى منه، فليغيره بالقول، وتلاوة ما أنزل اللَّه من الوعيد عليه، وذكر الوعظ والتخويف والنصيحة، فإن لم يستطع فلا يرضى به، وينكر في باطنه على متعاطيه، فيكون تغييرًا معنويًّا؛ إذ ليس في وسعه إلا هذا القدر من التغيير (3).
3 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ"(4).
• وجه الدلالة: قال النووي: "هذا من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم، ويدخل فيها ما لا يُحصى من الأحكام، كالصلاة بأنواعها فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن، وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك، وأمكنه البعض فعل الممكن"(5).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[140/ 140] اشتراط العلم في المحتسب
• المراد بالمسألة: يُشترط في الآمر بالمعروف أن يكون له علم يعلم به أن
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
يُنظر: عون المعبود (11/ 330) بتصرف يسير.
(4)
تقدم تخريجه (ص 462).
(5)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (9/ 102).
ما يأمر به معروف، وأن ما ينهى عنه منكر؛ لأنه إن كان جاهلًا بذلك فقد يأمر بما ليس بمعروف، وينهى عما ليس بمنكر.
ولكن الناس متفاوتون فيما عندهم من العلم باللَّه وبدين اللَّه، وكلما كان الإنسان أعلم، كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقه ألزم، ولا يُتصور أن مسلمًا ليس عنده من العلم باللَّه وبدين اللَّه ولو الشيء اليسير، فكلٌّ يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقه واجبًا على قدر ما عنده من العلم، وهذا ما أجمع المسلمون عليه.
• من نقل الإجماع: ابن تيمية (728 هـ) قال: "إذا كان القول يخالف سنَّةً أو إجماعًا قديمًا، وجب إنكاره وفاقًا"(1) نقله ابن القيم (751 هـ)(2)، وابن مفلح (763)(3). فإذا اقتحم الجهال الدعوة، وترأسوا فيها، وأخذوا بالأمر والنهي دون علم في ذلك كله، فإنهم يفسدون في هذه الحال أكثر مما يصلحون. وأنى للجاهل أن يميز بين الموافق والمخالف للسنة؟ !
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، المالكية (5)، الشافعية (6)، الحنابلة (7)، الظاهرية (8).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بالكتاب والسنة:
• أولا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو
(1) الفتاوى الكبرى (3/ 181).
(2)
إعلام الموقعين (3/ 288).
(3)
الآداب الشرعية (1/ 191).
(4)
انظر: نصاب الاحتساب للسنامي (ص 332)، ومرقاة المفاتيح (9/ 327)، والفتاوى الهندية (5/ 353).
(5)
الفواكه الدواني (2/ 299)، وشرح مختصر خليل (3/ 110)، وأضواء البيان (1/ 463).
(6)
انظر: الإرشاد لأبي المعالي الجويني (369)، والمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 23)، وغاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص 21).
(7)
مختصر منهاج القاصدين (ص 124)، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن تيمية (ص 40)، والآداب الشرعية (1/ 213).
(8)
المحلى لابن حزم (9/ 363).