الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث مسائل الإجماع في شروط المحتسب
[137/ 137] اشتراط الإسلام في المحتسب
• المراد بالمسألة: أجمع المسلمون على اشتراط الإسلام في المحتسب؛ لأن القيام بالأمر والنهي يصير نصرة للدين، فلا يقوم به من هو جاحد لأصل الدين، والأمر والنهي سلطنة واحتكام، ولن يجعل اللَّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا (1).
• من نقل الإجماع: أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: "لا يختص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بأصحاب الولايات، بل ذلك جائز لآحاد المسلمين، والدليل عليه الإجماع أيضًا"(2) نقله النووي (676 هـ)(3) أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: "اتفق المسلمون قاطبة على أن لآحاد المسلمين، وأفراد المستقلين بأنفسهم من المؤمنين، أن يأمروا بوجوه المعروف، ويسعوا في إغاثة كل ملهوف، ويشمروا في إنقاذ المشرفين على المهالك والمناوي والحتوف"(4) ابن تيمية (728 هـ) قال: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، وكل واحد من الأمة مخاطب بقدر قدرته، وهو من أعظم العبادات"(5) ابن النحاس (6)(813 هـ) قال: "يشترط في
(1) تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين، أحمد بن إبراهيم بن النحاس، تحقيق: عماد الدين عباس، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1407 هـ (ص 33).
(2)
الإرشاد للجويني (368).
(3)
روضة الطالبين (10/ 219).
(4)
غياث الأمم (ص 240).
(5)
المستدرك على مجموع الفتاوى (3/ 203).
(6)
هو أحمد بن إبراهيم بن محمد، أبو زكريا، محيي الدين، الدمشقي، ثم الدمياطي، الحنفي، ثم الشافعي، المعروف بابن النحاس، له: مشارع الأشواق، وتنبيه الغافلين، وحاشية على شرح تجريد الكلام، وغير ذلك، توفي سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. يُنظر: الضوء اللامع (1/ 203)، وشذرات الذهب (7/ 105).
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الإسلام، والتكليف، والاستطاعة، وهذه الشروط متفق عليها" (1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (7).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "المقصود من هذه الآية: أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه"(8).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (9).
• وجه الدلالة: في الآية مدحٌ لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا التغيير، وتواطؤوا على المنكر، زال عنهم المدح، ولحقهم الذم، وكان ذلك سببًا لهلاكهم (10).
(1) تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين (ص 33).
(2)
المبسوط للسرخسي (11/ 17)، ومرقاة المفاتيح (9/ 327).
(3)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 383)، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (3/ 416).
(4)
روضة الطالبين (10/ 219)، وإحياء علوم الدين (2/ 312)، ومغني المحتاج (2/ 286)، ونهاية المحتاج (5/ 170).
(5)
مختصر منهاج القاصدين (ص 124)، الحسبة في الإسلام لابن تيمية (ص 11)، والطرق الحكمية في السياسة الشرعية (ص 345).
(6)
المحلى لابن حزم (9/ 361).
(7)
سورة آل عمران، الآية:(104).
(8)
تفسير ابن كثير (1/ 391).
(9)
سورة آل عمران، الآية:(110).
(10)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 173).
الدليل الثالث: قول اللَّه -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1).
• وجه الدلالة: قال القرطبي: "فدل على أن أخص أوصاف المؤمن: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(2).
الدليل الرابع: قول اللَّه -تعالى-: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (3).
• وجه الدلالة: قال ابن العربي: "أن اللَّه سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا بالشرع، فإن وجد ذلك فبخلاف الشرع"(4). فلا يجب شرعًا تولي غير المسلم الحسبة على المسلمين.
• ثانيًا السنة: الدليل الأول: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"(5).
• وجه الدلالة: قال النووي: "إنما يأمر وينهى من كان عالمًا بما يأمر به وينهى عنه، وذلك يختلف باختلاف الشيء، فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها، فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد، لم يكن للعوام مدخل فيه، ولا لهم إنكاره، بل ذلك للعلماء، ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه"(6).
الدليل الثاني: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّه في أُمَّةٍ قَبْلِي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ،
(1) سورة التوبة، الآية:(71).
(2)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 47).
(3)
سورة النساء، الآية:(141).
(4)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 641).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 23).