الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني التعريف ببيت مال المسلمين
المطلب الأول: بيت المال في اللغة:
أصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يُقال: بات: أقام بالليل، كما يقال: ظل بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت من غير اعتبار الليل فيه، وجمعه: أبيات وبيوت، لكن البيوت بالمسكن أخص، والأبيات بالشعر (1).
وبيت المال: هو المكان المعد لحفظ المال، خاصًّا كان أو عامًّا.
المطلب الثاني: بيت المال في الاصطلاح:
أطلق بيت مال المسلمين -في صدر الإسلام- على المبنى والمكان الذي تُجْمع وتُحفظ فيه الأموال العامة للدولة الإسلامية، ثم تطور مصطلح "بيت المال" في العصور الإسلامية اللاحقة، حتى صار يُطلق على الجهة التي تملك المال العام للمسلمين من النقود والعروض والأراضي، وغيرها.
قال الماوردى: "كل مال استحقه المسلمون، ولم يتعين مالكه منهم، فهو من حقوق بيت المال، فإذا قُبض صار بالقبض مضافًا إلى حقوق بيت المال، سواء أُدخل إلى حرزه، أو لم يدخل؛ لأن بيت المال عبارة عن الجهة لا عن المكان، وكل حق وجب صرفه في مصالح المسلمين فهو حق على بيت المال، فإذا صرف في جهته صار مضافًا إلى الخراج من بيت المال، سواء خرج من حرزه، أو لم يخرج؛ لأن ما صار إلى عمال المسلمين، أو خرج من أيديهم، فحكم بيت المال جار عليه في دخله إليه وخرجه"(2).
ولم يكن بيت المال موجودًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من اتخذ بيت مال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك بسبب الفتوحات العظيمة التي تمت في عهده، والخيرات التي تدفقت على الدولة الإسلامية.
(1) المفردات في غريب القرآن (ص 64).
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 242).
فقد روى ابن سعد في طبقاته أن أبا هريرة رضي الله عنه قَدِم على عمر رضي الله عنه من البحرين، قال أبو هريرة: فلقيته في صلاة العشاء الآخرة، فسلمت عليه، فسألني عن الناس، ثم قال لي: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال: هل تدري ما تقول؟ ! قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال: ماذا تقول؟ قال: قلت مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، حتى عددت خمسًا، قال: إنك ناعس، فارجع إلى أهلك فنم، فإذا أصبحت فأتني. قال أبو هريرة: فغدوت إليه، فقال: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال عمر: أطيب؟ قلت: نعم، لا أعلم إلا ذلك، فقال للناس: إنه قد قدم علينا مال كثير، فإن شئتم أن نعد لكم عددًا، وإن شئتم أن نكيله لكم كيلًا، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، إني قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديوانًا يعطون الناس عليه، قال: فدون الديوان، وفرض للمهاجرين الأولين في خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار في أربعة آلاف أربعة آلاف، ولأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفًا" (1).
ونشأ من يومها ديوان بيت المال، ثم تطور عبر الأزمان إلى أن أصبح له شخصية اعتبارية، ويُعامل معاملة الشخص الطبيعي من خلال ممثليه، فله ذمة مالية مستقلة، بحيث تثبت له الحقوق وعليه، ومنه ترفع الدعوى وعليه، ويمثله إمام المسلمين، أو من يعهد إليه.
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 300).