الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[142/ 142] عدم اشتراط العدالة في المحتسب
• المراد بالمسألة: أجمع المسلمون على عدم اشتراط العدالة فيمن يقوم على أمر الحسبة.
• من نقل الإجماع: الغزالي: ت: (505)"إجماع المسلمين من السلف والخلف على جواز الحسبة من كل مسلم مع عدم اشتراط العصمة والقائل بأن المحتسب يجب أن يكون معصومًا عن المعاصي كلها خارق للإجماع"(1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، المالكية (3)، الشافعية (4)، الحنابلة (5)، الظاهرية (6).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأن العدالة محصورة في القليل من الخلق، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عام في جميع الناس (7). كما يُستدل بعموم أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكتاب، والسنة، وقد تقدم ذكرها آنفًا (8).
• المخالفون للإجماع: ذهبت المعتزلة إلى اعتبار العدالة في المحتسب، وقالوا: ليس للفاسق أن يحتسب (9).
واستدلوا: بالنكير الوارد على من يأمر بما لا يفعله، مثل: قول اللَّه -تعالى-:
(1) إحياء علوم الدين للغزالي، (2/ 312)
(2)
أحكام القرآن للجصاص (2/ 320)، ومرقاة المفاتيح (9/ 327)، ونصاب الاحتساب للسنامي (ص 334).
(3)
انظر: الذخيرة للقرافي (13/ 304)، والموافقات للشاطبي (3/ 317)، والفواكه الدواني (2/ 299).
(4)
(روضة الطالبين (10/ 220)، وإحياء علوم الدين (2/ 312)، ومغني المحتاج (4/ 211).
(5)
مختصر منهاج القاصدين (ص 124)، والحسبة في الإسلام لابن تيمية (ص 12)، الآداب الشرعية (1/ 72).
(6)
المحلى لابن حزم (9/ 361).
(7)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 349)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 47).
(8)
راجع (ص 419).
(9)
إحياء علوم الدين (2/ 312).
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)} (1). وقول اللَّه -تعالى-: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} (2).
وأجيب عن ذلك: بما قاله القرطبي: "هذا استدلال سَاقِطٌ؛ لأن الذم هاهنا إنما وقع على ارتكاب ما نهى عنه لا عن نهيه عن المنكر، ولا شك أن النهي عن المنكر ممن يأتيه أقبح ممن لا يأتيه"(3).
كما استدلوا بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يوم الْقِيَامَةِ، فَيُلْقَى في النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ في النَّارِ، فَيَدُورُ كما يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عليه، فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ! ما شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كنْتَ تَأْمُرُنَا بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عن المُنْكَرِ؟ قال: كنت آمُرُكُمْ بِالمَعْرُوفِ ولا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عن المُنْكَرِ وَآتِيهِ"(4).
وربما استدلوا -أيضًا- من طريق القياس بأن هداية الغير فرع للاهتداء، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة، والإصلاح زكاة عن نصاب الصلاح، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره؟ ! ومتى يستقيم الظل والعود أعوج؟ ! وأجيب عن ذلك كله: بما قاله الغزالي: "كل ما ذكروه خيالات، وإنما الحق أن للفاسق أن يحتسب، وبرهانه هو: أن نقول: هل يشترط في الاحتساب أن يكون متعاطيه معصومًا عن المعاصي كلها؟ فإن شرط ذلك فهو خرق للإجماع، ثم حسم لباب الاحتساب؛ إذ لا عصمة للصحابة فضلًا عمن دونهم، والأنبياء عليهم السلام قد اختُلف في عصمتهم عن الخطايا"(5).
النتيجة:
صحة الإجماع، ولا يُعتد بخلاف المبتدعة.
(1) سورة البقرة، الآية:(44).
(2)
سورة الصف، الآية:(3).
(3)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 47).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة (4/ 121) رقم (3267)، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب: من يأمر بالمعروف ولا يفعله (4/ 2290) رقم (2989).
(5)
المرجع نفسه.