الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[105/ 105] لا يزيد الإمام في التعزير على عشر جلدات
• المراد بالمسألة: اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز للإمام أن يزيد على عشر جلدات في التعزير.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "اتفقوا أن التعزير يجب فيه من جلدة إلى عشرة"(1) ابن حجر العسقلاني (852 هـ) قال: "وبالإجماع على أن التعزير موكول إلى رأي الإمام، فيما يرجع إلى التشديد والتخفيف، لا من حيث العدد"(2).
• الموافقون على الإجماع: أشهب (3) من المالكية (4)، وبعض الشافعية (5)، وهو رواية عن الإمام أحمد (6)، ومذهب الظاهرية (7)، والشوكاني (8).
• مستند الإجماع: واستدلوا بحديث أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
(1) مراتب الإجماع (ص 136).
(2)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (12/ 178).
(3)
هو: ابن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي أبو عمرو الفقيه المصري، قيل: اسمه مسكين، وأشهب لقب، روى عن مالك، والليث، وسليمان بن بلال، والفضيل بن عياض، وابن عيينة، وابن لهيعة، وغيرهم، وعنه الحارث بن مسكين، وابن السرح، ويونس بن عبد الأعلى، وغيرهم، توفي سنة أربع ومائتين. يُنظر: تهذيب الكمال (3/ 296)، ووفيات الأعيان (1/ 238).
(4)
في بعض الروايات عنه كما ذكره القاضي عياض، ينظر: منح الجليل (9/ 357).
(5)
واختاره الأذرعي، والبلقيني وقال: إنه على أصل الشافعي في اتباع الخبر -يقصد حديث: "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّه"، وقال صاحب التقريب معتذرًا: لو بلغ الشافعي لقال به. يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (6/ 131)، ومغني المحتاج (4/ 193)، وفتح الباري لابن حجر (12/ 178).
(6)
قال القاضي أبو يعلى: "قدر التعذيرات عشر جلدات في سائر الأشياء، فيما كان موجبه معصية بفرج وبغير فرج"، ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، للقاضي أبي يعلى، تحقيق: عبد الكريم اللاحم، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1405 هـ (2/ 344)، والمغني في فقه الإمام أحمد (10/ 324)، والإنصاف للمرداوي (10/ 184).
(7)
قال ابن حزم: "من أتى منكرات جملة، فللحاكم أن يضربه لكل منكر منها عشر جلدات فأقل". يُنظر: المحلى (11/ 404).
(8)
السيل الجرار (1/ 871).
"لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّه"(1).
• وجه الدلالة: أنه لا يجوز لأحد أن يجلد في غير حد أكثر من عشر جلدات (2).
ونوقش: بأن الحديث مطعون فيه، قال الشوكاني:"تكلم في إسناده ابن المنذر والأصيلي من جهة الاختلاف فيه"(3).
وأجيب: بأن الحديث متفق عليه. قال القسطلاني (4): "اتفق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح"(5).
ونوقش: بأن الحديث منسوخ، دل على نسخه إجماع الصحابة (6).
قال النووي: "وأجاب أصحابنا عن الحديث بأنه منسوخ، واستدلوا بأن الصحابة رضي الله عنهم جاوزوا عشرة أسواط"(7).
وأجيب: بأنه قال به بعض التابعين، وهو قول الليث بن سعد، أحد فقهاء الأمصار (8).
ونوقش: بأن الحديث مقصور على الجلد دون الضرب، شرط ألا يجاوز
(1) أخرجه البخاري، كتاب الحدود، باب: كم التعزير والأدب (8/ 174) رقم (6848)، ومسلم، كتاب الحدود، باب: قدر أسواط التعزير (3/ 1332) رقم (1708).
(2)
المحلى لابن حزم (11/ 404).
(3)
نيل الأوطار (7/ 195).
(4)
هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني، مُحدث ومؤرخ وفقيه، ولد في مصر سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وقدم مكة، صاحب إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري في عشرة أجزاء، والمواهب اللدنية في المنح المحمدية، وغيرها، أخذ الفقه عن الفخر المقسي، والشهاب العبادي، وقرأ على الشمس البامي، والبرهان العجلوني، وقرأ الصحيح بتمامه في خمسة مجالس على النشاوي، توفي سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة. ينظر: الضوء اللامع (2/ 103)، وشذرات الذهب (8/ 121).
(5)
إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري (10/ 33)،
(6)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (12/ 178).
(7)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (6/ 131).
(8)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (12/ 178).
أدنى الحدود (1).
ويرده: الرواية الواردة بلفظ الضرب (2).
ونوقش: بالإجماع على أن التعزير يخالف الحدود، وحديث الباب يقتضي تحديده بالعشر فما دونها، فيصير مثل الحد (3).
وأجيب: بأن الحد لا يُزاد فيه ولا يُنقص، بخلاف التعزير هنا، فاختلفا (4).
ونوقش: بالإجماع على أن التعزير موكول إلى رأي الإمام فيما يرجع إلى التشديد والتخفيف، لا من حيث العدد (5).
وأجيب: بأن التخفيف والتشديد مُسلَّم، لكن مع مراعاة العدد المذكور (6).
ونوقش: بأن التعزير شرع للردع، ففي الناس من يردعه الكلام، ومنهم من لا يردعه الضرب الشديد، فلذلك كان تعزير كل أحد بحسبه (7).
وأجيب: بأن الردع لا يُراعى في الأفراد، بدليل أن من الناس من لا يردعه الحد، ومع ذلك لا يُجمع عندهم بين الحد والتعزير، فلو نُظر إلى كل فرد لقيل بالزيادة على الحد، أو الجمع بين الحد والتعزير (8).
ونوقش: بأن هذا الحكم خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يكفي الجاني منهم القدر اليسير من العقوبة (9).
وأجيب: بأن هذا التأويل ضعيف (10).
(1) المرجع السابق.
(2)
المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق.
(4)
المرجع السابق.
(5)
المرجع السابق.
(6)
المرجع السابق.
(7)
المرجع السابق.
(8)
المرجع السابق.
(9)
تبصرة الحكام لابن فرحون (2/ 222).
(10)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (6/ 131).
ونوقش: بأن تأويل "حدود اللَّه" في الحديث ليس بمعناها الاصطلاحي المعروف، وإنما: حقوق اللَّه عمومًا، والمراد: أوامره ونواهيه، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم (1).
وأجيب: بأن تأويل (حدود اللَّه) في الحديث بحقوق اللَّه خروج عن الظاهر؛ وأنه إذا فسر حدود اللَّه في الحديث بحقوق اللَّه لم يبق لنا شيء يختص المنع به (2).
• من خالف الإجماع: مذهب الحنفية (3)، والمشهور من مذهب المالكية (4)، ومذهب الشافعية (5)، وهو رواية عن الإمام أحمد (6)، وهو مذهب الزيدية (7)، وقالوا: يزاد على العشرة، واختلفوا في قدر الزيادة (8).
واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "جَلَدَ النبي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أبو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ"(9).
(1) يُنظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 348)، وإعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 48).
(2)
إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (1/ 451)، وفتح الباري لابن حجر (12/ 177).
(3)
بدائع الصنائع (7/ 64)، وتبيين الحقائق (3/ 209)، والبحر الرائق (2/ 249)، وحاشية ابن عابدين (4/ 60).
(4)
الشرح الكبير للدردير (4/ 355)، وحاشية الدسوقي (4/ 355)، ومنح الجليل (9/ 357).
(5)
انظر: المجموع شرح المهذب (20/ 124)، ومغني المحتاج (4/ 193)، ونهاية المحتاج (8/ 22)، وفتح الباري (12/ 178).
(6)
المغني في فقه الإمام أحمد (10/ 324)، والإنصاف للمرداوي (10/ 184)، والمبدع شرح المقنع (9/ 99).
(7)
البحر الزخار (14/ 424).
(8)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (6/ 131).
(9)
أخرجه مسلم، كتاب الحدود، باب: حد الخمر (3/ 1331) رقم (1717).
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/ 70): "وادعى الطحاوي أنه من رواية أبي ساسان، وهي ضعيفة؛ لمخالفتها الآثار المذكورة، ولأن راويها عبد اللَّه بن فيروز المعروف بالداناج -بنون وجيم- ضعيف، وتعقبه البيهقي بأنه حديث صحيح مخرج في المسانيد والسنن، وأن الترمذي سأل البخاري عنه فقواه، وقد صححه مسلم، وتلقاه الناس بالقبول، وقال ابن عبد البر: إنه أثبت شيء في هذا الباب".