الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[184/ 184] للإمام أن يحمي مكانا لترعى فيه خيل المجاهدين ونعم الجزية وإبل الصدقة وضوال الناس
• المراد بالمسألة: الحمى لغة: حماه يحميه حماية دفع عنه، وهذا شيء حمى أي محظور لا يُقرب، وأحميت المكان جعلته حمى، وحميت القوم حماية ومحمية، وكل شيء دفعت عنه فقد حميته (1).
الحمى اصطلاحًا: هو المكان المحمي، وهو خلاف المباح، ومعناه: أن يمنع من الإحياء من ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ، فترعاه مواش مخصوصة، وبمنع غيرها.
وأصل الحمى عند العرب: أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلًا مخصبًا استعوى كلبًا على مكان عالٍ، فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب، فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه (2).
وقد أجمع العلماء على أنه يجوز للإمام أن يحمي مكانًا لترعى فيه خيل المجاهدين، ونعم الجزية، وإبل الصدقة، وضوال الناس.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) قال: "وللإمام أن يحمي مكانا لترعى فيه خيل المجاهدين ونعم الجزية وإبل الصدقة وضوال الناس التي يقوم بحفظها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين ولأن عمر وعثمان رضي الله عنهما حميا واشتهر في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا"(3). نقله شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(4).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)،
(1) العين للخليل الفراهيدي (3/ 312)(حمى)، ولسان العرب (14/ 199)(حما).
(2)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (5/ 44).
(3)
الكافي في فقه ابن حنبل (2/ 444).
(4)
الشرح الكبير لابن قدامة (6/ 183).
(5)
المبسوط للسرخسي (23/ 181)، وتبيين الحقائق (6/ 35)، وحاشية ابن عابدين (6/ 432).
(6)
الذخيرة للقرافي (6/ 147)، وبلغة السالك (4/ 6)، ومنح الجبيل (8/ 74).
(7)
الأم للشافعي (4/ 41)، والأحكام السلطانية للماوردي (ص 201)، ومغني المحتاج (2/ 361).
والحنابلة (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بحديث ابن عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما أَنَّ الصعْبَ بن جَثَّامَةَ قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَا حِمَى إلا للَّه وَلرَسُولِهِ"، وقال:"بَلَغَنَا أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقِيعَ (3)، وَأَنَّ عُمَرَ حَمَى الشَّرفَ (4) وَالرَّبَذَةَ (5) "(6).
قال الشافعي: "للخليفة خاصة دون الولاة أن يحمي على مثل ما حمى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والذي عرفناه نصًّا ودلالة فيما حمى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه حمى النقيع، والنقيع بلد ليس بالواسع الذي إذا حمى ضاقت البلاد بأهل المواشي حوله، حتى يدخل ذلك الضرر على مواشيهم أو أنفسهم، كانوا يجدون فيما سواه من البلاد سعة لأنفسهم ومواشيهم، وأن ما سواه مما لا يُحمى أوسع منه، وأن النجع يمكنهم فيه، وأنه لو تُرك. فكان أوسع عليهم، لا يقع موقع ضرر بيَّن عليهم؛ لأنه قليل من كثير غير مجاوز القدر، وفيه صلاح لعامة المسلمين، بأن تكون الخيل المعدة لسبيل اللَّه، وما فضل من سهمان أهل الصدقات، وما فضل من النعم التي تؤخذ من أهل الجزية تُرعى فيه، فأما الخيل فقوة لجميع المسلمين، وأما نعم الجزية فقوة لأهل الفيء من المسلمين، ومسلك سبل
(1) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد (5/ 347)، والمحرر في الفقه (1/ 367)، وكشاف القناع (4/ 185).
(2)
المحلى لابن حزم (8/ 237).
(3)
النقيع: بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدة، فإذا نضب الماء أنبت الكلأ. يُنظر: عمدة القاري (6/ 189).
(4)
الشرف: بالمعجمة من عمل المدينة، وبالمهملة وكسر الراء من عمل مكة، ولا تدخله الألف واللام، بينها وبين مكة ستة أميال، وقيل سبعة، وقيل تسعة، وقيل اثني عشر. يُنظر: عمدة القاري (12/ 214).
(5)
الربذة: قرية قريبة من ذات عرق، بينها وبين المدينة ثلاث مراحل. يُنظر: عمدة القاري (12/ 214).
(6)
أخرجه البخاري، كتاب المساقاة، باب: لا حمى إلا للَّه ولرسوله (3/ 113) رقم (2370).
الخير أنها لأهل الفيء المحامين المجاهدين، فيعاد بها على أهل سهمان الصدقة، لا يبقى مسلم إلا دخل عليه من هذا صلاح في دينه ونفسه" (1).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
(1) الأم للشافعي (4/ 47).