الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول اللَّه لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّه" (1).
قال العظيم أبادي: "وقد جوز النبي صلى الله عليه وسلم للحاكم أن يجتهد رأيه، وجعل له على خطئه في اجتهاد الرأي أجرًا واحدًا إذا كان قصده معرفة الحق واتباعه، وقد كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجتهدون في النوازل، ويقيسون بعض الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره"(2).
4 -
وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يشاور أصحابه، فهذا لا يدل على وجوبها، بل على مشروعيتها، وأنها من فضائل الأعمال ومستحباتها.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود المخالف.
[121/ 121] جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة
• المراد بالمسألة: اتفق العلماء على أنه يجوز للخليفة أن يجعل الأمر شورى بين جماعة.
• من نقل الإجماع: النووي (676 هـ) قال: "أجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة"(3)، نقله ابن حجر العسقلاني
(1) أخرجه أحمد في المسند (5/ 230) رقم (22060)، وأبو داود، باب: اجتهاد الرأي في القضاء (3/ 303) رقم (3592)، والترمذي، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي (3/ 616) رقم (1327، 1328)، وقال:"وإسناده عندي غير متصل". قال العظيم أبادي في عون المعبود (9/ 370): "الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى؟ ولا يُعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث؟ وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به، قال أبو بكر الخطيب: وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن ابن غنم عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم".
(2)
عون المعبود (9/ 370).
(3)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 205).
(852 هـ)(1) والعيني (855 هـ)(2) الشوكاني (1250 هـ)(3).
• من وافق على الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (9).
• وجه الدلالة: قال ابن جرير الطبري: "أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه ومكايد حربه، تألفًا منه بذلك من لم تكن بصيرته بالإسلام البصيرة التي يؤمن عليه معها فتنة الشيطان، وتعريفًا منه أمته ما في الأمور التي تحزبهم من بعده ومطلبها؛ ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم، فيتشاوروا فيما بينهم كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه وسلم يفعله"(10).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (11).
• وجه الدلالة: قال ابن العربي: "مدح اللَّه المشاور في الأمور، ومدح القوم
(1) فتح الباري لابن حجر العسقلاني (13/ 208).
(2)
عمدة القاري شرح صحيح البخاري (24/ 279).
(3)
نيل الأوطار (6/ 110).
(4)
بدائع الصنائع (1/ 224)، وحاشية ابن عابدين (1/ 549)، ومرقاة المفاتيح (11/ 264).
(5)
أحكام القرآن لابن العربي (4/ 92)، والذخيرة للقرافي (10/ 25).
(6)
انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص 6، 7)، وروضة الطالبين (10/ 44)، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (4/ 109)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج (7/ 411).
(7)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 23)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 159).
(8)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 131).
(9)
سورة آل عمران، الآية:(159).
(10)
تفسير الطبري (4/ 153).
(11)
سورة الشورى، الآية:(38).
الذين يمتثلون ذلك" (1).
• ثانيًا: السنة: الدليل الأول: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "اسْتَشَارَ النبي صلى الله عليه وسلم مَخْرَجَهُ إلى بَدْرٍ، فَأَشَارَ عليه أبو بَكْرٍ، ثُمَّ اسْتَشَارَ عُمَرَ، فَأَشَارَ عليه عُمَرُ، ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ، فقال بَعْضُ الأَنْصَارِ: إِيَّاكُمْ يُرِيدُ نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. . . "(2).
• وجه الدلالة: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مشاورة أهل المشورة في الأمور التي يتعلق بها مصير الأمة.
الدليل الثاني: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: لَمَّا ذُكِرَ من شَأْنِي الذي ذُكِرَ وما عَلِمْتُ بِهِ، قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فِيَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عليه بِمَا هو أَهْلُهُ، ثُمَّ قال:"أَمَّا بَعْدُ، أَشِيرُوا عَلَيَّ في أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي (3)، وَايْمُ اللَّه! ما عَلِمْتُ على أَهْلِي من سُوءٍ"(4).
• وجه الدلالة: قال ابن حجر: "والحاصل: أنه استشارهم فيما يفعل بمن قذف عائشة"(5).
• ثالثًا: الآثار: الدليل الأول: جمع أبو بكر الصديق رضي الله عنه الناس في مرضه الذي قُبض فيه وقال لهم: "أمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي". فقاموا في ذلك، وحلُّوا عنه، فلم تستقم لهم، فقالوا: ارأ لنا يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: "فلعلكم تختلفون؟ " قالوا: لا، قال:"فعليكم عهد اللَّه على الرضا؟ " قالوا: نعم. قال: "فأمهلوني أنظر للَّه ودينه ولعباده"، فأرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما فقال:"أشر علي برجل، واللَّه إنك عندي لها لأهل وموضع". فقال: عمر. فقال: "اكتب". فكتب حتى انتهى إلى الاسم، فغُشي عليه، ثم أفاق فقال:
(1) أحكام القرآن لابن العربي (4/ 92).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أي: عابوا أهلي، أو اتهموا أهلي. يُنظر: فتح الباري لابن حجر العسقلاني (8/ 471).
(4)
تقدم تخريجه (ص 419).
(5)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (13/ 343).