الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: قال أبو العباس القرطبي (1): "العقل الذي نُقِصَهُ النساء: هو التثبُّت في الأمور، والتحقيق فيها، والبلوغ فيها إلى غاية الكمال، وهُنَّ في ذلك غالبًا بخلافِ الرجال. . .
والدِّين هنا يرادُ به: العباداتُ، وليس نقصانُ ذلك في حقِّهنَّ ذمًّا لهنَّ، وإنَّمَا ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك مِنْ أحوالهنَّ على معنى التعجيبِ من الرجال، حيثُ يغلبهم مَنْ نقَصَ عن درجتهم، ولم يبلُغْ كمالهم" (2).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن يكون الإمام ذكرًا، وأن الإمامة لا تجوز لامرأة.
[10/ 10] أن يكون الإمام حرًّا
• المراد بالمسألة: الاتفاق على أن الإمام الأعظم لا بُدَّ أن يكون حرًّا، ولا يجوز أن تكون الإمامة في العبد.
• من نقل الإجماع: ابن بطال (449 هـ) عن المهلب (3)(435 هـ) أنه قال "إنما أجمعت الأمة على أنه لا يجوز أن تكون الإمامة في العبد"(4) نقله ابن حجر
(1) هو أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر أبو العباس الأنصاري، القرطبي، المالكي، الفقيه، المحدث، المدرس بالإسكندرية، وكان يعرف في بلاده بابن المزين، ولد بقرطبة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع الكثير هناك، واختصر الصحيحين، وشرح صحيح مسلم المسمى بالمفهم، وكان بارعًا في الفقه والعربية، عارفًا بالحديث، توفي سنة ست وخمسين وستمائة. يُنظر: البداية والنهاية (13/ 213)، والوافي بالوفيات (7/ 173).
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، أبو العبَّاس القرطبيُّ، تحقيق: محيى الدين ديب وآخرين، دار ابن كثير، دمشق - بيروت، الطبعة الأولى 1417 هـ (1/ 269).
(3)
هو المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد اللَّه أبو القاسم الأسدي، الأندلسي، مصنف شرح صحيح البخاري، أخذ عن أبي محمد الأصيلي، وأبي الحسن القابسي، وأبي الحسين علي بن بندار القزويني، وأبي ذر الحافظ، روى عنه أبو عمر ابن الحذاء، وأبو عبد اللَّه ابن عابد، وحاتم بن محمد، توفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. يُنظر: سير أعلام النبلاء (17/ 579)، والديباج المذهب (1/ 348).
(4)
شرح صحيح البخارى، أبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الثانية 1423 هـ (8/ 215).
(852 هـ)(1) الشوكاني (1250 هـ)(2) أبو العباس القرطبي (656 هـ) قال: "فإنه قد اتُّفِقَ على أن الإمام الأعظم، لا بُدَّ أن يكون حرًّا"(3) الإيجي (756 هـ) قال: "يجب أن يكون -الإمام-. . . حرًّا؛ لئلا يشغله خدمة السيد ولئلا يُحتقر فيُعصى، فهذه الصفات شروط بالإجماع"(4) الآمدى (631 هـ) قال: "شروط الإمام المتفق عليها ثمانية: . . . السابع: أن يكون حرًّا"(5) نقله الوشتاني الأبي المالكي (827 هـ)(6). أحمد بن يحيى المرتضى (840 هـ) قال: "ويجب كونه ذكرًا حرًّا مكلفا إجماعًا"(7) الشنقيطي (1393 هـ) قال: "الثالث من شروط الإمام الأعظم: كونه حرًّا، فلا يجوز أن يكون عبدًا، ولا خلاف في هذا بين العلماء"(8).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (9)، والمالكية (10)، والشافعية (11)، والحنابلة (12).
(1) فتح الباري لابن حجر (13/ 122).
(2)
نيل الأوطار (9/ 169).
(3)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/ 37).
(4)
المواقف للإيجي (3/ 585).
(5)
أبكار الأفكار في أصول الدين (5/ 191).
(6)
إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم (5/ 159).
(7)
البحر الزخار الجامع لأقوال علماء الأمصار (6/ 382).
(8)
أضواء البيان (1/ 27).
(9)
الدر المختار (1/ 548)، وبريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).
(10)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 270)، والفواكه الدواني (1/ 325).
(11)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5)، وغياث الأمم (ص 65)، وروضة الطالبين (10/ 42)، وأسنى المطالب (4/ 108)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7/ 409)، وحاشية قليوبي (4/ 174).
(12)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 20)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، ودليل الطالب لنيل المطالب (1/ 322)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 159)، ومطالب أولى النهى (6/ 264).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: قال اللَّه -تعالى-: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ} (1).
قال أبو بكر الجصاص: "أخبر أن مثل ما يعبدون مثل العبيد المماليك الذين لا يملكون شيئًا ولا يستطيعون أن يملكوا، تأكيدًا لنفي أملاكهم، ولو كان المراد عبدًا بعينه، وكان ذلك العبد ممن يجوز أن يملك، ما كان بينه وبين الحر فرق، وكان تخصيصه العبد بالذكر لغوًا، فثبت أن المعنى فيه نفي ملك العبيد رأسًا"(2).
وقال ابن العربي: "قال علماؤنا: إن الحياة والآدمية علة الملك، فهو آدمي حي، فجاز أن يملك كالحر، وإنما طرأ عليه الرق عقوبة، فصار للسيد عليه حق الحجر، وذمته خالية عن ذلك، فإذا أذن له سيده وفك الحجر عنه رجع إلى أصله في المالكية بعلة الحياة والآدمية، وبقاء ذمته خالية عن ذلك كله".
• وجه الدلالة: إذا كان العبد لا ولاية له على نفسه؛ لأن ما يملكه ملك لسيده، فكيف يكون له ولاية على غيره؟ !
• ثانيًا: السنة: حديث جابر بن عبد اللَّه-رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ"(3).
قال أبو بكر الجصاص: "اتفق الفقهاء أنه لا يجوز له أن يتزوج إلا بإذن المولى، وأن المولى أملك بالعقد عليه منه بنفسه؛ لأن المولى لو زوجه وهو كاره لجاز عليه، ولو تزوج هو بغير إذن المولى لم يجز نكاحه"(4).
(1) سورة النحل، الآية:(57).
(2)
أحكام القرآن، لأبي بكر بن علي الرازي الجصاص، دار الفكر، بيروت (5/ 7).
(3)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 300) رقم (14250)، وأبو داود، باب: نكاح العبد بغير إذن سيده (2/ 228) رقم (2078)، والترمذي، باب: ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده (3/ 419، 420) رقم (1111، 1112) وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(4)
أحكام القرآن للجصاص (2/ 347).
وقال الزركشي (1): "ولأن في ذلك تفويتًا لمنفعة السيد الواجبة له؛ لانشغاله بحقوق الزوجية، وأنه لا يجوز، وقد حكى ابن المنذر هذا إجماعًا"(2).
• وجه الدلالة: إذا سُلب العبد ولايته على نفسه في اختيار زوجه، فلأن يُسلب الولاية على غيره أولى وأعظم.
• من خالف الإجماع: أولًا: الخوارج؛ إذ جوزوا أن يكون الإمام عبدًا (3)، ولا اعتبار لشذوذهم. ثانيًا: ذهب ابن حزم (4) والشوكاني (5) إلى جواز إمامة العبد، واستدلالا بأحاديث صحيحة فيها الأمر بطاعة السلطان ولو كان عبدًا حبشيًّا، ومنها:
1 -
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حبشي كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ"(6).
2 -
حديث أم الحصين رضي الله عنه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع ويقول: "وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّه، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا"(7). ونوقش: بأن ذلك محمول على غير الإمامة العظمى أو محمول على الحث في بذل الطاعة للإمام (8).
(1) هو محمد بن بهادر بن عبد اللَّه، العالم العلامة المصنف المحرر بدر الدين أبو عبد اللَّه المصري الزركشي مولده سنة خمس وأربعين وسبعمائة، أخذ عن الشيخين جمال الدين الإسنوي، وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب إلى شهاب الدين الأذرعي، وتخرج بمغلطاي في الحديث، توفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة. يُنظر: طبقات الشافعية (3/ 167)، والدرر الكامنة (5/ 133).
(2)
شرح الزركشي (2/ 354).
(3)
الملل والنحل (1/ 116).
(4)
المحلى لابن حزم (9/ 430).
(5)
السيل الجرار (1/ 937).
(6)
تقدم تخريجه (ص 66).
(7)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (3/ 1468) رقم (1838).
(8)
مغني المحتاج (4/ 130)، وحاشية الجمل (10/ 6).
قال الخطابي (1): "قد يُضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح منه الوجود، كقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مَفْحَصَ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ له بَيْتًا في الجَنَّةِ" (2)، وقدر مفحص قطاة لا يكون مسجدًا لشخص آدمي"(3).
وقال الشنقيطي: "فالجواب من أوجه: الأول: أنه قد يُضرب المثل بما لا يقع في الوجود، فإطلاق العبد الحبشي لأجل المبالغة في الأمر بالطاعة، وإن كان لا يُتصور شرعًا أن يلي ذلك.
الوجه الثاني: أن المراد باستعمال العبد الحبشي أن يكون مؤمرًا من جهة الإمام الأعظم على بعض البلاد -وهو أظهرها- فليس هو الإمام الأعظم.
الوجه الثالث: أن يكون أُطلق عليه اسم العبد نظرًا لاتصافه بذلك سابقًا، مع أنه وقت التولية حرٌّ، ونظيره إطلاق اليتم على البالغ باعتبار اتصافه به سابقًا في قول اللَّه -تعالى-:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} (4).
وهذا كله فيما يكون بطريق الاختيار، أما لو تغلب عبدٌ حقيقة بالقوة فإن طاعته تجب؛ إخمادًا للفتنة، وصونًا للدماء، ما لم يأمر بمعصية" (5).
(1) هو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي، ولد سنة تسع عشرة وثلاثمائة، سمع ابن الأعرابي، وإسماعيل الصفار، وابن داسه، وغيرهم، وعنه الحاكم، والإسفراييني، والبلخي، والكرابيسي، وخلق سواهم، له: معالم السنن، وأعلام الحديث، وغريب الحديث، وغيرها، توفي سنة ثمان وثمانون وثلاثمائة. ينظر: تذكرة الحفاظ (3/ 1018)، ووفيات الأعيان (2/ 215)، وسير أعلام النبلاء (17/ 23).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصلوات، باب: في ثواب من بنى للَّه مسجدًا (1/ 275) رقم (3156)، والبزار في مسنده (البحر الزخار)، تحقيق: محفوظ الرحمن زين اللَّه، مؤسسة علوم القرآن، مكتبة العلوم والحكم، بيروت المدينة، الطبعة الأولى 1409 هـ (9/ 412) رقم (4017) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 7):"رواه البزر والطبراني في الصغير، ورجاله ثقات".
(3)
معالم السنن، أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي، مطبعة محمد راغب الطباخ، حلب، سوريا، الطبعة الأولى 1351 هـ (4/ 300). ويُنظر أيضًا: عمدة القاري (24/ 224)، وفتح الباري لابن حجر (13/ 122).
(4)
سورة النساء، الآية:(2).
(5)
أضواء البيان (1/ 27).