الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحمدية لعلمه الأزلي بأنهم سيكونون عدولًا، وهو خبر صادق لا يحتمل الكذب (1).
الدليل الثالث: واستدلوا أيضًا بقول اللَّه -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه عز وجل وصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يأمرون بكل معروفٍ وينهون عن كل منكرٍ، فانتفى أن تجتمع الأمة - وللَّه الحمد - على ضلالة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك، ولم تنه عن المنكر فيه"(3).
ثانيًا: أدلة حجية الإجماع من السنة:
استدلوا بأحاديث منها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "من فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّة"(4). وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ"(5). وقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه لَا يجْمَعُ
(1) الإبهاج للسبكي (3/ 301).
(2)
سورة آل عمران، الآية:(110).
(3)
مجموع فتاوى ابن تيمية (19/ 177).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: سترون بعدي أمورًا تنكرونها (9/ 47) رقم (7054)، بتحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى 1422 هـ، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين (3/ 1477) رقم (1849)، بتحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(5)
أخرجه أحمد في المسند (1/ 18) رقم (114)، والترمذي، باب: ما جاء في لزوم الجماعة (4/ 465) رقم (2165) وصححه، والنسائي في الكبرى (5/ 387) رقم (9219) بتحقيق: عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1411 هـ، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم (1/ 197) رقم (387) بتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1411 هـ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإني لا أعلم خلافًا بين أصحاب عبد اللَّه بن المبارك في إقامة هذا الإسناد عنه، ولم يخرجاه".
أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ" (1).
• وجه الدلالة من الأحاديث: هذه الأحاديث مع غيرها من الأحاديث الدالة على نفس المعنى تلقتها الأمة بالقبول، ولم يدفعها أحد من سلف الأمة وخلفها من موافقي الأمة ومخالفيها، ولم تزل الأمة تحتج بها في أصول الدين وفروعه، والاستدلال بهذه الأحاديث يفيد حصول العلم الضروري بأن قصد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من جملة هذه الأخبار -وإن لم يتواتر آحادها-: تعظيم شأن هذه الأمة، والإخبار بعصمتها عن الخطأ، وكذلك أن هذه الأخبار مشهورة عن الصحابة والتابعين، وهم متمسكون بها في إثبات الإجماع من غير خلاف؛ إذ المعلوم إن كان لا أصل لها لاشتد النكير وظهر (2).
قال الشافعي: "إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة وأبدان قوم متفرقين، وقد وجدت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى؛ لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئًا، فلم يكن للزوم جماعتهم معنى إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أُمِر بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفرقة، فأما الجماعة
(1) أخرجه الترمذي، باب: ما جاء في لزوم الجماعة (4/ 466) رقم (2167)، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم (1/ 200) رقم (394) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وأخرج نحوه: أحمد في المسند (6/ 396) رقم (27267) من حديث أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه، وأبو داود، كتاب الفتن والملاحم، باب: ذكر الفتن ودلائلها (4/ 98) رقم (4253) من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، وابن ماجة (2/ 1303) رقم (3950) بتحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزودي، تأليف: علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري، وضع حواشيه عبد اللَّه محمود محمد عمر، منشورات محمد على بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ (1/ 225).