الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له حس ولا خبر، فلم يحصل لهم من الأمر المقصود بإمامته شيء، وأي من فرض إمامًا نافعًا في بعض مصالح الدين والدنيا كان خيرًا ممن لا ينتفع به في شيء من مصالح الإمامة (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن الإمامة تجب شرعًا.
[5/ 5] الإمامة فرض
(2)
• المراد بالمسألة: أن الإمامة فرض كفاية كالجهاد وطلب العلم، إذا قام بها من هو أهل لها سقط فرضها عن كافة الناس، وإن لم يقم بها أحد أثم من الناس فريقان: أحدهما: أهل الحل والعقد حتى يختاروا للأمة إمامًا يقوم بأمرهم، والثاني: أهل الإمامة حتى ينتصب للإمامة أحدهم، ولا إثم ولا حرج على من عدا هذين الفريقين من سائر الأمة في تأخير إقامة الإمام، فإن لم يكن من يصلح إلا واحدًا تعين عليه ولزمه طلبها إن لم يبتدئوه (3). وقد أجمع علماء الأمة على أن الإمامة فرض كفاية على هذا التفصيل.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "اتفقوا أن الإمامة فرض، وأنه لا بد من إمام"(4) الكاساني (587 هـ) قال: "نصب الإمام الأعظم فرض بلا خلاف بين أهل الحق"(5).
(1) منهاج السنة، مرجع سابق.
(2)
ووجوبها على الكفاية، فلا يلزم لانعقادها اختيار جميع أعيان الأمة؛ لأن القاعدة: أن كل فعل تتكرر مصلحته بتكرره فهو على الأعيان، وما لا فعلى الكفاية. فالأول: كالصلوات: مقصودها الثناء على اللَّه تعالى وتعظيمه، وذلك يتكرر بتعدد المصلين، فشُرعت على الأعيان تكثيرًا للمصلحة. والثاني: كإنقاذ الغريق: إذا شاله إنسان، فالنازل بعد ذلك في البحر لا يحصِّل شيئًا من المصلحة، فشُرعت على الكفاية نفيًا للعبث في الأفعال. يُنظر: الذخيرة للقرافي (10/ 23)، والقواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام، للبعلي، تحقيق: محمد حامد الفقي، (1/ 186).
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5)، وروضة الطالبين (10/ 43).
(4)
مراتب الإجماع، لابن حزم (ص 124).
(5)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، طبعة 1982 م (7/ 2).
الدمشقي (1)(780 هـ) قال: "اتفق الأئمة على أن الإمامة فرض، وأنه لابد للمسلمين من إمام"(2). الرملي الكبير (3)(957 هـ) قال: "قوله: (وهي فرض كفاية) -أي الخلافة- للإجماع"(4). الحجاوي (5)(960 هـ) قال: "نصب الإمام الأعظم فرض كفاية، ويثبت بإجماع المسلمين عليه"(6).
• من وافق على الإجماع: الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9)، والحنابلة (10)، والظاهرية (11).
(1) هو محمد بن عبد الرحمن الدمشقي العثماني صدر الدين أبو عبد اللَّه، الشافعي، المعروف بـ (قاضي صفد)، من تصانيفه: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، توفي سنة ثمانين وسبعمائة. يُنظر: كشف الظنون (1/ 836)، وهدية العارفين (6/ 170)، واكتفاء القنوع (ص 159).
(2)
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص 283).
(3)
هو شهاب الدين أحمد بن أحمد بن حمزة الرملي، فقيه شافعي من رملة المنوفية قرب منية العطار بمصر، له: فتح الجواد بشرح منظومة ابن العماد، وحاشية على شرح الروض، وغير ذلك، توفي سنة سبع وخمسين وتسعمائة. يُنظر: شذرات الذهب (8/ 359)، والموسوعة الفقهية الكويتية (1/ 352).
(4)
حاشية الرملي على أسنى المطالب (4/ 108).
(5)
هو شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي، المقدسي ثم الصالحي، مفتي الحنابلة بدمشق، كان إمامًا بارعًا أصوليًا فقيهًا محدثًا ورعًا، له: كتاب الإقناع جرد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد، وشرح المفردات، وزاد المستقنع، وغير ذلك، توفي سنة ستين وتسعمائة. يُنظر: شذرات الذهب (8/ 327).
(6)
الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (4/ 292).
(7)
حاشية ابن عابدين (1/ 549).
(8)
الذخيرة للقرافي (10/ 23)، ومقدمة ابن خلدون (ص 192).
(9)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5)، وروضة الطالبين (10/ 43)، وأسنى المطالب (4/ 108)، ومغني المحتاج (4/ 129)، وحاشية قليوبي على شرح جلال الدين المحلى، شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ (4/ 174).
(10)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 19)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (10/ 234)، والإقناع في فقه الإمام أحمد (4/ 292)، ودليل الطالب لنيل المطالب (1/ 322)، وكشاف القناع (6/ 159)، وشرح منتهى الإرادات (دقائق أولي النهى لشرح المنتهى)، للبهوتي، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثانية 1996 م (3/ 387).
(11)
المحلى لابن حزم (1/ 45)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 72).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1).
• وجه الدلالة: أن طاعتهم فرع وجودهم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (2).
• ثانيًا: السنة: الدليل الأول: حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما: "لا يَحِلُّ لِثَلاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلاةٍ من الْأًرْضِ إلا أَمَّرُوا عليهم أَحَدَهُمْ"(3). ومثله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خَرَجَ ثَلَاثَة في سَفَرٍ فَلْيُوَمِّرُوا أَحَدَهُمْ"(4). وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان ثَلَاثَة في سَفَرٍ فَلْيُوَمِّرُوا أَحَدَهُمْ"(5).
• وجه الدلالة: أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع؛ لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"أوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع"(6).
الدليل الثاني: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"(7). أي: بيعة الإمام.
• وجه الدلالة: أن البيعة واجبة في عنق المسلم، والبيعة لا تكون إلا لإمام،
(1) سورة النساء، الآية (59).
(2)
يُنظر: الذخيرة للقرافي (10/ 23).
(3)
تقدم تخريجه (61).
(4)
تقدم تخريجه (61).
(5)
تقدم تخريجه (61).
(6)
السياسة الشرعية (ص 136).
(7)
تقدم تخريجه (ص 61).