الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُؤْمِنِينَ} (1).
• وجه الدلالة: ينهى اللَّه -تعالى- عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين (2).
• ثانيًا السنة: حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، ويُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ:"إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّه فِيهِ بُرْهَانٌ"(3).
• وجه الدلالة: أنه بكفر الإمام تنخرم وظيفته الأساسية، ويبطل مقصودها من حراسة الدين وسياسة الدنيا؛ فوجب عزله.
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم وجود المخالف.
[53/ 53] لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق
• المراد بالمسألة: اختلف أهل العلم فيما إذا انعقدت الإمامة لعدل ثم طرأ عليه فسق، فمن قائل باستدامة العقد ما لم يصل به الفسق إلى ترك الصلاة أو الكفر، ومن قائل بأنه يستحق العزل وتنتقض بيعته، وفصل آخرون في قول ثالث.
بَيْدَ أنه من المستقر عليه أنه ليس كل من استحق العزل يُعزل، وإنما مدار الأمر على فقه السياسة الشرعية، والمصالح المبتغاة من ذلك، وعظيم الأضرار التي ستنجم بالبلاد والعباد فيما لو فشلت محاولة عزله، وبالأحرى فإن كانت ثمة فتنة أكبر لم يجز عزله، ألا ترى أنه لا يجوز إنكار المنكر بمنكر أعظم منه؟
أما إذا أمنت الفتنة، وقدر على عزله بوسيلة لا تؤدي إلى فتنة، فحالئذ يتولى أهل الحل والعقد القيام بعزله، أليسوا هم الذين دشنوا معه عقد الإمامة؟ فهم الذين يملكون نقضه.
(1) سورة آل عمران، الآية:(28).
(2)
تفسير ابن كثير (1/ 571).
(3)
تقدم تخريجه.
• من نقل الإجماع: أبو اليسر البزدوي (493 هـ) قال: "وجه قول أهل السنة والجماعة -في أن الإمام إذا جار أو فسق لا ينعزل- إجماع الأمة؛ فإنهم رأوا الفساق أئمة"(1) النووي (676 هـ) قال: "أجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق"، وقال -أيضًا-:"قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق، والظلم، وتعطيل الحقوق"(2)، نقله المباركفوري (1353 هـ) (3) ملا علي القاري (1014 هـ) قال:"أجمع أهل السنة على أن السلطان لا يُعزل بالفسق؛ لتهييج الفتن في عزله، وإراقة الدماء، وتفريق ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه"(4).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (5)، والمالكية (6)، وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي (7)، ومذهب الحنابلة (8)، والظاهرية -إن كف وآب إلى الحق- (9).
ونُسب إلى الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة التي حدثت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وهم: سعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد، وابن عمر، ومحمد بن مسلمة، رضي الله عنهم وأرضاهم (10). وهو قول الحسن البصري (11)، ومذهب عامة أهل الحديث.
(1) أصول الدين لأبي اليسر البزدوي (ص 196).
(2)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 229).
(3)
تحفة الأحوذي للمباركفوري (5/ 298).
(4)
مرقاة المفاتيح (7/ 227).
(5)
حاشية ابن عابدين (1/ 549)، والمسامرة في شرح المسايرة (ص 323).
(6)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 299)، والخرشي على مختصر خليل، دار الفكر، بيروت (8/ 60).
(7)
روضة الطالبين (10/ 48)، ومغني المحتاج (4/ 130).
(8)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 20)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، وكشاف القناع للبهوتي (6/ 160).
(9)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 135).
(10)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 135).
(11)
البداية والنهاية لابن كثير (9/ 135).
قال أبو يعلى: "ذكر شيخنا أبو عبد اللَّه في كتابه عن أصحابنا أنه لا ينخلع بذلك، أي: بفسق الأفعال، كأخذ الأموال وضرب الأبشار، ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه، وترك طاعته في شئ مما يدعو إليه من معاصي اللَّه تعالى"(1).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من الكتاب، والسنة، والآثار:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (2).
• وجه الدلالة: قال ابن تيمية: "والفاسق إذا أمر بما هو طاعة للَّه لم تحرم طاعة اللَّه، ولا يسقط وجوبها لأجل أمر ذلك الفاسق بها، كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه، ولا يسقط وجوب اتباع الحق لكونه قد قاله فاسق، فأهل السنة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقًا إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. . . فأمر بطاعة اللَّه مطلقًا، وأمر بطاعة الرسول؛ لأنه لا يأمر إلا بطاعة اللَّه، ومن يطع الرسول فقد أطاع اللَّه، وجعل طاعة أولي الأمر داخلة في ذلك"(3).
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث أم سلمة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "سَتَكُونُ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ من رضي وَتَابَعَ"، قالوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قال: "لَا، ما صَلَّوْا"(4).
• وجه الدلالة: أن ظلم الأمراء أو فسقهم لا يقتضي عزلهم والخروج عليهم، ما لم يغيروا شيئًا من قواعد الإسلام (5).
(1) المعتمد في أصول الدين لأبي يعلي (ص 243).
(2)
سورة النساء، الآية:(59).
(3)
منهاج السنة النبوية (3/ 229).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 243).
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّه في أُمَّةٍ قَبْلِي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ من بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بيده فَهُوَ مُوْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ"(1).
2 -
أخرج مسلم في صحيحه عن طَارِقِ بن شِهَاب أنه قال: أَوَّلُ من بَدَأَ بِالْخُطبَةِ يوم الْعِيدِ قبل الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إليه رَجُلٌ فقال: الصلَاةُ قبل الْخُطْبَةِ، فقال: قد تُرِكَ ما هنالك، فقال أبو سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه: أَمَّا هذا فَقَدْ قَضَى ما عليه، سمعت رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"(2).
• وجه الدلالة: في الحديثين أمر إيجاب لتغيير المنكر باليد لمن قدر على ذلك عند أئمة الجور (3).
ونوقش: بأن التغيير باليد لا يستلزم عزلهم وقتالهم، بل يكفي أن يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك (4).
ثانيًا: من فصّل من جهة فحوى الفسق: قسّم الماوردي الفسق المانع لعقد الإمامة واستدامتها على ضربين، فقال: "فأما الجرح في عدالته -وهو الفسق- فهو على ضربين:
أحدهما: ما تابع فيه الشهوة، والثاني: ما تعلق فيه بشبهة.
فأما الأول منهما فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو: ارتكابه للمحظورات،
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 22)، وجامع العلوم والحكم (ص 322).
(4)
جامع العلوم والحكم (ص 322).
2 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً (1) وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا"، قالوا: فما تَأْمُرُنَا يا رَسُولَ اللَّه؟ قال: "أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّه حَقَّكُمْ"(2).
• وجه الدلالة: فيه الأمر بألا ننزع يدًا من طاعة، ولا أن ننابذهم، بل نسأل اللَّه الذي لنا، ونقوم بالحق الذي علينا، وفيه استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة، فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرعية يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالصبر على هذا، وأن نقوم بما يجب، وأن نسأل اللَّه الذي لنا" (3).
3 -
حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ"، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: "يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَاي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَان إِنْسٍ"، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ"(4).
• وجه الدلالة: فيه الأمر بألا ننزع يدًا من طاعة، ولا أن ننابذهم، ما لم يأمروا بمعصية.
ونوقش: بأن أخذ مال مسلم أو ذمي بغير حق، وضرب ظهره بغير حق، إثم وعدوان وحرام، فالمُسَلِّم ماله للأخذ ظلمًا، وظهره للضرب ظلمًا، وهو يقدر على الامتناع من ذلك بأي وجه أمكنه، معاون لظالمه على الإثم والعدوان، وهذا حرام بنص القرآن (5).
(1) أثرة: أي يستأثر عليكم بالفيء. يُنظر: لسان العرب (4/ 8)(أثر).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
شرح رياض الصالحين، محمد بن صالح العثيمين (1/ 56) ح (51).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 133).
ونوقش: بأن ذلك في حال التغلب لا في حال الاختيار (1).
• من خالف الإجماع:
أولًا: القائلون بالعزل مطلقًا: الحنفية إن أمنوا وقوع الفتن (2)، والشافعي في القديم (3)، وإليه ذهب بعض أصحابه (4)، وهو قول بعض الحنابلة (5)، والظاهرية إن استمر على فسقه بعد نصحه (6)، والزيدية (7)، والمعتزلة (8)، والخوارج (9).
وذهب الجصاص إلى أنه مذهب أبي حنيفة، وقال:"لا فرق عند أبى حنيفة بين القاضي وبين الخليفة في أن شرط كل واحد منهما العدالة، وأن الفاسق لا يكون خليفة، ولا يكون حاكمًا، كما لا تقبل شهادته ولا خبره. . . وكيف يكون خليفة وروايته غير مقبولة وأحكامه غير نافذة؟ ! . . . "(10). ونقل عن الإمام مالك القول به (11).
ونُقل عن الإمام أحمد أنه قال: "من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامة، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا"(12).
(1) حاشية ابن عابدين (1/ 549).
(2)
حاشية ابن عابدين (1/ 549)، والمسامرة في شرح المسايرة، الكمال ابن أبي شريف، مطبعة السعادة، مصر، الطبعة الثانية 1347 هـ (ص 323).
(3)
نسبه الزبيدي إلى الشافعي في القديم. يُنظر: إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين (2/ 233).
(4)
مغني المحتاج (4/ 130)، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة (1/ 36).
(5)
الإنصاف للمرداوي (10/ 234).
(6)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 171).
(7)
البحر الزخار (16/ 103).
(8)
المغني في أبواب التوحيد والعدل (20/ 170)، وأصول الدين لأبي اليسر البزدوي (ص 190).
(9)
الفرق بين الفرق (ص 73)، وأصول الدين لأبي اليسر البزدوي (ص 190).
(10)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 86 وما بعدها).
(11)
أحكام القرآن لابن العربي (4/ 1721).
(12)
الذيل على طبقات الحنابلة (2/ 305).
وقال ابن حزم: "إن سلَّ السيوف في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك"(1).
واستدلوا بالكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب:
1 -
قول اللَّه -تعالى-: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (2).
• وجه الدلالة: أراد أن الظالم لا يكون إمامًا (3).
قال الجصاص: "فثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق"(4).
2 -
قول اللَّه -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (5).
• وجه الدلالة: أن السكوت على الإمام الفاسق، وعدم الخروج عليه، هو عين التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه، وإنكاره بعزله والخروج ونحوه من التعاون على البر والتقوى.
3 -
قول اللَّه -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (6).
4 -
قول اللَّه -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (7).
• وجه الدلالة: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفسق وجور الحاكم منكر عظيم.
(1) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 171).
(2)
سورة البقرة، الآية:(124).
(3)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 85).
(4)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 86).
(5)
سورة المائدة، الآية:(2).
(6)
سورة آل عمران، الآية:(110).
(7)
سورة آل عمران، الآية:(104).
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّه في أُمَّةٍ قَبْلِي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ من بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بيده فَهُوَ مُوْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ"(1).
2 -
أخرج مسلم في صحيحه عن طَارِقِ بن شِهَاب أنه قال: أَوَّلُ من بَدَأَ بِالْخُطبَةِ يوم الْعِيدِ قبل الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إليه رَجُلٌ فقال: الصلَاةُ قبل الْخُطْبَةِ، فقال: قد تُرِكَ ما هنالك، فقال أبو سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه: أَمَّا هذا فَقَدْ قَضَى ما عليه، سمعت رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"(2).
• وجه الدلالة: في الحديثين أمر إيجاب لتغيير المنكر باليد لمن قدر على ذلك عند أئمة الجور (3).
ونوقش: بأن التغيير باليد لا يستلزم عزلهم وقتالهم، بل يكفي أن يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك (4).
ثانيًا: من فصّل من جهة فحوى الفسق: قسّم الماوردي الفسق المانع لعقد الإمامة واستدامتها على ضربين، فقال: "فأما الجرح في عدالته -وهو الفسق- فهو على ضربين:
أحدهما: ما تابع فيه الشهوة، والثاني: ما تعلق فيه بشبهة.
فأما الأول منهما فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو: ارتكابه للمحظورات،
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 22)، وجامع العلوم والحكم (ص 322).
(4)
جامع العلوم والحكم (ص 322).