الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ"، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ" (1).
• وجه الدلالة: وجوب طاعة أولي الأمر ما أطاعوا اللَّه ولم يأمروا بمعصية.
النتيجة:
صحة الإجماع على وجوب طاعة الإمام وخدمته في كل ما أمر، وتحرم طاعته وخدمته فيما يأمر به إذا كان معصية.
[42/ 42] أحكام من ولاه الإمام نافذة
• المراد بالمسألة: اتفقوا أن أحكام من ولاه الإمام نافذة كأحكام الإمام.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "اتَّفَقُوا أن الإمام الْوَاجِب إمامته. . . وأحكامه وأحكام من ولَّى نافذة"(2)، نقله ابن القطان (628 هـ) (3). السيد البكري (4) (1302 هـ) قال:"أجمعت الأمة -كما قاله الأذرعي (5) - على تنفيذ أحكام الخلفاء الظلمة، وأحكام من ولوه"(6).
• من وافق على الإجماع: الحنفية (7)، والمالكية (8)،
(1) تقدم تخريجه.
(2)
مراتب الإجماع (1/ 126).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 61).
(4)
هو أبو بكر عثمان بن محمد شطا الدمياطي المشهور بالسيد البكري، الشافعي، نزيل مكة، له: حاشية إعانة الطالبين، والدرر البهية، وكفاية الأتقياء، وغير ذلك، توفي سنة اثنتين وثلاثمائة وألف. يُنظر: معجم المؤلفين (2/ 369).
(5)
هو أبو العباس أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد شهاب الدين الأذرعي، ولد بأذرعات الشام سنة ثمان وسبعمائة، وسمع من الحجار والمزي، وحضر عند الذهبي، وتفقه على ابن النقيب وابن جملة، وغيرهم، جمع التوسط والفتح بين الروضة والشرح في عشرين مجلدًا، وشرح المنهاج في غنية المحتاج وفي قوت المحتاج، توفي سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. يُنظر: الدرر الكامنة (1/ 145)، وطبقات الشافعية (3/ 141).
(6)
حاشية إعانة الطالبين (4/ 215).
(7)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 87)، وروضة القضاة وطريق النجاة (1/ 153).
(8)
انظر: مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل (8/ 94، 98)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 131).
والشافعية (1)، والحنابلة (2)، والظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بما يلي:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي"(4).
2 -
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بَعَثَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا! فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ في المَعْرُوفِ"(5).
• وجه الدلالة: لَمَّا كان الإمام منصوبًا لنوعين من المصالح: اللذين بهما انتظام الملة والمدن، وإنما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم لأجلهما، والإمام نائبه ومنفذ أمره، كانت طاعته طاعة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومعصيته معصية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إلا أن يأمر بالمعصية، فحينئذ ظهر أن طاعته ليست بطاعة اللَّه، وأنه ليس نائب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (6).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن أحكام من ولاه الإمام نافذة كأحكام الإمام.
(1) الحاوى الكبير للماوردي (16/ 41)، والأحكام السلطانية للماوردي (ص 30).
(2)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 62)، والمستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمعه ورتبه: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، الطبعة الأولى 1418 هـ (2/ 272).
(3)
المحلى لابن حزم (8/ 246).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
حجة اللَّه البالغة، شاه ولي اللَّه بن عبد الرحيم الدهلوي، تحقيق: سيد سابق، دار الكتب الحديثة، مكتبة المثنى، القاهرة/ بغداد (ص 739).