الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (1).
• وجه الدلالة: قال الشنقيطي: "فدل على أن الداعي إلى اللَّه لا بد أن يكون على بصيرة، وهي الدليل الواضح الذي لا لبس في الحق معه"(2).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (3).
• وجه الدلالة: قال أبو بكر الجصاص: "اقتضى ذلك نهي الإنسان عن أن يقول في أحكام اللَّه ما لا علم له به على جهة الظن والحسبان، وأن لا يقول في الناس من السوء ما لا يعلم صحته، ودل على أنه إذا أخبر عن غير علم فهو آثم في خبره، كذبًا كان خبره أو صدقًا، لأنه قائل بغير علم، وقد نهاه اللَّه عن ذلك"(4).
• ثانيًا: السنة: حديث عَمْرِو بن الْعَاصِ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّه لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ من الناس، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حتى إذا لم يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ الناس رؤوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"(5).
• وجه الدلالة: قال ابن حجر العسقلاني: "وفي هذا الحديث: الحث على حفظ العلم، والتحذير من ترئيس الجهلة، وفيه أن الفتوى هي الرياسة الحقيقية، وذم من يقدم عليها بغير علم"(6).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[141/ 141] عدم اشتراط العصمة في المحتسب
• المراد بالمسألة: أجمع المسلمون على أنه لا يُشترط فيمن يقوم على أمر
(1) سورة يوسف، الآية:(108).
(2)
أضواء البيان (1/ 463).
(3)
سورة الإسراء، الآية:(36).
(4)
أحكام القرآن للجصاص (5/ 29).
(5)
أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (1/ 28) رقم (85)، ومسلم، كتاب العلم، باب: رفع العلم وقبضه (4/ 2058) رقم (2673).
(6)
فتح الباري لابن حجر (1/ 195).
الحسبة أن يكون معصومًا.
• من نقل الإجماع: الغزالي (505 هـ) قال: "هل يُشترط في الاحتساب أن يكون متعاطيه معصومًا عن المعاصي كلها؟ فإن شرط ذلك فهو خرق للإجماع، ثم حسم لباب الاحتساب؛ إذ لا عصمة للصحابة فضلًا عمن دونهم"(1). ابن تيمية (728 هـ) قال: "اتفقوا كلهم على أنه ليس أحد معصومًا في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(2).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من الكتاب، والسنة.
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (8).
• وجه الدلالة: لم يأمر اللَّه -جل وعلا- بالرد عند التنازع إلا إلى اللَّه والرسول، ولو كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لأمرهم بالرد إليه؛ فدل القرآن أن لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم (9).
(1) إحياء علوم الدين (2/ 312).
(2)
مجموع فتاوى ابن تيمية (20/ 211).
(3)
الدر المختار (1/ 548)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).
(4)
الفواكه الدواني (1/ 323).
(5)
روضة الطالبين (10/ 42)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج (7/ 409)، وحاشية قليوبي (4/ 174).
(6)
الإنصاف للمرداوي (10/ 234)، ودليل الطالب لنيل المطالب (1/ 322)، وكشاف القناع (6/ 159).
(7)
المحلى لابن حزم (1/ 45)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 72).
(8)
سورة النساء، الآية:(59).
(9)
يُنظر: منهاج السنة النبوية (3/ 226).
الدليل الثاني: قال اللَّه -تعالى-: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} (1)، وقال -تعالى-:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (2).
• وجه الدلالة: دل القرآن -في غير موضع- على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة، ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر، ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد وإن قُدِّر أنه أطاع من ظن أنه معصوم، فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فرَّق اللَّه به بين أهل الجنة وأهل النار، وبين الأبرار والفجار، وبين الحق والباطل، وبين الغي والرشاد، والهدى والضلال، وجعله القسيم الذي قسَّم اللَّه به عباده إلى شقي وسعيد، فمن اتبعه فهو السعيد، ومن خالفه فهو الشقي، وليست هذه المرتبة لغيره، فهو المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى (3).
• ثانيًا: السنة: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّمَا الطَّاعَة في المَعْرُوفِ"(4)، وفي رواية:"لَا طَاعَةَ في مَعْصِيَةِ اللَّه"(5)، ومثله حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لَا طَاعَة لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخالق"(6)، وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّه فَلَا تُطِيعُوه"(7).
• وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه وتعالى لم يأمر بطاعة مطلقة، بل اشترط فيها أن تكون في غير معصيته، وهذا يُبيّن أن لا معصوم من المخلوقين إلا من عصم اللَّه من الأنبياء والمرسلين (8).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
(1) سورة النساء، الآية:(69).
(2)
سورة الجن، الآية:(23).
(3)
ينظر: منهاج السنة النبوية (6/ 116).
(4)
تقدم تخريجه (ص 113).
(5)
تتمة الحديث السابق في رواية مسلم.
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
تقدم تخريجه.
(8)
يُنظر: منهاج السنة النبوية (3/ 229).