الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• ثانيًا: المعقول:
1 -
لتعذر مباشرته لجميع الأمور؛ لئلا يشتغل عن التدبير بأعظم من ذلك (1).
2 -
ولأن منزلة العمال من الوالي، بمنزلة السلاح من المقاتل، والرجال والآلات للصناع لا يسد بعضها مسد بعض، فمنهم للرأي والمشورة، ومباشرة الحرب، وجمع المال، والحجابة، والدعاء والعلم والفتيا، لا يقوم للملك ملك، ما لم تجتمع هذه الطبقات (2).
3 -
ولأنهم يقومون مقام الإمام في حراسة الدين وسياسة الدنيا في أمصارهم.
4 -
ولتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطة والأموال بالأمناء محفوظة (3).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن للإمام أن يتخير العمال بكل أفق، ويتفقد أحوالهم وأمورهم.
[77/ 77] ليس على الإمام أن يشخص الناس لأخذ صدقات أموالهم
• المراد بالمسألة: يشخص: يذهب، والشخوص: السير من بلد إلى بلد (4).
وقد اتفقوا على أن الإمام ليس عليه أن يشخص الناس ليأخذ صدقات أموالهم، وإنما يوجه عماله إليهم.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (319 هـ) قال: "أجمعوا على أن الزكاة كانت تدفع لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولرسله وعماله، وإلى من أمر بدفعها إليه"(5). نقله ابن القطان (628 هـ)(6). ونقل ابن القطان (628 هـ) حكاية صاحب الإيجاز (7)
(1) بدائع السلك في طبائع الملك (1/ 335).
(2)
بدائع السلك في طبائع الملك (1/ 334).
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 23).
(4)
لسان العرب (7/ 46)(شخص).
(5)
الإجماع لابن المنذر (ص 48).
(6)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 194).
(7)
ذكر محقق الإقناع أن كتاب الإيجاز -وهو أحد المصادر التي اعتنى بها ابن القطان واعتمد عليها في كتابه- لم يتم الوقوف عليه لفقده أو ضياعه. ينظر: الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 26).
للإجماع حيث قال: "والعلماء متفقون في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يشخص الناس ليأخذ صدقات أموالهم، وأنه كان يوجه عماله إليهم، وعلى هذا جرت سنة أئمة المسلمين إلى غايتنا هذه"(1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} (7).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "أمر اللَّه -تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخُذَ من أموالهم صدقَة يطهرهم ويزكيهم بها، وهذا عام"(8).
ونوقش: بأن هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا يلتحق غيره فيه به.
وأجيب عن ذلك: بما قاله ابن العربي: "هذا كلام جاهل بالقرآن، غافل عن مأخذ الشريعة، متلاعب بالدين، متهافت في النظر؛ فإن الخطاب في القرآن لم يرد بابًا واحدًا، ولكن اختلفت موارده على وجوه، منها في غرضنا هذه ثلاثة:
الأول: خطاب توجه إلى جميع الأمة، كقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (9)، وكقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
(1) الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 194).
(2)
بدائع الصنائع (2/ 7)، وتبيين الحقائق (1/ 282)، وحاشية ابن عابدين (2/ 312).
(3)
انظر: الذخيرة للقرافي (3/ 134)، والشرح الكبير للدردير (1/ 503)، وحاشية الدسوقي (1/ 508).
(4)
الأم للشافعي (2/ 70)، وروضة الطالبين (2/ 310)، ومغني المحتاج (1/ 413).
(5)
المغني في فقه الإمام أحمد (2/ 504)، والإنصاف للمرداوي (3/ 137)، والإقناع للحجاوي (1/ 283).
(6)
مراتب الإجماع (ص 37).
(7)
سورة التوبة، الآية:(103).
(8)
تفسير ابن كثير (4/ 207).
(9)
سورة المائدة، الآية:(6).
الصِّيَامُ} (1) ونحوه.
الثاني: خطاب خص به النبي صلى الله عليه وسلم كقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (2)، وكقوله في آية الأحزاب:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (3)، فهذان مما أفرد النبي صلى الله عليه وسلم بهما، ولا يشركه فيهما أحد، لفظًا ومعنى؛ لما وقع القول به كذلك.
الثالث: خطاب خص به النبي صلى الله عليه وسلم قولًا، ويشركه فيه جميع الأمة معنى وفعلًا، كقوله:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (4)، وكقوله:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} (5)، وكقوله:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (6).
فكل من دلكت عليه الشمس مخاطب بالصلاة، وكذلك كل من قرأ القرآن مخاطب بالاستعاذة، وكذلك كل من خاف يقيم الصلاة بتلك الصفة، ومن هذا القبيل قوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، فإنه صلى الله عليه وسلم الآمر بها، والداعي إليها، وهم المعطون لها" (7).
• ثانيًا: السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه حين بَعَثَهُ إلى الْيَمَنِ: ". . . فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقَةً، تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ على فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لك بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ"(8).
• وجه الدلالة: قال ابن حجر: "قوله: "تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ" استُدِل به على أن
(1) سورة البقرة، الآية:(183).
(2)
سورة الإسراء، الآية:(79).
(3)
سورة الأحزاب، الآية:(50).
(4)
سورة الإسراء، الآية:(78).
(5)
سورة النحل، الآية:(98).
(6)
سورة النساء، الآية:(102).
(7)
أحكام القرآن لابن العربي (2/ 567).
(8)
تقدم تخريجه.