الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الشافعي رحمه الله فذهب إلى أنها غنيمة يجب قسمتها على المجاهدين بعد إخراج الخمس مستدلًا بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} .
فدل ذلك على أن ما سوى الخمس للغانمين كما قال {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} فدل على أن ما سوى الثلث للأب (1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[178/ 178] جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب
• المراد بالمسألة: أجمع العلماء على أنه يجوز لأهل الجهاد إذا دخلوا دار الحرب أن يأكلوا طعامهم، ويعلفوا دوابهم، ما أقاموا في دارهم، ولا يحتسب من سهمهم.
• من نقل الإجماع: أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) قال: "قال اللَّه -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ. . .} (2) الآية. ظاهره أن يكون الجميع غنيمة، إلا أنهم متفقون على إباحة أكل الأطعمة هناك، وإعلاف الدواب منها، فخص ذلك من الآية، وحكم العموم باق فيما عداها"(3) ابن عبد البر (463 هـ) قال: "أجمع العلماء على أن أكل الطعام في دار الحرب مباح، وكذلك العلف، ما داموا في دار الحرب"(4) القاضي عياض (544 هـ) قال: "أجمع علماء المسلمين على إجازة كل طعام الحربيين، ما دام المسلمون فى دار الحرب، يأخذون منه قدر حاجتهم"(5). نقله النووي (676 هـ)(6) وملا علي القاري
(1) ينظر: الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي، لأبي الحسن محمد بن حبيب البصري الماوردي، تحقيق الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان الطبعة الأولى، 1419 هـ (14/ 260)، أضواء البيان (2/ 66)
(2)
سورة الأنفال، الآية:(41).
(3)
مختصر اختلاف العلماء (3/ 463).
(4)
التمهيد لابن عبد البر (2/ 19).
(5)
إكمال المعلم (6/ 57).
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 102).
(1014 هـ)(1)، والعظيم آبادي (بعد 1310 هـ) (2) موفق الدين ابن قدامة (620 هـ) قال:"أجمع أهل العلم -إلا من شذ منهم- على أن للغزاة إذا دخلوا أرض الحرب أن يأكلوا مما وجدوا من الطعام، ويعلفوا دوابهم من أعلافهم"(3). نقله شمس الدين ابن قدامة (682 هـ)(4) محمد بن عبد الوهاب (1206 هـ) قال: "وأجمعوا -إلا من شذ- أن الغزو إذا دخلوا أرض الحرب أن لهم أن يأكلوا من طعامهم، ويعلفوا دوابهم من علفهم"(5).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9)، والظاهرية (10).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب والسنة والمعقول:
• أولا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (11).
• وجه الدلالة: أباح اللَّه -جل وعلا- الأكل من طعامهم.
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ"(12).
(1) مرقاة المفاتيح (7/ 520).
(2)
عون المعبود (7/ 264).
(3)
المغني في فقه الإمام أحمد (9/ 223).
(4)
الشرح الكبير لابن قدامة (10/ 467).
(5)
مختصر الإنصاف والشرح الكبير (1/ 379).
(6)
المبسوط للسرخسي (10/ 25)، وتبيين الحقائق (3/ 252).
(7)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (7/ 127)، وأحكام القرآن لابن العربي (1/ 395)، والذخيرة (3/ 418).
(8)
الأم للشافعي (4/ 263)، والحاوي الكبير (14/ 167)، والمهذب (2/ 240).
(9)
الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 284)، وشرح الزركشي (3/ 198).
(10)
المحلى لابن حزم (7/ 455).
(11)
سورة المائدة، الآية:(5).
(12)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب: ما يصيب من الطعام في أرض الحرب (4/ 95) رقم (3154).
قال ابن قدامة: "فمن أخذ من الطعام شيئًا مما يقتات أو يصلح به القوت من الأدم وغيره أو العلف لدابته فهو أحق به، وسواء كان له ما يستغني به عنه، أو لم يكن له، ويكون أحق بما يأخذه من غيره، فإن فضل منه ما لا حاجة به إليه رده على المسلمين؛ لأنه إنما أبيح له ما يحتاج إليه، وإن أعطاه أحد من أهل الجيش ما يحتاج إليه جاز له أخذه، وصار أحق به من غيره"(1).
2 -
حديث عبد اللَّه بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قال: "أَصَبْتُ جِرَابًا من شَحْمٍ يوم خَيْبَرَ، فَالْتَزَمْتُهُ، فقلت: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا من هَذَا شَيْئًا، قال: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم مُتَبَسِّمًا"(2).
• وجه الدلالة: قال ابن العربي: "قال علماؤنا: تبسم النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه رأى حقًّا من أخذ الجراب، وحقًّا من الاستبداد به دون الناس، ولو كان ذلك لا يجوز لم يتبسم منه، ولا أقره عليه؛ لأنه لا يقر على الباطل إجماعًا"(3).
• ثالثًا: المعقول:
1 -
لأن الحاجة تدعو إلى هذا، وفي المنع منه مضرة بالجيش وبدوابهم، فإنه يعسر عليهم نقل الطعام والعلف من دار الإسلام، ولا يجدون بدار الحرب ما يشترونه، ولو وجدوه لم يجدوا ثمنه.
2 -
ولا يمكن قسمة ما يأخذه الواحد منهم، ولو قسم لم يحصل للواحد منهم شيء ينتفع به ولا يدفع به حاجته، فأباح اللَّه -تعالى- لهم ذلك (4).
• المخالفون للإجماع: شذ ابن شهاب الزهري عن الإجماع ومنع من إباحة الطعام للغزاة ما داموا في أرض الغزو. وسبب ذلك أنه ظن معارضة الآثار التي
(1) المغني في فقه الإمام أحمد (9/ 223).
(2)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب: ما يصيب من الطعام في أرض الحرب (4/ 95) رقم (3153)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب: جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب (3/ 1393) رقم (1772) واللفظ له.
(3)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 395).
(4)
المغني في فقه الإمام أحمد (9/ 223).
جاءت في تحريم الغلول للآثار الواردة في إباحة أكل الطعام (1).
قال ابن عبد البر: "وقد روي عن الزهري أنه قال: لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الإمام. وهذا لا أصل له؛ لأن الآثار المرفوعة تخالفه، ولم يقل به فيما علمت غيره"(2).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لشذوذ المخالف.
(1) بداية المجتهد (1/ 288).
(2)
التمهيد لابن عبد البر (2/ 19).