الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ما روي عن عمرو بن شعيب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقطع أناسًا من مزينة أو جهينة أرضًا فعطلوها، فجاء قوم فأحيوها، فقال عمر رضي الله عنه:"لو كانت قطيعة مني أو من أبي بكر لرددتها، ولكن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ". قال: وقال عمر: "من عطل أرضًا ثلاث سنين لم يعمرها، فجاء غيره فعمرها، فهي له"(1).
قال ابن حجر: "كأن مراده بالتعطيل أن يتحجرها، ولا يحوطها ببناء ولا غيره"(2).
4 -
جاء بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاستقطعه أرضًا، فأقطعها له طويلة عريضة، فلما وُلِّي عمر رضي الله عنه قال له:"يا بلال، إنك استقطعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرضًا طويلة عريضة، فقطعها لك، وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يمنع شيئًا يُسأله، وأنت لا تطيق ما في يديك"، فقال: أجل، فقال:"فانظر ما قويت عليه منها فأمسكه، وما لم تطق وما لم تقو عليه فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين"، فقال: لا أفعل واللَّه شيئًا أقطعنيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال عمر:"واللَّه لتفعلن"، فأخذ منه ما عجز عن عمارته، فقسمه بين المسلمين (3).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[183/ 183] لا ينتزع الإمام الأرض ممن أحياها ما لم تكن معدنًا
• المراد بالمسألة: أجمع العلماء على أن من أحيا أرضًا مواتًا، ليس فيها معدن ظاهر، فإنه يملكها ويحق له التصرف فيها، ولا يجوز للإمام أن ينتزعها منه، ولا أن يقطعها لأحد غيره.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "واتفقوا أن من ملك أرضًا محياة ليست معدنًا، فليس للإمام أن ينتزعها منه ولا أن يقطعها غيره"(4) ابن عبد البر (463 هـ) قال: "لا خلاف بين العلماء أن الإمام لا يجوز له إقطاع ما قد ملك
(1) أخرجه يحيى بن آدم القرشي في الخراج، باب التحجير (ص 102) رقم (287).
(2)
فتح الباري (5/ 20).
(3)
أخرجه يحيى بن آدم القرشي في الخراج، باب التحجير (ص 107) رقم (294).
(4)
مراتب الإجماع (ص 95).
بإحياء، أو غيره مما يصح به الملك" (1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بما يلي:
1 -
حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعمر أرضًا لَيْسَتْ لِأحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ"(7).
2 -
حديث أَبْيَضَ بن حَمَّال رضي الله عنه: "أَنَّهُ وَفَدَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ الذي بِمَأرِبَ، فَقَطَعَهُ له، فلما أَنْ وَلَّى قال رَجُلٌ من المَجْلِسِ: أَتَدْرِي ما قَطَعْتَ له؟ إنما قَطَعْتَ له المَاءَ الْعِدَّ (8)! قال: فَانْتَزَعَ منه"(9).
قال ملا علي القاري: "ومن ذلك عُلِم أن إقطاع المعادن إنما يجوز إذا كانت باطنة لا يُنال منها شيء إلا بتعب ومؤنة، كالملح والنفط والفيروزج والكبريت ونحوها، وما كانت ظاهرة يحصل المقصود منها من غير كد وصنعة لا يجوز إقطاعها، بل الناس فيها شرع، كالكلأ ومياه الأودية، وأن الحاكم إذا حكم ثم ظهر أن الحق في خلافه ينقض حكمه، ويرجع عنه"(10).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
(1) الاستذكار (3/ 146).
(2)
المبسوط للسرخسي (23/ 181)، وتبيين الحقائق (6/ 35)، وحاشية ابن عابدين (6/ 432).
(3)
الذخيرة للقرافي (6/ 147)، وبلغة السالك (4/ 6)، ومنح الجليل (8/ 74).
(4)
الأم للشافعي (4/ 44)، والحاوي الكبير (7/ 499).
(5)
المغني في فقه الإمام أحمد (5/ 333)، والإنصاف للمرداوي (6/ 362).
(6)
مراتب الإجماع (ص 95).
(7)
تقدم تخريجه.
(8)
الماء العد: أي الدائم الذي لا ينقطع، والمقصود: أن الملح الذي قطعت له هو كالماء العد في حصوله من غير عمل وكد. يُنظر: عون المعبود (8/ 219).
(9)
أخرجه أبو داود، ، باب: إقطاع الأرضين (3/ 174) رقم (3063)، والترمذي، ، باب: ما ذكر في إحياء الموات (3/ 664) رقم (1380).
(10)
مرقاة المفاتيح (6/ 174).