الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من بعده" (1).
• ثانيًا: السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بَعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فيها، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا أثني عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا"(2).
• وجه الدلالة: قال النووي: "فيه إثبات النفل، وهو مجمع عليه"(3).
وقال البغوي: "وفيه دليل على أنه يجوز للإمام أن ينفل بعض الجيش؛ لزيادة غناء وبلاء منهم في الحرب، يحضهم به من بين سائر الجيش؛ لِمَا يصيبهم من المشقة، ويجعلهم أسوة الجماعة في سهمان الغنيمة"(4).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[174/ 174] التنفيل يكون من الخمس المخصص للإمام
• المراد بالمسألة: أجمع العلماء على أن النفل يكون من الخمس المخصص للإمام.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: "واتفقوا أن للإمام أن يعطى من سدس الخمس من رأى إعطاءه صلاحًا للمسلمين"(5) نقله ابن القطان (628 هـ)(6) ابن حجر العسقلاني (852 هـ) قال: "قال سعيد بن المسيب: كان الناس يعطون النفل من الخمس. قلت: وظاهره اتفاق الصحابة على ذلك"(7).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (8)، والمالكية (9)، والأصح عند
(1) السيل الجرار (1/ 259).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 54).
(4)
شرح السنة (11/ 112).
(5)
مراتب الإجماع (ص 114).
(6)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 346).
(7)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (6/ 241).
(8)
المبسوط للسرخسي (10/ 49)، والهداية شرح البداية (2/ 149)، والبحر الرائق (5/ 99).
(9)
انظر: المدونة الكبرى (2/ 30)، والكافي في فقه أهل المدينة (1/ 476)، وأحكام القرآن لابن العربي (2/ 381).
الشافعية (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بالكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (3).
• وجه الدلالة: قال الجصاص: "فجعل بهذه الآية أربعة أخماس الغنيمة للغانمين، والخمس للوجوه المذكورة، ونسخ به ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأنفال، إلا ما كان شرطه قبل إحراز الغنمية، نحو أن يقول: من أصاب شيئًا فهو له، ومن قتل قتيلًا فله سلبه"(4).
• ثانيًا: السنة: الدليل الأول: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بَعَثَ النبي سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فيها، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثني عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا"(5).
• وجه الدلالة: قال الجصاص: "فبين في هذا الحديث سهمان الجيش، وأخبر أن النفل لم يكن من جملة الغنيمة، وإنما كان بعد السهمان، وذلك من الخمس"(6).
وقال ابن حجر: "أضاف الاثني عشر إلى سهامهم، فكأنه أشار إلى أن ذلك قد تقرر لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم، فيبقى للنفل من الخمس"(7).
ونوقش: بأن ذلك يحمل على أن نفلهم من أربعة أخماس الغنيمة، لا الخمس. ألا ترى أنه لو أعطى جميع الجيش لا يعد ذلك نفلًا، وكان قد قسم
(1) الأم للشافعي (4/ 143)، وروضة الطالبين (6/ 369).
(2)
إحكام الأحكام (4/ 235).
(3)
سورة الأنفال، الآية:(41).
(4)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 230).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 232).
(7)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (6/ 240).
لهم أكثر من أربعة أخماس الغنيمة؟ (1)
الدليل الثاني: حديث عَمْرو بْنَ عَبَسَةَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلَى بَعِيرٍ مِنَ المَغْنَمِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْب الْبَعِيرِ، ثُمَّ قَالَ:"لَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ مِثْلُ هَذَا إِلَّا الخُمُسُ، وَالخُمُسُ مَرْدُوَدٌ فِيكُمْ"(2).
• وجه الدلالة: قال الجصاص: "فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن جائز التصرف إلا في الخمس من الغنائم، وأن الأربعة الأخماس للغانمين، وفي ذلك دليل على أن ما أحرز من الغنيمة فهو لأهلها، لا يجوز التنفيل منه"(3).
• من خالف الإجماع: اختلف العلماء في النفل هل هو من أصل الغنيمة، أو من الخمس، أو من خمس الخمس، أو مما عدا الخمس، على أقوال: واختلفت الرواية عن الشافعي في ذلك، فروي عنه أنه من أصل الغنيمة، وروي عنه أنه من الخمس، وروي عنه أنه من خمس لخمس، والأصح عند الشافعية أنه من خمس الخمس.
وذهب الحنابلة إلى أن النفل من أصل الغنيمة، وإلى ذلك ذهب الهادوية.
وقال مالك وطائفة: لا نفل إلا من الخمس.
وقال الخطابي: أكثر ما روي من الأخبار يدل على أن النفل من أصل الغنيمة.
وقال ابن عبد البر: إن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه، فذلك من الخمس لا من رأس الغنيمة، وإن انفردت قطعة فأراد أن ينفلها مما غنمت دون سائر الجيش، فذلك من غير الخمس، بشرط أن لا يزيد على الثلث (4).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
(1) المغني في فقه الإمام أحمد (9/ 184).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 232).
(4)
نيل الأوطار (8/ 106).