الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
ما روي أن دهقانة من أهل نهر الملك أسلمت، فقال عمر رضي الله عنه:"ادفعوا إليها أرضها، تؤدي عنها الخراج"(1).
3 -
ما روي أن دهقانًا أسلم، فقام إلى علي رضي الله عنه، فقال له علي رضي الله عنه:"أما أنت فلا جزية عليك، وأما أرضك فلنا"(2).
• وجه الدلالة: قال ابن القيم: "وهذا يدل على أن الإسلام لا يُسقط الخراج المضروب على الأرض، فإن شاء المسلم أن يقيم بها أقام بها، وإن شاء نزل عنها فسلمها إلى ذمي بالخراج، فإذا كانت الأرض خراجية ثم أسلم أقرت في يده بالخراج، وهو إجارة حكمها حكم سائر الإجارات"(3).
النتيجة:
صحة الإجماع؛ لعدم المخالف.
[156/ 156] يجتمع العشر والخراج على أرض العنوة إذا أسلم صاحبها وبلغت غلتها النصاب
• المراد بالمسألة: ما فُتح عنوة، ووقف على المسلمين، وضُرِب عليه خراج معلوم، فإنه يُؤدى الخراج من غلته، ويُنظر في باقيها: فإن كان نصابًا ففيه الزكاة إذا كان لمسلم. وإن لم يبلغ نصابًا، أو بلغ نصابًا ولم يكن لمسلم، فلا زكاة فيه؛ فإن الزكاة لا تجب على غير المسلمين (4).
فيجتمع العشر مع الخراج في حق من أسلم وبيده أرض خراجية، وقد أجمع المسلمون على ذلك.
• من نقل الإجماع: أبو عبيد القاسم بن سلام (244 هـ) قال: "ولا نعلم أحدًا من الصحابة قال: لا يجتمع عليه العشر والخراج"(5).
(1) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب أهل الكتاب، باب: ما أخذ من الأرض عنوة (6/ 102) رقم (10132)، وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الجهاد، في الرجل يسلم وله أرض (4/ 404) رقم (21533).
(2)
أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص 60) رقم (124).
(3)
أحكام أهل الذمة (ص 305).
(4)
المغني لابن قدامة (2/ 312).
(5)
الأموال (ص 116).
• الموافقون على الإجماع: المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، والظاهرية (4).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة والآثار:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (5).
• وجه الدلالة: قال البغوي: "قيل: هذا أمر بإخراج العشور من الثمار والحبوب. واتفق أهل العلم على إيجاب العشر في النخيل والكروم، وفيما يقتات من الحبوب، إن كان مسقيًّا بماء السماء، أو من نهر يجري الماء إليه من غير مؤنة، وإن كان مسقيًّا بساقية أو بنضح ففيه نصف العشر"(6).
• ثانيًا: السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أو كان عَثَرِيًّا (7) الْعُشْرُ، وما سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"(8).
• وجه الدلالة: الحديث واضح الدلالة في وجوب العشر على ما يخرج في أراضي المسلمين (9).
(1) بداية المجتهد (1/ 180)، ومواهب الجليل (2/ 278).
(2)
الحاوي الكبير (3/ 252)، والمجموع شرح المهذب (5/ 453).
(3)
الكافي في فقه ابن حنبل (1/ 308)، والإنصاف للمرداوي (3/ 113)، والروض المربع (1/ 378).
(4)
المحلى (5/ 248).
(5)
سورة البقرة، الآية:(267).
(6)
تفسير البغوي (1/ 254).
(7)
العثري: هو النخل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة، وقيل: ما يسقى سيحًا، وقيل: ما سُقي بماء السيل والمطر، وأجري إليه الماء من المسايل. لسان العرب (4/ 541)(عثر).
(8)
أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء (2/ 126) رقم (1483).
(9)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 183).
قال ابن قدامة -في اجتماع الخراج مع العشر-: "هما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم، فجاز اجتماعهما، كالكفارة والقيمة في الصيد الحرمي المملوك"(1).
• المخالفون للإجماع: خالف الحنفية جمهور العلماء وذهبوا إلى عدم اجتماع الخراج والعشر على المسلم.
• واستدلوا بما يلي:
1 -
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما فتح السواد وضع على الأرض الخراج، ولم يأخذ العشر من الخارج، وذلك بمشاورة الصحابة وبموافقتهم إياه عليه، فصار ذلك إجماعًا من السلف، وعليه مضى الخلف، ولو جاز اجتماعهما لجمعهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه (2).
ونوقش: بأنه ليس في أرض أهل الذمة صدقة، إنما قال اللَّه -تعالى-:{صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (3)، فأي طهرة للمشركين؟ ! (4) قال ابن حزم:"وهذا تمويه بارد؛ لأن عمر رضي الله عنه إنما ضرب الخراج على أهل الكفر، ولا زكاة تؤخذ منهم، فإن ادعى أن عمر لم يأخذ الزكاة ممن أسلم من أصحاب أرض الخراج فقد كذب جدًّا، ولا يجد هذا أبدًا، ومن ادعى أن عمر أسقط الزكاة عنهم كمن ادعى أنه أسقط الصلاة عنهم، ولا فرق"(5).
2 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-قال: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أو كان عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وما سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"(6).
قال الجصاص: "وذلك إخبار بجميع الواجب في كل واحد منهما، فلو وجب الخراج معه لكان ذلك بعض الواجب؛ لأن الخراج قد يكون الثلث أو
(1) المغني لابن قدامة (2/ 312).
(2)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 183).
(3)
سورة التوبة، الآية:(103).
(4)
المغني لابن قدامة (2/ 312).
(5)
المحلى (5/ 248).
(6)
تقدم تخريجه.
الربع، وقد يكون قفيزًا ودرهمًا، وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّر العشر إلى النصف؛ لأجل المؤنة التي لزمت صاحبها، فلو لزم الخراج في الأرض لزم سقوط نصف العشر الباقي؛ للزوم مؤنة الخراج، ولكان يجب أن يختلف حكم ما تغلظ فيه المؤنة، وما تخلف فيه، كما خالف النبي صلى الله عليه وسلم بين ما سقته السماء وبين ما سقي بالناضح لأجل المؤنة" (1).
3 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ من حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ من حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ من حَيْثُ بَدَأْتُمْ"(2).
قال الجصاص: "ومعناه: ستمنع، ولو كان العشر واجبًا لاستحال أن يكون الخراج ممنوعًا منه والعشر غير ممنوع؛ لأن من منع الخراج كان للعشر أمنع، وفي تركه ذكر العشر دلالة على أن لا عشر في أرض الخراج"(3).
ونوقش: بما قاله ابن حزم: "مثل هذا ليس لإيراده وجه، إلا ليحمد اللَّه -تعالى- من سمعه على خلاصه من عظيم ما ابتلوا به من المجاهرة بالباطل ومعارضة الحق بأغث ما يكون من الكلام، وليت شعري في أي معقول وجدوا أن كل شريعة لم تُذكر في هذا الحديث فهي ساقطة؟ ! وهل يقول هذا من له نصيب من التمييز؟ وهل بين من أسقط الزكاة لأنها لم تُذكر في هذا الخبر فرف وبين من أسقط الصلاة والحج؛ لأنهما لم يُذكرا في هذا الخبر؟ !
وحتى لو صح لهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قصد بهذا الخبر ذكر ما يجب في هذه الأرضين، ومعاذ اللَّه من أن يصح هذا، فهو الكذب البحت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ لِمَا في ذلك إسقاط سائر حقوق اللَّه -تعالى- عن أهلها، وليس في الدنيا حديث انتظم ذكر جميع الشرائع أولها عن آخرها، نعم ولا سورة أيضًا، وإنما قصد عليه السلام في هذا الحديث الإنذار بخلاء أيدي المفتتحين لهذه البلاد
(1) أحكام القرآن للجصاص (4/ 183).
(2)
تقدم تخريجه (ص 529).
(3)
أحكام القرآن للجصاص (4/ 183).