الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول مسائل الإجماع في الحسبة
[123/ 123] وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
• المراد بالمسألة: اتفاق الأمة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• من نقل الإجماع: أبو الحسن الأشعري (324 هـ) قال: "أجمعوا على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(1) ابن حزم (456 هـ) قال: "اتفقت الأمة كلها على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بلا خلاف من أحد منهم"(2) أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بالإجماع"(3) نقله عنه أبو عبد اللَّه المواق (897 هـ)(4) ابن القطان (628 هـ) قال: "أجمع المسلمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب"(5) النووي (676 هـ) قال: "تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة"(6).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9)،
(1) رسالة إلى أهل الثغر، لأبي الحسن الأشعري، تحقيق: عبد اللَّه شاكر المصري، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنور، الطبعة الأولى 1409 هـ (ص 295).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 132).
(3)
الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ص 368).
(4)
التاج والإكليل لمختصر خليل (3/ 348).
(5)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 306).
(6)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 22).
(7)
انظر: أحكام القرآن للجصاص (2/ 315)، وعمدة القاري (6/ 280)، وبدائع الصنائع (1/ 276)، وتحفة الأحوذي (6/ 327).
(8)
التمهيد لابن عبد البر (10/ 259)، وتفسير القرطبي (6/ 344)، وأضواء البيان (1/ 460).
(9)
حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، أبو بكر ابن السيد محمد شطا الدمياطي، دار الفكر، بيروت (4/ 182)، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني (2/ 450)، وفيض القدير (6/ 131).
والحنابلة (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع: استدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
• أولًا: الكتاب: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (3).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "المقصود من هذه الآية: أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه"(4).
الدليل الثاني: قول اللَّه -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (5).
• وجه الدلالة: في الآية مدحٌ لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا التغيير، وتواطؤوا على المنكر، زال عنهم المدح، ولحقهم الذم، وكان ذلك سببًا لهلاكهم (6).
الدليل الثالث: قول اللَّه -تعالى-: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} (7).
• وجه الدلالة: ذم اللَّه -جل وعلا- بني إسرائيل لتركهم النهي، وكذا من بعدهم يُذم إذا فعل فعلهم (8).
• ثانيًا السنة: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من
(1) المغني لابن قدامة (2/ 121)، وجامع العلوم والحكم (ص 320).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 132)، والمحلى لابن حزم (1/ 27).
(3)
سورة آل عمران، الآية:(104).
(4)
تفسير ابن كثير (1/ 391).
(5)
سورة آل عمران، الآية:(110).
(6)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (4/ 173).
(7)
سورة المائدة، الآية:(78).
(8)
يُنظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/ 253).
رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَان" (1).
• وجه الدلالة: قال النووي: "أما قوله صلى الله عليه وسلم: "فَلْيُغَيِّرْهُ" فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة"(2).
• من خالف الإجماع: خالف الرافضة قول الإجماع في هذه المسألة، وزعموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موقوفان على ظهور الإمام (3).
واستدلوا بقول اللَّه -تعالى-: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (4).
وقالوا: إن ظاهر الآية يدل على ترك الأمر بالمعروف.
وأجيب عن ذلك: بما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: "يا أَيُّهَا الناس إِنَّكُمْ تقرؤون هذه الْآيَةَ وَتَضَعُونَهَا على غَيْرِ موضعها: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، وإنَّا سَمِعْنَا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الناس إذا رَأوْا الظَّالِمَ فلم يَأْخُذُوا على يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّه بِعِقَابٍ"، وإنَي سمعت رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من قَوْم يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالمَعَاصِي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ على أَنْ يُغَيِّرُوا، ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا، إلا يُوشِكُ انْ يَعُمَّهُمْ اللَّه منه بِعِقَابٍ" (5).
قال أبو المعالي الجويني: "ولا يكترث بقول من قال من الروافض: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موقوفان على ظهور الإمام. فقد أجمع المسلمون قبل أن ينبغ هؤلاء على التواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوبيخ تاركيه مع الاقتدار عليه"(6).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 22).
(3)
الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ص 368)، ومواهب الجليل (3/ 396).
(4)
سورة المائدة، الآية:(105).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ص 368).