الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يُعتد بخلاف الشيعة الإمامية، وكيف يُعتد بخلافهم ولم يستقم لهم ثمة دليل واحد فيما زعموه؟ ! ! !
النتيجة:
صحة الإجماع على أنه لا يشترط أن يكون الإمام معصومًا.
[17/ 17] أن يكون الإمام قرشيًا
• المراد بالمسألة: أن الإمامة العظمى مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد إجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم.
• من نقل الإجماع: أبو منصور البغدادي (429 هـ) قال: "وحاصل الخبر وإجماع الصحابة دليلين على أن الخلافة لا تصلح لغير قريش، ولا اعتبار بخلاف من خالف الإجماع بعد حصوله"(1). ابن بطال (449 هـ) قال: "ومما يدل على كون الإمام قرشيًّا اتفاق الأمة في المصدر الأول وبعده من الأعصار على اعتبار ذلك في صفة الإمام قبل حدوث الخلاف في ذلك، فثبت أن الحق في اجتماعها وإبطال قول من خالفها"(2) الماوردي (450 هـ) قال في شروط الإمام: "أن يكون من قريش؛ لورود النص فيه، وانعقاد الإجماع عليه"(3) أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: "فالشرط أن يكون الإمام قرشيًّا، ولم يخالف في اشتراط النسب غير ضرار بن عمرو (4)، وليس ممن يُعتبر خلافه ووفاقه"(5) القاضي عياض (544 هـ) قال: "الخلافة لقريش، وهو مذهب كافة المسلمين وجماعتهم"(6)، نقله النووي
(1) أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص 276).
(2)
شرح صحيح البخارى لابن بطال (8/ 211).
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5).
(4)
هو ضرار بن عمرو القاضي المعتزلي، له مقالات خبيثة، كان يقول:"يمكن أن يكون جميع من يظهر الإسلام كفارًا في الباطن؛ لجواز ذلك على كل فرد منهم في نفسه". قال الإمام أحمد: "شهدت على ضرار عند سعيد بن عبد الرحمن القاضي فأمر بضرب عنقه فهرب". وقد نسب إليه وإلى حفص الفرد طائفة الضرارية، وهي إحدى أصناف الجبرية. يُنظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 91)، وميزان الاعتدال في نقد الرجال (3/ 450).
(5)
غياث الأمم (ص 62)، ويُنظر: فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي (ص 180).
(6)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 214).
(676 هـ)(1) والعراقي (2)(806 هـ)(3) وابن حجر العسقلاني (852 هـ)(4) والشوكاني (1250 هـ)(5) الشهرستاني (548 هـ) قال: "الأمة أجمعت على أنها -أي: الإمامة- لا تصلح لغير قريش"(6) ابن قدامة (620 هـ) قال: "أجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعي الزكاة بعد الخلاف، وعلى أن الأئمة من قريش"(7) الآمدي (631 هـ) قال: "وأجمعوا على اشتراط القرشية، ولم يوجد له نكير، فصار إجماعًا مقطوعًا به"(8). نقله الوشتاني الأبي المالكي (827 هـ)(9) أبو العباس القرطبي (656 هـ) قال: "استقر أمر الخلافة والملك في قريش شرعًا ووجودًا. . . ولم يخالف فيه أحدٌ، وهو إجماع السَّلف والخلف"(10) التفتازاني (11)(793 هـ) قال: "واتفقت الأمة على اشتراط كونه -أي: الإمام- قرشيًّا"(12) أحمد بن يحيى المرتضى (840 هـ) قال: "لنا إجماع
(1) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 200)، ويُنظر: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص 283)، ومغني المحتاج (4/ 130)، وغمز عيون البصائر (4/ 148).
(2)
هو عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، زين الدين أبو الفضل العراقي، أخذ عن ابن التركماني، والإسنوي، وعنه ابنه ولي الدين، ونور الدين الهيثمي، وابن حجر، وغيرهم، له النكت على ابن الصلاح، وخرج أحاديث الإحياء، وغير ذلك، توفي سنة ست وثمانمائة. يُنظر: البدر الطالع (1/ 354)، وطبقات الشافعية (4/ 29).
(3)
طرح التثريب في شرح التقريب (8/ 79).
(4)
فتح الباري لابن حجر (13/ 118).
(5)
السيل الجرار (1/ 937).
(6)
الملل والنحل، للشهرستاني (1/ 143).
(7)
روضة الناظر وجنة المناظر (ص 146).
(8)
غاية المرام في علم الكلام (ص 384).
(9)
إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم (5/ 160).
(10)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/ 6).
(11)
هو مسعود بن عمر بن عبد اللَّه سعد الدين التفتازاني الشافعي، ولد سنة ثنتي عشرة وسبعمائة، له شرح العقائد في أصول الدين، والمقاصد في أصول الدين وشرحها، والتلويح في أصول فقه الحنفية، وغير ذلك، توفي سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. يُنظر: الدرر الكامنة (6/ 112)، وطبقات المفسرين للداودي (ص 301).
(12)
شرح المقاصد في علم الكلام (5/ 245)، ويُنظر: مقدمة ابن خلدون (ص 194).
الصحابة على اعتبار النسب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ"(1)(2). ابن أمير الحاج (879 هـ) قال: "احتجاج أهل الإجماع على أن من شرط الإمام أن يكون قرشيًّا"(3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بأدلة من السنة:
1 -
حديث معاوية رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ هَذَا الأَمْرَ في قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أَقَامُوا الدِّينَ"(9).
2 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَزَالُ الأَمْرُ في قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ"(10).
(1) أخرجه أحمد (3/ 129) رقم (12329)، والنسائي في الكبرى، كتاب القضاء، باب: الأئمة من قريش (3/ 467) رقم (5942)، والطبراني في الكبير، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة الزهراء، الموصل، الطبعة الثانية 1404 هـ (1/ 252) رقم (725)، والحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، ذكر فضائل القبائل (4/ 85) رقم (6962) من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (6/ 378).
(3)
التقرير والتحبير في شرح التحرير (1/ 240).
(4)
الدر المختار (1/ 548)، وبريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).
(5)
الفواكه الدواني (1/ 323)، وأضواء البيان (1/ 24).
(6)
الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5)، وغياث الأمم (ص 65)، وروضة الطالبين (10/ 42)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج (7/ 409)، وحاشية قليوبي (4/ 174).
(7)
الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 20)، والإنصاف للمرداوي (10/ 234)، والإقناع للحجاوي (4/ 292)، ودليل الطالب لنيل المطالب (1/ 322)، وكشاف القناع (6/ 159).
(8)
المحلى لابن حزم (1/ 45)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 72).
(9)
أخرجه البخاري، كتاب الحكام، باب: الأمراء من قريش (7139).
(10)
أخرجه البخاري، كتاب الحكام، باب: الأمراء من قريش (7140)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: الناس تبع لقريش والخلافة في قريش (1820).
3 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ في هَذَا الشَّأْن، مُسْلِمُهُمْ تبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تبَعٌ لِكَافِرِهِمْ"(1).
4 -
حديث أبي بكر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "قُرَيْشٌ وُلاةُ هَذَا الأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ"(2).
5 -
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ"(3).
• وجه الدلالة: قال النووي: "هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرَّض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة"(4).
• من خالف الإجماع: الخوارج (5)، وجمهور المعتزلة (6)، وبعض المرجئة، وقالوا: إن الإمامة جائزة في كل من قام بالكتاب والسنة قرشيًّا كان أو عربيًّا أو
(1) أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب: قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} (3495)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: الناس تبع لقريش والخلافة في قريش حديث (1818).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (1/ 198) رقم (18) من طريق حميد بن عبد الرحمن عن أبي بكر رضي الله عنه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 191):"ورجاله ثقات، إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر". ويشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قبله وهو متفق عليه، فهو صحيح لغيره.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 200).
(5)
قال أبو منصور البغدادي في أصول الدين (ص 275): "ولهذا بايعوا نافع بن الأزرق، ثم لقطري ابن الفجاءة، ولنجدة، وعطية، وليس واحد منهم قرشيًّا".
(6)
قال الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 89): "والمعتزلة وإن جوزوا الإمامة في غير قريش إلا أنهم لا يجوزون تقديم النبطي على القرشي".
ابن عبد (1). وذهب ضرار بن عمرو الغطفاني إلى أن الإمامة تصلح في غير قريش حتى إذا اجتمع قرشي ونبطي قدمنا النبطي؛ إذ هو أقل عددا وأضعف وسيلة فيمكننا خلعه إذا خالف الشريعة (2).
واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب، والسنة:
• أولًا: الكتاب: قول اللَّه -تعالى-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (3).
• وجه الدلالة: أن معيار الأفضلية عند اللَّه بالتقوى لا بالنسب، فمن كان أتقى كان أكرم على اللَّه، فكان أولى بالإمامة (4).
• ثانيًا: السنة:
1 -
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حبشي كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ"(5).
2 -
حديث أم الحصين رضي الله عنه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع ويقول: "وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَاب اللَّه، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا"(6).
• وجه الدلالة: أن اللَّه قد أمر بطاعة رسوله فمن عصاه فقد عصى أمر اللَّه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بطاعة الأمير، فمن عصاه فقد عصى اللَّه ورسوله. ولا خلاف في وجوب طاعة الأمراء فيما لا يخالف أمر اللَّه وما لم يأمر بمعصية (7).
(1) يُنظر: الملل والنحل (1/ 91)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 74).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 74).
(3)
سورة الحجرات، الآية:(13).
(4)
يُنظر: أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص 192).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
شرح صحيح مسلم للقاضي عياض، تحقيق يحيي إسماعيل، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1998 م. (6/ 240)
ونوقش: بأن ذلك محمول على غير الإمامة العظمى أو محمول على الحث في بذل الطاعة للإمام (1).
قال الخطابي: "قد يُضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح منه الوجود، كقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسجِدًا وَلَوْ مَفْحَصَ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ له بَيْتًا في الجَنَّةِ" (2)، وقدر مفحص قطاة لا يكون مسجدًا لشخص آدمي"(3). وقال الشنقيطي: "فالجواب من أوجه:
الأول: أنه قد يُضرب المثل بما لا يقع في الوجود، فإطلاق العبد الحبشي لأجل المبالغة في الأمر بالطاعة، وإن كان لا يُتصور شرعًا أن يلي ذلك.
الوجه الثاني: أن المراد باستعمال العبد الحبشي أن يكون مؤمرًا من جهة الإمام الأعظم على بعض البلاد -وهو أظهرها- فليس هو الإمام الأعظم.
الوجه الثالث: أن يكون أُطلق عليه اسم العبد نظرًا لاتصافه بذلك سابقًا، مع أنه وقت التولية حرٌّ، ونظيره إطلاق اليتم على البالغ باعتبار اتصافه به سابقًا في قول اللَّه -تعالى-:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} (4).
وهذا كله فيما يكون بطريق الاختيار، أما لو تغلب عبدٌ حقيقة بالقوة فإن طاعته تجب؛ إخمادًا للفتنة، وصونًا للدماء، ما لم يأمر بمعصية" (5).
3 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَخْرُجَ رَجُلٌ من قَحْطَان يَسُوقُ الناس بِعَصَاهُ"(6).
(1) مغني المحتاج (4/ 130)، وحاشية الجمل (10/ 6).
(2)
تقدم تخريجه (ص 92).
(3)
معالم السنن للخطابي (4/ 300).
ويُنظر أيضًا: عمدة القاري (24/ 224)، وفتح الباري لابن حجر (13/ 122).
(4)
سورة النساء، الآية:(2).
(5)
أضواء البيان (1/ 27).
(6)
أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب ذكر قحطان (4/ 183) رقم (3517)، ومسلم، كتاب الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت (4/ 2232) رقم (2910).
4 -
حديث ذي مِخْمَرٍ الحبشي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كَانَ هَذَا الأمْرُ في حِمْيَرَ، فَنَزَعَهُ اللَّه- عز وجل منهم، فَجَعَلَهُ في قُرَيْشٍ، وسَيَعُودُ إِلَيْهِمْ"(1).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن الإمامة العظمى مختصة بقريش.
(1) أخرجه أحمد في المسند (4/ 91) رقم (16873)، وفيه:"وس ي ع ود إ ل ي هـ م" قال عبد اللَّه: "كَذَا كان في كِتَاب أبي مُقَطَّعٌ"، والطبراني في الكبير (4/ 234) رقم (4227). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 193):"رواه أحمد والطبراني باختصار الحروف، ورجالهم ثقات"، وقال ابن حجر في الفتح (13/ 117):"وسنده جيد، وهو شاهد قوي لحديث القحطاني، فإن حمير يرجع نسبها إلى قحطان، وبه يقوى أن مفهوم حديث معاوية: "ما أقاموا الدين": أنهم إذا لم يقيموا الدين خرج الأمر عنهم".